تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[قبول الآخر:انتحار الذات؟]

ـ[عزام عز الدين]ــــــــ[04 Apr 2008, 09:10 ص]ـ

«قبول الآخر» .. انتحار الذات؟

http://www.alarab.com.qa/details.php?docId=8849&issueNo=94&secId=23

2008-04-04

أحمد خيري العمري *

الكل يتحدث الآن عن «قبول الآخر»، كما لو أنه صرعة الموسم، وكما لو أنه الحل السحري لكل مشاكلنا، وكما لو أن عدم قبول الآخر، هو السبب في كل ما نحن فيه، فواحد يشدد على ضرورة «قبول الآخر»، وآخر ينادي بنشر ثقافة «قبول الآخر»، وثالث يقيم دورة تدريبية لتعليم «قبول الآخر» وسط حضور وسائل الإعلام احتفاءً بالحدث الجلل، وهنا كاتبة تروج لروايتها الجديدة فتقول إنها تتحدث عن «قبول الآخر»، وهنا تربوية تتحدث عن ضرورة غرس «قبول الآخر» عند الأطفال، وهنا ممثلة ناشئة يسألها محاورها عن أهم ما تعلمته في تجربتها الفنية، فترد عليه بما يناسب كل الأسئلة هذه الأيام: إنه قبول الآخر!

حتى بعض المشايخ، هداهم الله وإيانا، انتقلت العدوى لهم، أو أنهم خافوا أن يعد سكوتهم عن الأمر «رفضا» للآخر والعياذ بالله، فانطلقوا يعظوننا عن القبول بالآخر، وكيف أنه أساس من أسس الإسلام، وكيف أن القرآن حثنا عليه، وكيف أن القبول بالآخر هو واجب أساسي من واجباتنا تجاه العالم، مستخدمين في خضم ذلك، نصوصا قرآنية وأحاديث نبوية لا علاقة لها بالأمر لا من قريب ولا من بعيد، ولكن لا يهم ما دام الاستشهاد يضعها في موضع قبول الآخر، حتى إننا لن نستبعد أن يتحدث واحد منهم عن القبول بالآخر، باعتباره «رضي الله عنه»!.

«قبول الآخر» مصطلح فضفاض ومطاط، وهو خطر ليس لأنه كذلك، فكثير من المصطلحات تكون فضفاضة ومطاطة، ولكن خطورته في أنه يكاد يفرض على الجميع بطريقة تجعل اعتناقه بديهة، دون أي توضيح حقيقي لهذا المفهوم، مجرد ترويج للقبول بالآخر دون توضيح من هو هذا الآخر، أو ما هو هذا الآخر، ودون توضيح نوعية هذا القبول، وهل هو قبول مشروط بضوابط، أم أنه مفتوح بلا حدود واضحة. وهذا هو أخطر ما في الموضوع وأكثره تأثيراً وسلبية. ولو أن المقصود بقبول الآخر هو التعايش (وهو غالباً مقصد الآيات القرآنية الكريمة التي تستخدم في سياق الترويج لقبول الآخر) لكان ذلك ليس أمراً مقبولاً فحسب، بل مطلوباً بشدة، لأنه بالفعل يمثل أساساً من أساسات التعامل وضرورة من ضرورات الاستمرار. لكن «التعايش» له حدود، وله ضوابط، تكون بمثابة عقد ما بين المتعايشين، وتكون هوية كل منهم واضحة، بدون أي تخطٍّ لخطوط معينة، من قبل أي طرف ..

حتى «التسامح»، وهو المصطلح الأقرب لمصطلح «قبول الآخر»، وربما يكون أساسه ومصدره، حتى «التسامح» يمثل معنى أكثر تحديداً ووضوحاً، وبالتالي قبولاً، من مصطلح «قبول الآخر» هذا مع العلم أن هناك خلطاً في ترجمة العبارتين، فكثيراً ما تستخدم ( tolerance) في النصوص الأجنبية، لكنها تترجم إلى «قبول الآخر» بدلاً من التسامح، رغم أن الإيحاءات الداخلية لبنية الكلمتين مختلفة ..

الجذر التأسيسي لمصطلح التسامح ولد في القرنين الـ 16، والـ 17 في خضم الإصلاح البروتستانتي والحروب الدينية (المذهبية في حقيقتها) وتقسيم الكنيسة، وكرد فعل للاضطهاد والقتل والتنظير الكنسيين لهما، نشأ الجدل والنقاش حول أهمية التسامح، أهم ما أنتج في تلك الفترة حدث في بريطانيا بعد الحرب الأهلية الإنجليزية، وأنتج مفهوماً للتسامح يخص من اعتبرهم المسيحيين واليهود، (ولم يعتبر أن ذلك يخص الكاثوليك، ولا الملحدين)، تطورت نظرية التسامح لاحقا وأدخلت فيها فكرة فصل (الكنيسة عن الدولة)، التي سيكون لها لاحقاً ما يكون من أثر، وكان قانون التسامح الذي صدر عام 1689م مثالاً على ذلك كله، حيث قدم القانون عفواً للبروتستانت البريطانيين الذين انشقوا عن كنيسة إنجلترا، ولكن ليس للكاثوليك الذين كرَّس القانون عزلهم الاجتماعي والسياسي، ومنعهم حتى من التعليم. فلاسفة التنوير (مثل فولتير) قدموا إضافات أخرى وسعت من مفهوم التسامح. لكن علينا أن ننتبه إلى نقطتين مهمتين هنا، الأولى: أن فكرة التسامح في جذرها الأصلي أسست من أجل الخروج بالمجتمع من حرب أهلية داخلية، ووجهت من أجل إحداث تماسك اجتماعي داخلي بين فئات مجتمع واحد. أي أن الأساس في كل ذلك كان لترسيخ وتقوية التعايش مع «الآخر ضمن المجتمع نفسه» وليس مع الآخر الهلامي الذي

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير