[ماهي الإقامة بالمفهوم الفقهي]
ـ[أبو الخير صلاح كرنبه]ــــــــ[11 Feb 2008, 08:09 ص]ـ
[ماهي الإقامة بالمفهوم الفقهي]
الموسوعة الفقهية / الجزء السادس
إقامة *
التّعريف
1 - الإقامة في اللّغة مصدر: أقام، وأقام بالمكان: ثبت به، وأقام الشّيء: ثبّته أو عدله، وأقام الرّجل الشّرع: أظهره، وأقام الصّلاة: أدام فعلها، وأقام للصّلاة إقامةً: نادى لها. وتطلق الإقامة في الشّرع بمعنيين:
الأوّل: الثّبوت في المكان، فيكون ضدّ السّفر.
الثّاني: إعلام الحاضرين المتأهّبين للصّلاة بالقيام إليها، بألفاظٍ مخصوصةٍ وصفةٍ مخصوصةٍ.
أوّلاً: أحكام الإقامة الّتي بمعنى الثّبوت في المكان
أ - إقامة المسافر:
2 - يصبح المسافر مقيماً إذا دخل وطنه، أو نوى الإقامة في مكان ما بالشّروط الّتي ذكرها الفقهاء، وينقطع بذلك عنه حكم السّفر، وتنطبق عليه أحكام المقيم، كامتناع القصر في الصّلاة، وعدم جواز الفطر في رمضان. وإقامة الآفاقيّ داخل المواقيت المكانيّة، أو في الحرم تعطيه حكم المقيم داخل المواقيت أو داخل الحرم من حيث الإحرام، وطواف الوداع، والقدوم، والقران، والتّمتّع. وينظر تفصيلات ذلك في (قران - تمتّع - حجّ - إحرام).
ب-إقامة المسلم في دار الحرب:
3 - إقامة المسلم في دار الحرب لا تقدح في إسلامه، إلاّ أنّه إذا كان يخشى على دينه، بحيث لا يمكنه إظهاره، تجب عليه الهجرة إلى دار الإسلام، لقول اللّه تعالى: «إنّ الّذين توفّاهم الملائكة ظالمي أنفسهم، قالوا: فيم كنتم؟ قالوا: كنّا مستضعفين في الأرض. قالوا: ألم تكن أرض اللّه واسعةً فتهاجروا فيها»، وهذا إذا كان يمكنه الهجرة ولم يكن به عجز، لمرضٍ أو إكراهٍ على الإقامة.
أمّا إذا كان لا يخشى الفتنة ويتمكّن من إظهار دينه مع إقامته في دار الحرب، فإنّه يستحبّ له الهجرة إلى دار الإسلام، لتكثير المسلمين ومعونتهم، ولا تجب عليه الهجرة.
وقد كان العبّاس عمّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم مقيماً بمكّة مع إسلامه.
وللفقهاء تفصيلات كثيرة في ذلك: (ر: جهاد - دار الحرب - دار الإسلام - هجرة).
ثانياً: الإقامة للصّلاة
الألفاظ ذات الصّلة بإقامة الصّلاة:
4 - هناك ألفاظ لها صلة بالإقامة للصّلاة منها:
أ - الأذان: يعرّف الأذان بأنّه: إعلام بدخول وقت الصّلاة بألفاظٍ معلومةٍ مأثورةٍ على صفةٍ مخصوصةٍ يحصل بها الإعلام.
فالأذان والإقامة يشتركان في أنّ كلّاً منهما إعلام، ويفترقان من حيث إنّ الإعلام في الإقامة هو للحاضرين المتأهّبين لافتتاح الصّلاة، والأذان للغائبين ليتأهّبوا للصّلاة، كما أنّ صيغة الأذان قد تنقص أو تزيد عن الإقامة على خلافٍ بين المذاهب.
ب - التّثويب: التّثويب عود إلى الإعلام بعد الإعلام. وهو عند الفقهاء، زيادة " الصّلاة خير من النّوم ".
حكم الإقامة التّكليفيّ:
5 - في حكم الإقامة التّكليفيّ رأيان:
الأوّل: أنّ الإقامة فرض كفايةٍ إذا قام به البعض سقط عن الآخرين، وإذا ترك أثموا جميعاً. قال بهذا الحنابلة، وهو رأي لبعض الشّافعيّة في الصّلوات الخمس، ولبعضٍ آخر للجمعة فقط. وهو رأي عطاءٍ والأوزاعيّ، حتّى روي عنهما أنّه إن نسي الإقامة أعاد الصّلاة، وقال مجاهد: إن نسي الإقامة في السّفر أعاد، ولعلّه لما في السّفر من الحاجة إلى إظهار الشّعائر. واستدلّ للقول بأنّها فرض كفايةٍ بكونها من شعائر الإسلام الظّاهرة، وفي تركها تهاون، فكانت فرض كفايةٍ مثل الجهاد.
الثّاني: أنّ الإقامة سنّة مؤكّدة، وهو مذهب المالكيّة، والرّاجح عند الشّافعيّة، وهو الأصحّ عند الحنفيّة، وقال محمّد بالوجوب، ولكن المراد بالسّنّة هنا السّنن الّتي هي من شعائر الإسلام الظّاهرة، فلا يسع المسلمين تركها، ومن تركها فقد أساء، لأنّ ترك السّنّة المتواترة يوجب الإساءة وإن لم يكن من شعائر الإسلام، فهذا أولى، وفسّر أبو حنيفة السّنّيّة بالوجوب، حيث قال في التّاركين: أخطئوا السّنّة وخالفوا وأثموا، والإثم إنّما يلزم بترك الواجب. واحتجّوا للسّنّيّة «بقوله صلى الله عليه وسلم للأعرابيّ المسيء صلاته: افعل كذا وكذا». ولم يذكر الأذان ولا الإقامة مع أنّه صلى الله عليه وسلم ذكر الوضوء واستقبال القبلة وأركان الصّلاة ولو كانت
¥