[من ينقذ ماري من مستنقع الإلحاد؟]
ـ[أبو الخير صلاح كرنبه]ــــــــ[23 Jan 2008, 05:03 م]ـ
الاثنين13 من محرم1429هـ 21 - 1 - 2008م الساعة 05:24 م مكة المكرمة 02:24 م جرينتش الصفحة الرئيسة > نحن والغرب
[من ينقذ ماري من مستنقع الإلحاد؟]
مفكرة الإسلام: من المعلوم أن التحديات التي تتعرض لها الأقليات المسلمة في أنحاء العالم المختلفة تختلف بين إلحاد وزندقة ومذاهب وضعية وفلسفات لاهوتية تبرز على مسرح التحديات، بنفوذ السلطات الحاكمة أو بالأكثرية أو بالأكثرية العددية أحيانًا أخرى، فهذه ملامح تجعل سمات الأقليات المسلمة تختلف عن سائر الأقليات.
وقد واجهت الأقليات المسلمة في روسيا الاتحادية ألوانًا من التحديات انصبت على صراع قديم بينها وبين الصليبية استغرق عدة قرون، وأهرقت فيه الكثير من دماء الموحدين الطاهرة، ومع ذلك خرجت الدعوة الإسلامية منه بأنصار لها من شعوب شرقها وغربها وجنوبها.
وفي مستهل القرن العشرين تغيرت التحديات إلى صراع مذهبي، تحدى الإسلام والمسيحية معًا، ألا وهو الإلحاد الذي تولى كبره الحكم الشيوعي الماركسي، وهكذا عانت الأقليات في جمهوريات روسيا من تحديات مختلفة مما يجعل القضية تأخذ أبعادًا عنصرية.
وبالرغم من أن الأقليات المسلمة تنتمي إلى أصول عرقية واحدة تربطها بالأغلبية، إلا أن التفرقة تأتت من الفوارق الدينية، والقضية هنا عقائدية بحتة.
والبيانات المستمدة عن الأقليات المسلمة معظمها من مصادر منحازة ضدها، فقد تأتي من مصادر غربية، وهذه تكتب بعاطفة لها خلفية حاقدة على الإسلام والمسلمين؛ فتحاول التقليل من حصتها العددية في كيان الأغلبية التي تعيش وسطها، وتعطي صورًا مهزوزة لا تمت لواقع الأقليات المسلمة بصلة.
أو تأتي من بيانات حكومية عبر سلطات ملحدة يهمها تحطيم القيم العقائدية ليتحول مجتمعها إلى الولاء المذهبي، فتحاصر المجتمعات الإسلامية بستائر زائفة تجعلهم في عزلة لتقدم منها طعمًا لحملات التشكيك والإلحاد حتى تنمحي شخصيتهم الاجتماعية ويدخلون مرحلة الذوبان في مجتمع الأكثرية.
وفي بعض بيئات الأقليات المسلمة قد يحدث عكس ما سبق، فقد تكون الأقلية المسلمة محورًا ناميًا، لها دورها في اجتذاب أنصار جدد من أفراد شعوبهم، فمن الأقليات المسلمة من يعيش وسط شعوب وثنية ملحدة، وتشكل الأقليات هنا كيانًا عرقيًا ولغويًا متجانسًا يستطيع أن يجذب للدعوة عناصر جديدة.
ونحن اليوم بصدد الحديث عن إحدى جمهوريات روسيا الاتحادية، وقد ذكرت تقارير موثوقة صادرة عن المنظمات المسؤولة عن العمل الإسلامي في روسيا أن الإسلام في روسيا يشغل المرتبة الثانية، وأن عدد المسلمين في جمهورية روسيا الاتحادية يزيد عن ثلاثين مليون نسمة!! أي ما يعادل 18% من إجمالي السكان في روسيا البالغ عددهم حوالي (145) مليون نسمة، ولهم تسع جمهوريات إسلامية مشتتة جغرافيًا ضمن "روسيا الاتحادية" في ظل حكم ذاتي صوري!!
كما ذكرت التقارير أيضًا أن غالبية المسلمين في روسيا يتمركزون في مناطق الجمهوريات الإسلامية الخاضعة لروسيا ـ والتي تمثل لروسيا أهمية بالغة نظرًا لمواقعها الاستراتيجية، ولما حباها الله به من ثروات اقتصادية ـ، كما أنه يوجد في العاصمة الروسية "موسكو" حوالي مليون مسلم.
ومن المعلوم أن المسلمين في روسيا ليسوا مهاجرين كما هو الحال في الغرب، بل هم أصحاب الأرض الحقيقيين التي يحتلها الروس منذ قرون طويلة.
ومع ذلك يعاني المسلمون في روسيا بشكل عام بما فيها الجمهوريات الإسلامية من ضعف الرابطة الدينية بينهم وتفرقهم؛ وذلك بسبب العزلة الطويلة التي فرضت عليهم إبان الحكم الشيوعي.
كما أنهم يعانون جميعًا من الفقر والعوز وسوء الحالة الاقتصادية، بالرغم من أن ديارهم ذات خصوبة زراعية عالية، وتجري في معظمها الأنهار، وتختزن أراضيها ثروات معدنية كثيرة؛ منها البترول الذي يستخرج من منطقة "القوقاز" و"باشكيريا" ـ التي سبق الحديث عنها من قبل ـ بكميات تجارية، لكن سوء الإدارة والإهمال الحكومي حاليًا، والنظام الشمولي أيام الشيوعيين؛ كلها عوامل أدت إلى زيادة الفقر وانتشار الاتكالية وقلة الإنتاج.
إلى هنا نتوقف لنستكمل المسير في الحلقة القادمة إن شاء الله، حيث نقوم بزيارة إحدى الجمهوريات الإسلامية التابعة لروسيا الاتحادية فإلى اللقاء