تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فاجتمع شمل العلماء وقرروا إنشاء جمعية تناهض أهداف المستعمر الفرنسي، وجعلوا لها شعارًا يعبر عن اتجاههم ومقاصدهم هو: "الإسلام ديننا، والعربية لغتنا، والجزائر وطننا"، وذلك يوم يوم الثلاثاء 17 من شهر ذي الحجة عام 1349 هـ الموافق لـ الخامس من ماي 1931 م بنادي الترقي بالجزائرالعاصمة، وتشكّلت من أبرز العلماء الجزائريين في هذه الفترة منهم: عبد الحميد بن باديس، البشير الإبراهيمي، الطيب العقبي، العربي التبسي، مبارك الميلي، الامين العمودي، الفضيل الورتلاني، رودوسي محمود، محمد عبابسة الاخضري، الزاهري ... .وترأس اللجنة التأسيسية السيد عمران إسماعيل، وتمّ تعين مجلس إداري من 13 عضو ورغم غياب الشيخ عبد الحميد بن باديس إلاّ أنه انتخب رئيسا للجمعية، وأختير الشيخ البشير الإبراهيمي نائبا له، وتحصلت الجمعية على الاعتماد من طرف الإدارة الفرنسية نظرا لليونة برنامجها و قد حدّدت جمعية العلماء برنامجها في قانونها الأساسي الذي تضمّن 24 فصلا تناول فيها الخطوط العريضة لعمل الجمعية (أنظر جريدة البصائر، السنة 1، العدد46، ص:2).

و قد لبّى الدعوة وحضر الاجتماع التأسيسي أكثر من سبعين عالما, من مختلف جهات الجزائر، ومن شتى الاتجاهات الدينية والمذهبية "وهي تشمل على المصلحين والطرقيين والمالكيين والإباضيين. لم ينظر فيها إلى مذهب دون آخر، ولا إلى طريقة دون غيرها. ولا غاية للمصلحين، ولا أمل لهم غير الاتفاق والاتحاد، نظراً لأن الجمعية جمعية علماء، وهي أقرب الناس إلى الحق، وأعرف الناس بطرق التفاهم" (البصائر، س1، ع46، ص: 2.)

أما السبب من وراء عدم حضور ابن باديس الاجتماع التأسيسي للجمعية من الأول, فيوضحه الشيخ محمد خير الدين أحد المؤسسين الذي حضر الجلسات العامة والخاصة لتأسيس الجمعية, يقول في مذكراته الجزء 1 ص 79 ط: م. و.ك: "كنت أنا والشيخ مبارك الميلي في مكتب ابن باديس بقسنطينة يوم دعا الشيخ أحد المصلحين (محمد عبابسة الاخضري) وطلب إليه أن يقوم بالدعوة إلى تأسيس (جمعية العلماء المسلمين الجزائريين) في العاصمة وكلفه أن يختار ثلة من (جماعة نادي الترقي) الذين لا يثير ذكر أسمائهم شكوك الحكومة, أو مخاوف أصحاب الزوايا, وتتولى هذه الجماعة توجيه الدعوة إلى العلماء لتأسيس الجمعية (في نادي الترقي بالعاصمة) حتى يتم الاجتماع في هدوء وسلام, وتتحقق الغاية المرجوة من نجاح التأسيس. ويقول الشيخ خير الدين: "وأسر إلينا ابن باديس أنه سوف لا يلبي دعوة الاجتماع ولا يحضر يومه الأول حتى يقرر المجتمعون استدعاءه ثانية بصفة رسمية, لحضور الاجتماع العام, فيكون بذلك مدعوا لا داعيا, وبذلك يتجنب ما سيكون من ردود فعل السلطة الفرنسية وأصحاب الزوايا, ومن يتحرجون من كل عمل يقوم به ابن باديس".

وتمت صياغة القانون الأساسي للجمعية تبعًا لنظام وقواعد الجمعيات المبينة بالقانون الفرنسي المؤرخ بغرة جويلية سنة 1901 م، وقد جاء في مائة وسبع وأربعين مادة، وأقره المجلس بعد إجراء تعديلات بسيطة عليه، وعرض بعدها على الجمعية العامة، فصادقت عليه بالإجماع، وقررت ترجمته إلى اللغة الفرنسية، ليقدم للحكومة التي صادقت عليه ووافقت عليه بعد خمسة عشر يوما فقط من تقديمه.

وتظهر أهداف الجمعية من خلال قانونها الأساسي ومن خلال نشاطات أعضائها و كتاباتهم. وفي مقدمة هذه الأهداف، المحافظة على الدين الإسلامي ومحاربة الخرافات والبدع و إحياء اللغة العربية وآدابها و تمجيد التاريخ الإسلامي وآثاره،وقد شهد لها بهذا حتى المعارضين لأفكارها فالسيد فرحات عباس (أول رئيس للحكومة المؤقتة الجزائرية و أحد دعاة الاندماج مع فرنسا) في كتابه " ليل الاستعمار ص 122: أشار إلى أن أهداف الجمعية تمثلت " في تجديد الإسلام، والصراع ضد المرابطين (الطرقيين المنحرفين) أداة الاستعمار وتكوين إطارات الثقافة العربية".

(يتبع إن شاء الله ... ).

-------

الهامش:

ليس جديدا الحديث عن موقف الغرب من الاسلام فالحروب الصليبية ومن ثم ما سمي بـ المسالة الشرقية وعمليات تفكيك آخر الأمبراطوريات الإسلامية بضرب مسلميها بعضهم بالبعض الآخر لم تزل أحاديث تردد ووثائق تنشر وليست غائبة عن ذهن أحد.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير