تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ [الزمر:30]، أي: ستموت: أَفَإِينْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ [آل عمران:144]، إذاً: الموت يقع عليه كما وقع على جميع الأنبياء، والخلاف في الذي لم يمت في الحقيقة هو عيسى عليه الصلاة والسلام، كما دل القرآن عليه حيث قال تعالى: بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ [النساء:158]، إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ [آل عمران:55]، علماً أن طائفة من المفسرين يقولون: قوله: (إني رافعك إلي) فيه تقديم وتأخير في المعنى لا في اللفظ، أي: رافعك ومتوفيك، فالله عز وجل رفعه إلى السماء وتوفاه، ويوم القيامة قبل أن تقوم الساعة حينما يخرج المسيح الدجال ينزله الله عز وجل إلى الأرض، ويقتل الدجال، ويكسر الصليب .. كما جاء في الحديث. إذاً: موت الأنبياء موت حقيقي، لكن حياتهم برزخية، وقد حرم على الأرض أن تأكل أجسادهم كما جاء ذلك في الحديث، أما الموت فإنه كتبه الله عز وجل على كل كائن حي بما في ذلك المرسلون عليهم الصلاة والسلام، وفي يوم القيامة يموت كل شيء حتى الملائكة، وآخر من يموت حملة العرش بعد أن يموت ملك الموت، ويفني الله عز وجل هذا العالم كله؛ لأن الله تعالى يقول: كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ [القصص:88]، كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ [الرحمن:26]، فالذين يقولون: محمد غير ميت وهو حي، هم في الحقيقة يكفرون بالقرآن، ويكفرون بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من عند الله عز وجل من الكتاب والسنة، ويكذبون الرسول صلى الله عليه وسلم في بشريته حينما قال: (ألا أنما أنا بشر)، فلم يخلق من نور، وإنما خلق من لحم ودم، وهذا معنى بشر، وليس هو أول المخلوقات؛ لأن أول مخلوقات البشر هؤلاء هو آدم عليه الصلاة والسلام، كما أخبر الله عز وجل: إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً [البقرة:30]. وكل هذه من شطحات الصوفية الذين ضلوا الطريق، وأضلوا كثيراً من الناس في أيامنا الحاضرة وعبر سنين طويلة، وسوف يسألون يوم القيامة بين يدي الله عز وجل عن كل من ضل على أيديهم، وعن كل ما افتروه على الله عز وجل، وكذبوا به رسوله صلى الله عليه وسلم، بالرغم من أنهم يزعمون أنهم يحبون الرسول صلى الله عليه وسلم أكثر من غيرهم. وعلى هذا نفهم قوله تعالى: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5]، أن الاستعانة أيضاً كالعبودية، وهذا نفهم منه أن الاستعانة نوع من العبادة، بل هي جزء مهم من جزئيات العبادة؛ لأن الله عز وجل ذكرها بعد العبودية مباشرة، وبالرغم من أنها جزء من جزئيات العبودية إلا أنها أصل من أصول العبودية لله عز وجل، الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (وإذا استعنت فاستعن بالله)، لا تسأل غير الله عز وجل، وذلك كله مرتبط بقوله تعالى: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)، أي: الاستعانة يجب أن تكون لله عز وجل وحده لا شريك له.

تفسير قوله تعالى: (اهدنا الصراط المستقيم)

ثم بعد ذلك بدأ الدعاء الذي يقول الله عز وجل عنه: (ولعبدي ما سأل)، في قوله تعالى في النصف الثاني: اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ [الفاتحة:6]، و (اهْدِنَا) لا بد أن تقرأ بهذا اللفظ؛ لأن هناك من العامة من يقرؤها: (أَهدنا) نعوذ بالله! وهذه القراءة تزيل اللفظ رأساً على عقب، وهي أيضاً تحريف في كتاب الله عز وجل، ولا يعذر الإنسان في ذلك، بل يجب أن يتعلم سورة الفاتحة من أولها إلى آخرها، بحركاتها وسكناتها، فإن من قرأ: (أهدنا) فيكون المعنى من الهدية، فالصلاة تعتبر غير صحيحة، سواء قرأها الإمام أو قرأها المنفرد أو المأموم، فلا بد أن يقرأها بهذا اللفظ: (اهْدِنَا)؛ لأن (اهْدِنَا) من الهداية، وهنا المطلوب الهداية، ومعنى (اهْدِنَا) أي: دلنا على الصراط المستقيم، ولا شك أن الذي يقرؤها ممن دله الله عز وجل على الصراط المستقيم، فكيف يقول: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ)، وهو ما وقف يصلي بين يدي الله عز وجل إلا بعد أن اهتدى إلى الصراط المستقيم؟ فنقول: إن لها معنيين: أي: دلنا على الصراط المستقيم، وإذا اهتدينا إليه ثبتنا عليه، ويكون معنى (اهدنا) بالنسبة للمسلم وهو يقرؤها أي: اهدنا إليه هداية تامة مطلقة؛ لأن هناك من يزعم ويظن أنه على الصراط المستقيم، لكنه ضل الطريق، كما قلت لكم في غلاة الصوفية الذين انحرفوا عن الطريق، وكما

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير