تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[شعبان بين السنة والبدعة ..]

ـ[عبدالله المعيدي]ــــــــ[19 Aug 2007, 02:36 م]ـ

الحمد لله الذي أكمل لنا الدين وأتم علينا به النعمة، ورضي لنا الإسلام دينًا، أحمده سبحانه وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا.

أما بعد: فإن الله سبحانه وتعالى تواب رحيم، غني كريم، شرع لعباده مواسم وأياما وأنواعًا من العبادات تكفَّر بها ذنوبهم، وتمحَى بها خطاياهم؛ ومن تلك والأوقات المباركة و التي يغفل الناس كثير من الناس عنها .. (شهر شعبان!!)

والواجب على المسلم العاقل الفطن أن يستغل تلك الأوقات المباركة .. ويزداد فيها تشمير المؤمن وحرصه على الطاعة حين غفلة الناس ..

وهذه وقفة يسيرة حول هذه الأيام ..

وقد يكون أحد الإخوة كتب عنها ولكن أردت التنبيه عليها بشيء من البسط.

أسال الله تعالى أن ينفع بها من يشاء من عباده ..

المسالة الأولى:

كثرة صيامه صلى الله عليه وسلم في شعبان:

عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم، وما رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر إلا رمضان، وما رأيته أكثر صياماً منه في شعبان ([1]).

قال ابن حجر: "وفي الحديث دليل على فضل الصوم في شعبان" ([2]).

قال ابن رجب: "وأما صيام النبي صلى الله عليه وسلم من أشهر السنة فكان يصوم من شعبان ما لا يصوم من غيره من الشهور" ([3]).

وقال الصنعاني: "وفيه دليل على أنه يخصُّ شعبان بالصوم أكثر من غيره" ([4]).

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان أحبَّ الشهور إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصومه شعبانُ ثم يصله برمضان ([5]).

قال السبكي: "أي: كان صوم شعبان أحبّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من صوم غيره من بقية الشهور التي كان يتطوع فيها بالصيام" ([6]).

لطيفة من لطائف أهل العلم يقولون:

إن الصيام قبل رمضان صيام شعبان والإكثار منه والصيام بعد رمضان كصيام الست من شوال بمثابة القبلية والبعدية في الفروض, فكما أن القبلية والبعدية أفضل من مطلق النافلة, فكذلك الصيام قبل رمضان وبعده أفضل من مطلق الصيام.

المسألة الثانية:

الحكمة في إكثاره صلى الله عليه وسلم الصيام في شعبان:

عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: قلت: يا رسول الله، لم أرك تصوم شهراً من الشهور ما تصوم من شعبان؟ قال: ((ذاك شهر يغفل الناس عنه، بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم)).

قال ابن رجب في بيان وجه الصيام في شعبان: "وفيه معانٍ، وقد ذكر منها النبي صلى الله عليه وسلم إلى أنه لما اكتنفه شهران عظيمان: الشهر الحرام وشهر الصيام، اشتغل الناس بهما عنه، فصار مغفولاً عنه، وكثير من الناس يظنُّ أن صيام رجب أفضل من صيامه لأنه شهر حرام، وليس كذلك" ([23]).

قال: "وفي قوله: ((يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان)) إشارة إلى أن بعض ما يشتهر فضله من الأزمان أو الأماكن أو الأشخاص قد يكون غيره أفضل منه، إما مطلقاً، أو لخصوصية فيه لا يتفطن لها أكثر الناس، فيشتغلون بالمشهور عنه، ويفوِّتون تحصيل فضيلة ما ليس بمشهور عندهم" ([24]).

والمعنى الثاني المذكور في الحديث هو أن شهر شعبان ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فكان صلى الله عليه وسلم يحبّ أن يُرفع عمله وهو صائم ([25]).

وذكروا لذلك معنى آخر وهو التمرين لصيام رمضان، قال ابن رجب: "وقد قيل في صوم شعبان معنى آخر، وهو أن صيامه كالتمرين على صيام رمضان، لئلا يدخل في صوم رمضان على مشقة وكلفة، بل يكون قد تمرن على الصيام واعتاده، ووجد بصيام شعبان قبله حلاوة الصيام ولذّته، فيدخل في صيام رمضان بقوة ونشاط" ([26]).

المسألة الثالثة:

هل يشرع صيام شعبان كله:

عن عائشة رضي الله عنها قالت: لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يصوم شهراً أكثر من شعبان، وكان يصوم شعبان كله ([7]).

وفي رواية: ولم أره صائماً من شهر قط أكثر من صيامه من شعبان، كان يصوم شعبان كله، كان يصوم شعبان إلا قليلاً ([8]).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير