{المعتدين}: أي في الدعاء وغيره والاعتداء في الدعاء أن يسأل الله ما لم تجر سنته بإعطائه أو إيجاده أو تغييره كأن يسأل أن يكون نبياً أو أن يرد طفلاً أو صغيراً، أو يرفع صوته بالدعاء.
{ولا تفسدوا في الأرض}: أي بالشرك والمعاصي بعد إصلاحها بالتوحيد والطاعات.
{المحسنين}: الذين يحسنون أعمالهم ونياتهم، بمراقبتهم الله تعالى في كل أحوالهم.
معنى الآيات:
لما عرّف تعالى عباده بنفسه وأنه ربهم الحق وإلههم، وأنه الخالق الآمر المتصرف بيده كل شىء أمرهم إرشاداً لهم أن يدعوه، وبين لهم الحال التي يدعونه عليها، ليستجيب لهم فقال: {ادعوا ربكم تضرعاً} أي تذللاً وخشوعاً {وخفية} أي سراً جهراً، ونهاهم عن الاعتداء في الدعاء حيث أعلمهم أنه لا يحب المعتدين، والاعتداء في الدعاء أن يُدْعَى غير الله تعالى أو يدعى معه غيره، ومنه طلب ذوات الأسباب بدون إعداد أسبابها، أو سؤال ما لم تجر سنة الله به كسؤال المرء أن يكون نبياً أو يرد من كهولته إلى شبابه أو من شبابه إلى طفولته.
ثم بعد هذا الإِرشاد والتوجيه إلى ما يكملهم ويسعدهم نهاهم عن الفساد في الأرض بعد أن أصلحها تعالى والفساد في الأرض يكون بالشرك والمعاصي، والمعاصي تشمل سائر المحرمات كقبل الناس وغصب أموالهم وإفساد زروعهم وإفساد عقولهم بالسحر والمخدرات وأعراضهم بالزنى والموبقات. ومرة أخرى يحضهم على دعائه لأن الدعاء هو العبادة وفي الحديث الصحيح «الدعاء هو العبادة» فقال: ادعوا ربكم أي سلوه حاجتكم حال كونكم في دعائكم خائفين من عقابه طامعين راجين رحمتة وبين لهم أن رحمته قريب من المحسنين الذين يحسنون نيّاتهم وأعمالهم ومن ذلك الدعاء فمن أحسن الدعاء ظفر بالإِجابة، فثواب المحسنين قريب الحصول بخلاف المسيئين فإنه لا يستجاب لهم.
هداية الآيتين
من هداية الآيتين:
1 - وجوب دعاء الله تعالى فإن الدعاء هو العبادة.
2 - تبيان آداب الدعاء وهو: أن يكون الداعي ضارعاً متذللاً، وأن يخفي دعاءه فلا يجهر به، وأن يكون حال الدعاء خائفاً طامعاً، وأن لا يعتدي في الدعاء بدعاء غير الله تعالى أو سؤال ما لم تجر سنة الله بإعطائه.
3 - حرمة الإِفساد في الأرض بالشرك والمعاصي بعد أن أصلحها الله تعالى بالإِسلام.
4 - الترغيب في الإِحسان مطلقاً خاصاً وعاماً حيث أن الله تعالى يحب أهله.)]
أما حديث (الدعاء هو العبادة) ففي كشف الخفاء:
- (الدعاء هو العبادة) رواه مسلم والطبراني عن ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري في الأدب المفرد وأبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن حبان والحاكم عن النعمان بن بشير بلفظ الدعاء هو العبادة، وقال الترمذي حسن صحيح.
أما حديث (الدعاء مخ العبادة) ففي كشف الخفاء: رواه الترمذي عن أنس .. وفي ضعيف الترمذي: عن أنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الدعاء مخ العبادة ". (ضعيف بهذا اللفظ - الروض النضير 2/ 289، المشكاة 2231 (ضعيف الجامع الصغير وزيادته 3003)). هذا حديث غريب من هذا الوجه. لا نعرفه إلا من حديث ابن لهيعة.
بارك الله فيك أخي الفاضل د: خضر ونفع بنا وبكم وجزاك الله خيرا
ـ[أبو المهند]ــــــــ[26 Sep 2007, 02:12 م]ـ
وبارك فيكم أخي الحبيب الأستاذ كرنبه، ولاتزال النقاط التي أثرتُها محل بيان حيث أفدنا حقا من مداخلتك القيمة التي تبين فضل الدعاء وشروط الدعاء ... ولكن حتى الآن ما حررنا موطن النزاع مما جاء في المداخلة الأم، وأنت مجزي على كل حال، ولا أتصور أن إثارتي للموضوع تجريء العوام على أهل العلم خاصة أن مداخلتى أثيرها في مقام أهل العلم وأرباب التخصص فحسب فتدبر.