دموعٌ على أستار الكعبة .. شعر الشيخ أبي المعاطي
ـ[أبو محمد الظاهرى]ــــــــ[23 Nov 2007, 11:38 م]ـ
بسم الله الرحمان الرحيم
هذه قصيدة: دموع على أستار الكعبة
كتبها في مكة والمدينة: الشيخ أبو المعاطي صاحب المسند الجامع، عام 1414هجرية.
كتب هذه القصيدة ذات مرة عندما كان بعض أصحابه ذاهبين إلى الحج، وكان يودعهم، وفجأه يقول:
يا راحلين خذوا نفسي تودعكم ... ثم اتركوني قليلا أنتشي معكم
فأنا المحبُّ وقد بعدت حبيبته ... فلترحموني عسى الرحمن يرحمكم
قد مزق الشوقُ أحشائي ومزقني ... فلتسألوا البيت كم أحببت يخبركم
وكم تساقط دمعي وَالِهًا لهفا ... واليوم سرتم وسار القلب يتبعكم
يبكي وليس البكا حزنا على ذهبٍ ... أو أن ليلى مع العير التي معكم
بل دمعه. عشقه. قد صار في حجرٍ ... أحلى من الشهد إن ذاق الهوى فمكم
في جانب البيت عند الباب موقعه ... فلتسرعوا المشي قلبي سوف يسبقكم
فلتذهب الآن ليلى نحو مغربها ... أو ترحل اليوم سُعدى فالحنين لكم
فلقد تركت هناك القلب معتكفاً ... والنفس صارت تنادى اليوم صحبتكم
فإذا لقيتم غريباً فى منىً وَِلهاً ... عند الجمار فلا ترموه جمرتكم
يبكي على عمره قد ضاع مغترباً ... فلتعذروه فإن الله يعذركم
ـ[أبو محمد الظاهرى]ــــــــ[23 Nov 2007, 11:40 م]ـ
وهذه كتبها، وهم في أيام الحج:
دموعٌ على أستار الكعبة ...
يا مَنْ أتاه الناسُ كي يتطهروا ... وأتيتُ فيهم كي أعودَ مُطَهَّرا
لكنني دون العبادِ جَميعِهِم ... ذنبي عظيمٌ قد يَنُوءُ به الورى
فَطَمِعتُ فيكَ وجئتُ بيتك ضارعًا ... مُتضرعًا والعيبُ مني قد جرى
ناديتُ يا ألله فاقبل توبتي ... هَذِيْ صحيفةُ مَنْ تَجَنَّى وافترى
وخلعتُ ثوبيَ والحياةَ وما بها ... ولبستُ ثوبَ الفقرِ أشعثَ أغبرَا
أنا ما أتيتكُ بالصلاة فليس لي ... علمٌ ولا عملً ولا ما أذْكُرا
بل جئتُ بابكَ يا رحيمُ بِذَلَّتِي ... وبُكل هذا الدمعِ يجري أَنْهُرا
لبيك يا ألله فاقبلها إذًا ... مِنْ عائبٍ قد عابَ ثم استغفرا
وخطوتُ نحو البيتِ يسبقني فمي ... لِيُقَبِّلَ الحجرَ العتيقَ الأَنْورا
فلثمتُه وشفعتُها وأعدتُّها ... وكتبتُ في سِفر المحبة أسْطُرا
وبدأتُ أسعى حوله متثاقلاً ... فمعي ذنوبُ المشرقين وما ورا
فإذا رَمَلْتُ. أقضًّ ذنبي كاهلي ... وإذا مشيتُ. فَمَنْ سِوايَ مُقَصِّرا
يا وحشتي، لا شيءَ أحمِلُه معي ... غيرَ الذي كتب الملاكُ وسَطَّرا
يا ربُّ، إني قد أتيتكُ راكعًا ... عند المقام، مُسَبِّحًا ومُكَبِّرا
فاغفر ذنوبًا لا يضُرُّك حَجْمُها ... واسْتُرْ على عبدٍ رجاك لِتَسْتُرا
يا ماءَ زمزم، هل ستغسِلُ عاصيًا ... بالأمس عاش على الخطيئةِ وامترا
واليومَ قد جاء الكريمَ بذنبه ... يرجو من الرحمان عفوًا ظاهرا
وأنختُ رحلي عند أحجار الصفا ... والرَّحلُ فيه من المعاصي ما ترى
وهناك ألقيتُ الذنوبَ على الحصى ... فإذا ذنوبي تعتليه وأكثرا
فسعيتُ نحو الْمَرْوِ أبكي حالتي ... والكل يَسعى ضاحكًا مُسْتَبْشِرا
ورملتُ في بطن المسيل تأسيًا ... ودعوتُ مَنْ جعل الكتابَ بَصَائرا
فقضيتُ سبعًا، والرجاءُ بخالقي ... أن يستر الذنبَ العظيمَ ويغفرا
يا راحلين إلى منًى. هذي منى ... هذي الجبالُ، وتلك سُنَّةَ مَنْ سَرَى
صَلُّوا بها خمسًا كما فعل الذي ... قد جاءكم بالنورِ حتى أزهرا
فإذا قضيتَ الفجرَ فيها فانتظر ... حتى الشروق لكي تَهُبَّ مُغَادِرا
وازحفْ مع الجمع العظيم ملبيًا ... واجمعْ من العرفاتِ خيرًا وافرا
وانزلْ بأرضٍ دَبَّ فيها المصطفى ... واحْلُلْ على وادٍ رآه وعَاصَرا
واسألْ صُخُورًا ها هنا عن رِفْقَةٍ ... حَجَّتْ مع المختارِ نُورًا أنورا
يا صَخْرَ نَمِرَةَ هل سَمِعْتَ خِطَابَهُ؟ ... أَسَمِعْتَ مَنْ رُزِقَ البَيَانَ فَعَبَّرَا
أَسَمِعْتَ: (هَلْ بَلَّغْتُ؟) تُسْأَلُ أُمَّةٌ ... (قالوا: نعم)، والدِّينُ أصبحَ ظَاهرا
أَسَمِعْتَ (اللهم فاشهد) حُجَّةً ... أرأيتَ و (القَصْواءُ) كانت مِنْبَرا
وأقامَ مبعوثُ السماءِ صلاَتَهُ ... جَمْعًا مع التقديمِ هَدْيًا خَيِّرا
هذا الحبيبُ أَحِبَّتِي مِن أجلنا ... قد جاء بالدين القويم مُيَسِّرا
فاتْبَعْ هُدَاهُ تَفُزْ بِخَيرِ شَفاعةٍ ... من خالفَ المختارَ يُحْشَرُ كَافِرا
عرفاتُ يا جبلَ الدعاء تحيةً ... من عاشقٍ لكَ في هواه تَحَيَّرَا
¥