ثانياً: بتعلم ما لابد منه من فقه الصيام، أحكامه وآدابه، والعبادات المرتبطة برمضان من اعتكاف وعمرة وزكاة فِطر، وغيرها، قال رسول صلى الله عليه وسلم: [طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ].
ثالثاً: عقد العزم الصادق والهمة العالية على تعمير رمضان بالأعمال الصالحة، قال تعالى: [فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ] [سورة محمد: من الآية 21]، وقال جلا وعلا: [وَلَوْ أَرَادُواْ الْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً َ] [سورة التوبة: من الآية 46].، وتحري أفضل الأعمال فيه وأعظمها أجراً.
رابعاً: استحضار أن رمضان- كما وصفه الله عزَّ وجلَّ- أيام معدودات، سرعان ما يولي، فهو موسم فاضل، ولكنه سريع الرحيل، واستحضار أن المشقة الناشئة عن الاجتهاد في العبادة تذهب أيضاً، ويبقى الأجر، وشَرْحُ الصدر، فإن فرط الإنسان ذهبت ساعات لهوه وغفلته، وبقيت تبعاتها وأوزارها.
خامساً: الاجتهاد في حفظ الأذكار والأدعية المطلقة منها والموظفة، خصوصاً الوظائف المتعلقة برمضان؛ استدعاءً للخشوع وحضور القلب، واغتناماً لأوقات إجابة الدعاء في رمضان، والاستعانة على ذلك بدعاء: [اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ] رواه أبودلود والنسائي وأحمد.
وهاك الأذكار الثابتة المتعلقة بوظائف رمضان:
ما يقول إذا رأى الهلال- هلال أيِّ شهر، ولا يختص برمضان-: [اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُمَّ أَهِلَّهُ عَلَيْنَا بِالْأَمْنِ وَالْإِيمَانِ وَالسَّلَامَةِ وَالْإِسْلَامِ وَالتَّوْفِيقِ لِمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى رَبُّنَا وَرَبُّكَ اللَّهُ] رواه الترمذي وأحمد والدارمي.
- وإذا صام، فلا يرفث، ولا يجهل، وإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل: [إِنِّي صَائِمٌ، إِنِّي صَائِمٌ] رواه البخاري ومسلم.
ماذا يقول عند الإفطار؟
- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٍ: دَعْوَةُ الصَّائِمِ، وَدَعْوَةُ المَظْلُومِ، وَدَعْوَةُ المُسَافِرِ] رواه البيهقي في شعب الإيمان، وصححه الألباني.
- وأفضل الدعاء الدعاء المأثور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد كان يقول إذا أفطر: [ذَهَبَ الظَّمَأُ وَابْتَلَّتْ الْعُرُوقُ وَثَبَتَ الْأَجْرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ] رواه أبوداود وحسنه الألباني.
سادساً: الاستكثار من الأعمال الصالحات، فإن من ثواب الحسنة الحسنة بعدها، ومن ذلك:
[1] صيام شعبان: استعداداً لرمضان، فعن أم المؤمنين عائشة –رضي الله عنها- قالت: ' مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ قَطُّ إِلَّا رَمَضَانَ وَمَا رَأَيْتُهُ فِي شَهْرٍ أَكْثَرَ مِنْهُ صِيَامًا فِي شَعْبَانَ'رواه البخاري ومسلم.
[2] تلاوة القرآن الكريم: فإن رمضان هو شهر القرآن فينبغي أن يكثر العبد المسلم من تلاوته وحفظه، وتدبره، وعرضه على من هو أقرأ منه. كان جبريل يدارس النبي صلى الله عليه وسلم القرآن في رمضان، وعارضه في عام وفاته مرتين، وكان عثمان بن عفان رضي الله عنه يختم القرآن الكريم كل يوم مرة، وكان بعض السلف يختم في قيام رمضان في كل ثلاث ليال، وبعضهم في كل سبع، وبعضهم في كل عشر، فكانوا يقرءون القرآن في الصلاة وفي غيرها، فكان للشافعي في رمضان ستون ختمة يقرؤها في غير الصلاة، وكان قتادة يختم في كل سبع دائماً، وفي رمضان في كل ثلاث، وفي العشر الأواخر في كل ليلة، وكان الزهري إذا دخل رمضان يفر من قراءة الحديث ومجالسة أهل العلم، ويُقبل على تلاوة المصحف. وكان سفيان الثوري إذا دخل رمضان ترك جميع العبادة، وأقبل على قراءة القرآن، قال الزهري: ' إذا دخل رمضان فإنما هو قراءة القرآن، وإطعام الطعام '.
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: ' وإنما ورد النهي عن قراءة القرآن في أقلَّ من ثلاث على المدوامة على ذلك، فأما الأوقات المفضلة – كشهر رمضان – خصوصاً الليالي التي يطلب فيها ليلة القدر – أو في الأماكن المفضلة كمكة لمن دخلها من غير أهلها، فيستحب الإكثار فيها من تلاوة القرآن اغتناماً للزمان والمكان، وهو قول أحمد وإسحاق وغيرهما من الأئمة، وعليه يدل عمل غيرهم '.
¥