- أنا أكتب من أكثر من أربعين سنة وكأنني أصرخ في واد، أو أمشي في صحراء خالية من الناس .. نعم، لي قراء كثيرون يحبّونني؛ ولكنهم صامتون كأنّهم لا يقرؤون .. خُرْسٌ كأنهم لا يتكلّمون، فلا يكاد أحدنا يجد عندهم صدىً لِما يكتب .. كم تمنّيتُ أن أجد في قرائي المحبيّن من يقول أخطأتَ عندما أُخطئ .. أصبتَ عندما أُصيب .. أحسنتَ عندما أُحسن .. أسأتَ عندما أُسيء .. إنَّ هذا التفاعل والتجاوب والتواصل ضرورةٌ لتنشيطنا وتشجيعنا وتقويمنا، وسُلَّمٌ لارتقاءِ أدائنا، وإغْناءِ عطائنا، وعنصرٌ فعّال في بعث حيوّيتنا، وتحريك حياتنا، وأداء رسالتنا، وتحقيق آمالنا المشتركة.
* * *
وبعد؛ فماذا أردتُ بالقصص التي قدّمتها، وعندي من تجاربي الشخصية عشرات وعشرات مثلُها؟
لقد أردتُ أن أقول لكل أخ من إخواني، وقارئ من قرّائي:
-إذا أحببتَ أخاً لك في اللَّه، أو أعجبك فيه خَصْلَة من الخصال، أو أرضاك منه عمل من الأعمال .. فاكشفْ له عمّا في قلبك بأمانة وصدق وإخلاص، وأخبره بما تحمل له من المحبّة والتقدير، فذلك جدير بزيادة المودة، وتوثيق الصلة، والتشجيع على الواجب والخير، وفتح أبواب التعاون على البر والتقوى
يا إخوتي! نحن نعيش في عالم غَلَبَتْ فيه الكراهيةُ على الحبّ، والظلمُ على العدل، والباطلُ والتزويرُ على الحقيقة والحقّ، والفسادُ بمختلف أشكاله ودرجاته على الصلاح والإصلاح
المسلمُ المؤمن البريء تلاحقه الافتراءات والاتهامات والمضايقات في كثير من الأماكن والحالات والمناسبات ..
المسلمُ المؤمن البريء يكاد يختنق أحياناً بأجواء الشكّ والانتقاص والعداء، وينكسر ظَهْرُهُ تحت وطْأة المشكلات والأعباء ..
فهل من الكثير عليه أن يجد في قلوب إخوانه وأصدقائه واحَةَ حُبّ ٍ وعَزاء، وفي صدورهم مُتَّكَأَ اطْمِئنانٍ وحَنان، وفي مجتمعهم جوّاً من التوادّ والتعاطف والتراحم يتنفَّسُ فيه الصُّعَداء؟!
أحبّوا بعضَكم بعضاً، واكشِفوا عمّا يحملُه بعضُكم لبعض من الحبّ .. ولْيَهْتَمَّ بعضُكم ببعض -بصدق وإخلاص- كما تهتمّون بأُسركم وأبنائكم، وسوف تجدون بالتجربة أنكم ستَسعَدون بذلك كثيراً، وتستفيدون كثيراً، وتنالون بالحبّ والتآزر والتعاون .. ما لا يناله أحدكم بمفرده
لقد حَزَّ في نفسي -واللَّه- رسالة تلقّيتُها من أخ فاضل يعيش في مدينة غربيّة فيها عدد كبير من المسلمين
قال الأخ الفاضل في رسالته: - "لقد غَيَّبَني المرضُ عن إخواني شهوراً طويلة كنت بأمسِّ الحاجة فيها إلى أُخُوَّةِ الأخِ، وصداقةِ الصديقِ، ولَمَساتِ القلوبِ والشعور .. لا نَفَحاتِ الجيوب، فقد أغناني اللَّه بفضله عن نَفَحاتِ الجيوب .. فما اتصل بي أحد، وما زارني أحد .. وبيني وبين بعضهم خطوات!! "
يا إخوتي! .. إذا أردتم خير الدنيا والآخرة لأنفسكم، ولمجتمعكم، وللإسلام والمسلمين، وللإنسانية والإنسان في عالمكم وعصركم .. فعليكم بالحبّ ِ الخالص فيما بينكم تُضْمِرونَه وتُعْلنونه، والتكافلِ الصادق تَشْعرونه وتُجَسِّمونه، والتعاونِ الشامل الدائم البصير على البرّ والتقوى.
