تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وعلينا أساور من ذهب فقال لنا أتعطيان زكاته فقلنا لا قال أما تخافان أن يسوركما الله بسوار من نار ا أديا زكاته، وروى الدارقطني نحوه من حديث فاطمة بنت قيس وفي سنده أبو بكر الهذلي وهو متروك اه قاله ابن حجر في التلخيص وأما الآثار فمنها ما رواه ابن أبي شيبة والبيهقي من طريق شعيب بن يسار قال كتب عمر إلى أبي موسى أن مُرْ مَنْ قِبَلَكَ من نساء المسلمين أن يصدقن من حليهنَّ. قال البيهقي هذا مرسل شعيب بن يسار لم يدرك عمر، وقال ابن حجر في التلخيص وهو مرسل قاله البخاري وقد أنكر الحسن ذلك فيما رواه ابن أبي شيبة قال لا نعلم أحداً من الخلفاء قال في الحليّ زكاة، ومنها ما رواه الطبراني والبيهقي عن ابن مسعود أن امرأته سألته عن حلي لها فقال إذا بلغ مائتي درهم ففيه الزكاة قالت أضعها في بني أخ لي في حجري قال نعم، قال البيهقي وقد روي هذا مرفوعاً إلى النَّبي صلى الله عليه وسلم وليس بشيء وقال قال البخاري مرسل ورواه الدارقطني من حديث ابن مسعود مرفوعاً وقال هذا وهم والصواب موقوف قاله ابن حجر في التلخيص، ومنها ما رواه البيهقي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أنه كان يكتب إلى خازنه سالم أن يخرج زكاة حلي بناته كل سنة وما روي من ذلك عن ابن عباس قال الشافعي لا أدري أيثبت عنه أم لا وحكاه ابن المنذر والبيهقي عن ابن عباس وابن عمر وغيرهما قاله في التلخيص أيضاً، وأما القياس فإنهم قاسوا الحلي على المسكوك والمسبوك بجامع أن الجميع نقد، وأما وضع اللغة فزعموا أن لفظ الرقة ولفظ الأوقية الثابت في الصحيح يشمل المصوغ كما يشمل المسكوك وقد قدمنا أن التحقيق خلافه، فإذا علمت حجج الفريقين فسنذكر لك ما يمكن أن يرجع به كل واحد منهما، أما القول بوجوب زكاة الحلي فله مرجحات، منها أن من رواه من الصحابة عن النَّبي صلى الله عليه وسلم أكثر كما قدمنا روايته عن عبد الله بن عمرو بن العاص وعائشة وأم سلمة وأسماء بنت يزيد رضي الله عنهم، أما القول بعدم وجوب الزكاة فيه فلم يرو مرفوعاً إلا من حديث جابر كما تقدم، وكثرة الرواة من المرجحات على التحقيق كما قدمنا في سورة البقرة في الكلام على آية الربا، ومنها أن أحاديثه كحديث عمرو بن شعيب ومن ذكر معه أقوى سنداً من حديث سقوط الزكاة الذي رواه عافية بن أيوب، ومنها أن ما دل على الوجوب مقدم على ما دل على الإباحة للاحتياط في الخروج من عهدة الطلب كما تقرر في الأصول وإليه الإشارة بقول صاحب مراقي السعود في مبحث الترجيح باعتبار المدلول ومنها أن ما دل على الوجوب مقدم على ما دل على الإباحة للاحتياط في الخروج من عهدة الطلب كما تقرر في الأصول وإليه الإشارة بقول صاحب مراقي السعود في مبحث الترجيح باعتبار المدلول: وناقل ومثبت والآمر ** بعد النواهي ثم هذا الآخر

على إباحة الخ، ومعنى قوله ثم هذا الآخر على إباحة أن ما دل على الأمر مقدم على ما دل على الإباحة كما ذكرنا، ومنها دلالة النصوص الصريحة على وجوب الزكاة في أصل الفضة والذهب وهي دليل على أن الحلي من نوع ما وجبت الزكاة في عينه هذا حاصل ما يمكن أن يرجح به هذا القول، وأما القول بعدم وجوب الزكاة في الحليّ المباح فيرجح بأن الأحاديث الواردة في التحريم إنما كانت في الزمن الذي كان فيه التحلي بالذهب محرماً على النساء والحلي المحرم تجب فيه الزكاة اتفاقاً، وأما أدلة عدم الزكاة فيه فبعد أن صار التحلي بالذهب مباحاً، والتحقيق أن التحلي بالذهب كان في أول الأمر محرماً على النساء ثم أبيح كما يدل له ما ساقه البيهقي من أدلة تحريمه أولاً وتحليله ثانياً وبهذا يحصل الجمع بين الأدلة والجمع واجب إن أمكن كما تقرر في الأصول وعلوم الحديث وإليه الإشارة بقول صاحب مراقي السعود والتحقيق أن التحلي بالذهب كان في أول الأمر محرماً على النساء ثم أبيح كما يدل له ما ساقه البيهقي من أدلة تحريمه أولاً وتحليله ثانياً وبهذا يحصل الجمع بين الأدلة والجمع واجب إن أمكن كما تقرر في الأصول وعلوم الحديث وإليه الإشارة بقول صاحب مراقي السعود: والجمع واجب متى ما أمكنا ** إلا فللأخير نسخ بينا

ووجهه ظاهر لأن إعمال الدليلين أولى من إلغاء أحدهما ومعلوم أن الجمع إذا أمكن أولى من جميع الترجيحات، فإن قيل هذا الجمع يقدح فيه حديث عائشة المتقدم فإن فيه فرأى في يدي فتخات من ورق الحديث، والورق الفضة والفضة لم يسبق لها تحريم فالتحلي بها لم يمتنع يوماً ما، فالجواب ما قاله الحافظ البيهقي رحمه الله تعالى قال من قال لا زكاة في الحلي زعم أن الأحاديث والآثار الواردة في وجوب زكاته كانت حين كان التحلي بالذهب حراماً على النساء فلما أبيح لهن سقطت زكاته، قال وكيف يصح هذا القول مع حديث عائشة إن كان ذكر الورق فيه محفوظاً غير أن رواية القاسم وابن أبي مليكة عن عائشة في تركها إخراج زكاة الحلي مع ما ثبت من مذهبها من إخراج زكاة أموال اليتامى يوقع ريبة في هذه الرواية المرفوعة فهي لا تخالف النَّبي صلى الله عليه وسلم فيما روته عنه إلا فيما علمته منسوخاً.

وقد قدمنا في سورة البقرة الكلام على مخالفة الصحابي لما روي في آية الطلاق وبالجملة فلا يخفى أنه يبعد أن تعلم عائشة أن عدم زكاة الحلي فيه الوعيد من النَّبي لها بأنه حسبها من النار ثم تترك إخراجها بعد ذلك عمن في حجرها مع أنها معروف عنها القول بوجوب الزكاة في أموال اليتامى، ومن أجوبة أهل هذا القول أن المراد بزكاة الحلي عاريته ورواه البيهقي عن ابن عمر وسعيد بن المسيب والشعبي في إحدى الروايتين عنه، هذا حاصل الكلام في هذه المسألة، وأقوى الوجوه بحسب المقرر في الأصول وعلم الحديث الجمع إذا أمكن وقد أمكن هنا، قال مقيده عفا الله عنه وإخراج زكاة الحلي أحوط لأن من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه دع ما يريبك إلى ما لا يريبك والعلم عند الله تعالى.

أضواء البيان للشيخ محمد الأمين الشنقيطي 2/ 126 - 134.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير