تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[أوربا: انتصار للمعرفة العلمية .. أم عودة لوثنية (تعدد الآلهة)؟]

ـ[مرهف]ــــــــ[13 Oct 2007, 02:02 م]ـ

[أوربا: انتصار للمعرفة العلمية .. أم عودة لوثنية (تعدد الآلهة)؟]

زين العابدين الركابي

لا يجوز أن يكون الرب الخالق (واحدا)!! فهذا الجواز أو الاعتقاد يتعارض مع العقل والعلم. ويهدر ـ من ثم ـ حقوق الانسان في الحقل المعرفي! .. هذا ما قيل و (تقرر) منذ أيام في عصرنا هذا، وعالمنا هذا .. نعم في عصرنا هذا (القرن الحادي والعشرين)، وليس في عصور (تعدد الآلهة والأرباب): جيا: ربة الأرض .. وكاوس: رب الفضاء .. وإيروس: رب التناسل والمحبة والزوجية .. إلى آخر أرباب الأوليمب، وفي مقدمتهم زيوس: رب الأرباب بزعمهم!! ولنوثق هذه (الظاهرة الاعتقادية العصرية) ونردها إلى مصادرها ودعاتها. فقضية كبيرة كهذه لا يصح ـ منهجيا ـ مناقشتها ومجادلة اصحابها من دون عزو وتوثيق .. ففي أوائل اكتوبر الجاري: وُضعت (نظرية الخلق) وعقيدة (الخالق الواحد) على جدول أعمال برلمان المجلس الأوربي. وقد رفض هذا المجلس ـ بأغلبية 47 صوتا ضد 25 صوتا ـ أن يكون للكون (خالق واحد) .. وسبّب رفضه بقوله: «هناك تعارض علمي مع نظرية الخالق الواحد التي ترد كل الخلق إلى الله، وتتناقض من ثم مع نظرية تطور الأنواع في الحياة والبيئة بواسطة قوانين الانتقاء أو الاصطفاء الطبيعي» .. ثم خطا مجلس البرلمان الأوربي خطوة عملية أو فنية حيث طالب بإلغاء نظرية الخلق الإلهية من مناهج العلوم والتدريس في المدارس، وعلل طلبه بأن هذه العقيدة «تتعارض مع حقوق الانسان والحقوق العلمية للمخترعين»!

الطرح صاخب مثير: جد صاخب ومثير، ومع ذلك فإنه لا يصلح إلا (الرصانة العقلية)، وإلا (الهدوء العلمي) لتناول مثل هذه القضايا المعرفية والفكرية والاعتقادية .. واستصحابا لهذه ـ اللوازم العقلانية والعلمية، نلقي سؤالين محوريين رئيسين هما:

1 ـ هل ما قرره مجلس البرلمان الأوربي هو (حنين): نفسي وفكري إلى عهود (تعدد الأرباب والآلهة) التي كانت سائدة قبل سطوع أنوار عقيدة التوحيد التي هتف بها أنبياء الله والتي انتقلت إلى أوربا، ولاسيما عقيدة موسى بن عمران وعيسى بن مريم عليهما السلام؟ .. هل هو (حنين) إلى عهود الوثنية الغابرة و (الشرك القديم): حنين يتزمل اليوم في (أثواب) العلم والمعرفة وحقوق الابداع والاكتشاف والاختراع؟ .. الجواب الأقرب الى الموضوعية والمعقولية الواقعية هو: ان هذا الاتجاه الأوربي (الظلامي الجديد) إنما هو (حنين) الى تلك التصورات الوثنية في مسألة الخلق والايجاد، بل ان بعض تلك التصورات كانت (أرقى) من مقولات برلمانيين أوربيين يعيشون في القرن الحادي والعشرين .. فمشركو العرب ـ مثلا ـ كانوا يؤمنون بأن (الخالق واحد): «ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله» .. «ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله» .. بيد أن أزمة هؤلاء المشركين تتمثل في (شرك العبادة)، أي اتخاذ آلهة لا تشرك مع الله أحدا في الخلق والإيجاد والإمداد الخ. ولكن يتخذونها لكي تقربهم إلى الله زلفى ـ بزعمهم ـ: «ما نعبدهم الا ليقربونا الى الله زلفى» .. بل ان ابليس نفسه يؤمن

بـ (وحدة الخلق والخالق) .. «قال: أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين»، فهو يعترف بأن الله هو الذي خلق عنصري: النار والطين، وأنه هو خالق آدم وإبليس كليهما. وتعاسة ابليس أتت من (رده) لأمر الله وعصيانه منهج وحدانية العبادة والطاعة: عن عمد واصرار ولؤم.

والجواب ـ عن السؤال الأول ـ:

بالحنين الأوربي إلى الوثنية والشرك في موضوع الخلق والايجاد قد يعترضه ـ بصراحة ـ السؤال الآخر الأساس وهو: لماذا لا يكون موقف مجلس البرلمان الأوربي من مسألة الخلق ووحدة الخالق (تلبية عقلانية حرة لمتطلبات العلم والمعرفة في هذا المجال)؟ .. كنا نود أن يكون الأمر كذلك. فلسنا نتمنى (الخطأ العلمي) لأحد وما بنا رغبة ولا أمنية في تعيير أحد بهذا الخطأ. لكن القضية لا تتعلق بالرغبات والأماني. وإنما تتعلق بمناهج العلم وحقائقه .. ولهذا المنهج والحقائق منطق يقول ـ بوضوح ـ إن موقف مجلس البرلمان الأوربي لم يك ـ قط ـ استجابة لمقتضيات علمية معرفية جديدة، وإنما هو موقف مناهض لحقائق ساطعة مبرهن عليها ـ باستفاضة وتوثيق ـ على يد علماء راسخين في ذات

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير