[أهكذا البدر]
ـ[أبو الخير صلاح كرنبه]ــــــــ[28 Jul 2007, 11:00 ص]ـ
الشاعر محمد بن عبد الله عثيمين (تصغير عثمان) ولد عام 1270 هـ في بلدة (السلمية) من أعمال (الخرج) وتوفي عام 1363 هـ بعد أن بلغ من العمر ثلاثة وتسعين عاما ويعتبر في نظر كثير من الباحثين والنقاد رائد الشعر النجدي وأحد الشعراء النابهين في الجزيرة العربية ومن أهم نتاجه الأدبي ديوانه العقد الثمين الذي جمعه وحققه وشرح ألفاظه: سعد بن عبد العزيز بن رويشد
وقد طبع على نفقة سعادة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله السلمان الحمدان وإخوانه
وله قصيدة رائعة في الرثاء بعنوان:
[أهكذا البدر]
مرثية الشاعر العثيمين في الشيخ العلامة سعد بن عتيق
أهكذا البدر تخفي نوره الحفر=ويُقبض العلم لا عينٌ ولا أثر
خبت مصابيح كنا نستضيء بها=وطوحت بالمغيب الأنجم الزهر
واستحكمت غربة الإسلام وانكسفت=شمس العلوم التي يُهدى بها البشر
تُخُرِّم الصالحون المقتدى بهم=وقام منهم مقام المبتدا الخبر
فلست تسمع إلا " كان " ثم " مضى "=ويلحق الفارط الباقي كما غبروا
والناس في سكرةٍ من خمر جهلهم =والصحو في عسكر الأموات لو شعروا
نلهو بزخرف هذا العيش من سفه=لهو المنبّت عوداً ما له ثمر
وتستحث منايانا رواحلنا=لموقفٍ ما لنا عن دونه صَدَر
إلا إلى موقف تبدو سرائرنا=فيه ويظهر للعاصين ما ستروا
فياله مصدراً ما كان أعظمه=الناس من هوله سكرى وما سكروا
فكن أخي عابراً لا عامراً فلقد=رأيت مصرع من شادوا ومن عمروا
اُستُنزلوا بعد عزٍ عن معاقلهم=كأنهم ما نهوا فيها ولا أمروا
تُغَلُّ أيديهم يوم القيامة إن=برُّوا تُفك وفي الأغلال إن فجروا
ونُح على العلم نوح الثاكلات وقل=والَهْف نفسي على أهلٍ له قُبروا
الثابتين على الإيمان جُهدهم=والصادقين فما مانوا ولا ختروا
الصادعين بأمر الله لو سخطوا=أهل البسيطة ما بالوا ولو كثروا
والسالكين على نهج الرسول على=ما قررت مُحكم الآيات والسور
والعادلين عن الدنيا وزهرتها=والآمرين بخيرٍ بعد ما ائتُمروا
لم يجعلوا سُلَّماً للمال علمهم=بل نزهوه فلم يعلق به وضر
فحيَّ أهلاً بهم أهلاً بذكرهم=الطيبين ثناءً أينما ذُكروا
أشخاصهم تحت أطباق الثرى وهم=كأنهم بين أهل العلم قد نُشِروا
هذي المكارم لا تزويق أبنيةٍ=ولا الشفوف التي تُكسى بها الجدر
وابْك على العَلَم الفرد الذي حسُنَت =بذكر أفعاله الأخبار والسير
من لم يُبال بحق الله لائمةً=ولا يحابي امْرَأً في خده صَعَر
بحرٌ من العلم قد فاضت جداوله=أضحى وقد ضمَّه في بطنه المَدَر
فليت شعري من للمشكلات إذا=حارت بغامضها الأفهام والفِكر
من للمدارس بالتعليم يعمرها=ينتابها زُمَرٌ من بعدها زُمر
هذي رسوم علوم الدين تندُبه=ثكلى عليه ولكن عَزَّها القدر
طوتك يا سعد أيامٌ طوت أمماً=كانوا فبانوا وفي الماضين مُعتبر
إن كان شخصك قد واراه مُلحدُه=فعلمك الجمُّ في الآفاق منتشر
والأسوة المصطفى نفسي الفداءُ له=بموته يتأسَّى البدو والحضر
بنى لكم حمدٌ يا للعتيق عُلاً=لم يبنها لكمُ مالٌ ولا خطرُ
لكنَّه العلم يسمو من يسود به=على الجهول ولو من جَدُّه مُضَر
والعلم إن كان أقوالاً بلا عملٍ=فليت صاحبه بالجهل مُنغمر
يا حامل العلم والقرآن إنَّ لنا=يوماً تُضَمُّ به الماضون والأُخر
فيسأل الله كلاً عن وظيفته=فليت شعري بماذا منه تعتذر
وما الجواب إذا قال العليم: أذا=قال الرسول أو الصّديق أو عمر
والكل يأتيه مغلول اليدين فَمِن=ناجٍ ومن هالكٍ قد لوحت سقر
فجدِّدوا نيةً لله خالصةً=قوموا فُرادى ومثنى واصبروا ومُروا
وناصحوا وانصحوا من وَليَ أمركمُ=فالصفو لا بدَّ يأتي بعده كدر
والله يلطف في الدنيا بنا وبكمْ=ويوم يشخص من أهواله البصر
وصل ربّ على المختار سيدنا=شفيعنا يوم نار الكرب تستعر
محمدٍ خير مبعوثٍ وشيعته=وصحبه ما بدا من أفقه قمر