ـ[مصطفى علي]ــــــــ[19 Jan 2008, 04:40 ص]ـ
أحبكم وأحب رجاحة عقلك، تطبيق بسيط لما علمتنا به في هذه المشاركة القيمة التي يحاول أعداء الله إماتت هذه المشاعر بيننا، ختى أصبح من النادر أن تجد حبيبًا في الله تعالى.
بل إن رواسب مخططاتهم جعلت الأحبة يتباعدوا ويتناسوا وينصرفوا
فما أحوجنا لهذا الحب أن يعود.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[19 Jan 2008, 11:47 ص]ـ
كلمات جميلة ورقيقة بورك فيك أخي محمد ..
ـ[محب القراءات]ــــــــ[19 Jan 2008, 04:50 م]ـ
إذا أحببتَ أخاً لك في اللَّه، أو أعجبك فيه خَصْلَة من الخصال، أو أرضاك منه عمل من الأعمال .. فاكشفْ له عمّا في قلبك بأمانة وصدق وإخلاص، وأخبره بما تحمل له من المحبّة والتقدير، فذلك جدير بزيادة المودة، وتوثيق الصلة، والتشجيع على الواجب والخير، وفتح أبواب التعاون على البر والتقوى
مقال رائع , أحسنت أخي محمد بن جماعة , ونفع الله بهذه الكلمات الرائعة , ونسأل الله أن يمتعنا بالأخوة في الدنيا ولا يحرمنا أجرها في الآخرة , وأن يجعلها محبة خالصة لوجهه الكريم , وجزى الله الإخوة الذين أسسوا هذا الملتقى , الذي يشعر الواحد فيه بالمحبة والإخوة لكثير من أعضائه وهو لم يراهم ولم يكلمهم مشافههة.
وفقنا الله جميعا لما يحبه ويرضاه.
محبكم في الله / أبو أسامة
ـ[أحمد الطعان]ــــــــ[19 Jan 2008, 10:41 م]ـ
وفقك الله أخي محمد بن جماعة وبارك فيك والله إن هذا المقال يعبر عما في النفس من أشجان وأحزان ... طال ما أرجأنا الحديث عنها ...
يشعر الإنسان بعتب في نفسه حين يكتب مقالاً أو بحثاً تعب فيه أياماً أو شهوراً ثم لا يجد من إخوانه أي اكتراث أو اهتمام .... رغم أنه يراهم يتصفحون مقاله أو بحثه او كتابه .... حتى كلمة الشكر تضن بها النفوس ....
ويظن الناس أنه حين يريدها إذن فهو مرائي ... لا يعمل لله ... طلب مرضاة الله عز وجل قد يكون في سويداء القلب وهو الأصل والأساس والدافع والباعث ولكنه يريد منهم اهتماماً بالأخوة والصداقة ...
يريد تمتيناً لعرى المودة والحب، وليس في ذلك خدشاً في إخلاصه لربه ...
لعل حديث النبي صلى الله عليه وسلم هو خلاصة تلفت النظر لهذا الخلق الضائع:
//إذا أحب أحدكم أخاه فليخبره أنه يحبه ... //
لأن القلوب جُبلت على حب من أحسن إليها ....
لماذا حياتنا يعتريها الجفاف؟!
ونفوسنا باردة!
وقلوبنا راكدة!
وأرواحنا هائمة!