التمثيل حقيقته، تاريخه، حُكمه
ـ[مصطفى علي]ــــــــ[07 Mar 2008, 08:57 ص]ـ
التمثيل
حقيقته، تاريخه، حُكمه
إعداد
بكر بن عبدالله أبو زيد
دار الراية للنشر والتوزيع - الطبعة الأولى 1411هـ
أعده للنشر عبر شبكة الإنترنت شبكة أنا المسلم للحوار الإسلامي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فإن التمثيل أصبح في الحياة المعاصرة (فناً) له رواده، ومدارسه، وطرائقه، بمسلسلاته، ومسرحياته، على اختلاف وسائل نشره في: الإذاعة، والتلفاز، وعلى خشبات المسارح، وردهات النوادي. فصار بهذا يشغل حيّزاً كبيراً في حياة المسلمين: حرفة، أداءاً، وسماعاً، و مشاهدة. فكل مدرسة من مدارس التمثيل تجلب من التمثيليات والمسلسلات ما يُروجها ويُكسبها سمعة وانتشاراً. إذ هي جواد رابح ُتحاز من ورائه الأموال.
ويندر أن ترى الفرق بين أن تكون الممارسات والعرض في دار إسلام، أو دار كفر.
وقد استشرى هذا في البيوتات، والأماكن العامة، فملأ أفئدة عوام الأمة: رجالاً ونساءاً وولدانا. حتى أن من يمجها ولا يهرع إليها، يُوصف بأنه (فاقد الخيال).
لهذا: رأيت أن أبّين للمسلمين منزلة هذا (التمثيل) من العلم والدين، لأن تصرفات المسلم لا بد أن تكون محفوفة برسم الشرع، في دائرة نصوصه وقواعده، وآدابه.
ولنرى بعد: هل من يستمزجها؟ (له خيال) أم فيه (خبال)؟.
وينتظم ذلك سبعة أبحاث هي:
المبحث الأول: ذكر ما كُتب في هذه النازلة تبعاً أو استقلالاً.
المبحث الثاني: في حقيقة التمثيل وأسمائه.
المبحث الثالث: تاريخه وأصله في الاعتياد والتعبد.
المبحث الرابع: أنواعه.
المبحث الخامس: غايته وأهدافه.
المبحث السادس: المدرك الفقهي الشرعي لحكمه.
المبحث السابع: شبه وجوابها.
ومن هذه الأبحاث سيعلم الناظر مما جلبته فيها: أنها ليست نازلة مستجدة من كل الوجوه، لتقادم العهد بوجود وقائع لها، و مقابلتها من العلماء بالإنكار منذ القرن الثالث.
وإن الإمام النووي المتوفي سنة 676هـ - رحمه الله تعالى - ذكر تمثيل الوعاظ، وتمثيل المعلمين، في كتابه (الروضة)، وعنه ابن حجر الهيثمي في (الإعلام).
و (قصة التمثيل) للوعظ، ذكرها ابن عبد ربه في (العقد الفريد) وعنه البكري في (الوفاقات) كما في (صهاريج اللؤلؤ).
و (خيال الظل) ضرب من ضروب التمثيل، وإلى ابن الجوزي - رحمه الله تعالى - يُنسب البيتان المشهوران. وقد جمع العلامة أحمد تيمور فيه ما وقع له من قصص وحكايات وموقف العلماء والحكام منها مما سيمر نظرك عليه في هذا الكتاب - إن شاء الله تعالى -.
لكن صار اعتباره (نازلة) عصرنا، لأنه أصبح (فناً) له رواده، و مدارسه، ويشكل ظاهرة منتشرة في الأمة.
فمن الواجب إذاً البيان للناس عن حكم هذه الظاهرة، لنعلم هل هي اعتلال في حياتها، أم داعية استقامة على صراطها. والله الموفق.
بكر أبو زيد
المبحث الأول: ما كتب في هذه النازلة
في أخريات القرن الرابع عشر الهجري صار التمثيل فناً يمارس بشكل يتبارى فيه المخرجون له، والكتب الغثائية التي تشرح هذا وتبينه متكاثرة جداً، وذكرها هنا لا يعنينا. والذي يقصد هو بيان الحكم الشرعي للتمثيل، والتي تكشف عن تاريخه وأصله في الأمم. وقد تم الوقوف على جملة من الرسائل، والأبحاث، والفتاوى، هذا بيانها:
أولاً: الرسائل والمؤلفات استقلالاً في التمثيل:
1 - طيف الخيال. لابن دانيال الموصلي. م سنة 760هـ مطبوع في آخر كتاب إبراهيم حمادة الآتي.
2 - خيال الظل، واللعب والتماثيل المصورة عند العرب، تأليف / أحمد تيمور باشا. طبع دار الكتاب العربي بمصر عام 1376هـ.
3 - خيال الظل وتمثيليات ابن دانيال: تأليف / إبراهيم حمادة، طبع وزارة الثقافة بمصرعام 1961م. ويقع في 246 صفحة.
4 - الوفاقات في العادات. تأليف / محمد توفيق البكري. رسالة طبعت بحاشية كتابه (صهاريج اللؤلؤ)، ص / 258 - 262. طبع بمصر بلا تاريخ.
شرحه أحمد بن الأمين الشنقيطي.
5 - إقامة الدليل على حرمة التمثيل. تأليف/ أحمد بن الصديق الغماري.
رسالة تقع في / 35 صفحة. طبع دار مرجان يمصر. قبل عام 1356هـ.
¥