[من خطب الشيخ حسين بن عبد العزيز آل الشيخ التحذير من البدع والمحدثات]
ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[10 May 2008, 01:45 م]ـ
[من خطب الشيخ حسين بن عبد العزيز آل الشيخ التحذير من البدع والمحدثات]
قضايا في الاعتقاد
المدينة المنورة المسجد النبوي
3/ 7/1419هـ
ملخص الخطبة
1 - الحث على التمسك بالكتاب والسنة. 2 - التحذير من البدع. 3 - حث السلف على لزوم السنة وترك البدعة. 4 - هجر المبتدع. 6 - بدع رجب. 7 - بدعة الاحتفال بالإسراء والمعراج.
الخطبة الأولى
أما بعد: أيها المؤمنون، أوصيكم ونفسي بتقوَى الله عزّ وجلّ سرًّا وجَهرًا لَيلاً ونهارًا.
أيها المسلمون، كتابُ الله سبحانه وسنّة رسوله لم يترُكا في سبيل الهِداية لقائل ما يقول، ولا أبقيا لغيرهما مجالاً يُعتَدّ به، فالدين قد كَمُل، والسعادة الكبرى فيما وضع، والطِلْبة فيما شرَع، وما سِوى ذلك فضلالٌ وبهتانٌ وإفكٌ وخسران، والعاقد عَليهما بكِلتا يديه مستمسكٌ بالعروة الوثقى، محصِّلٌ لكلمتَي الخير دنيًا وأخرى.
إخوة الإيمان، دين الإسلام مبنيٌّ على أصلين عظيمين وركيزتين أساسيتين: الإخلاص لله جل وعلا والاتّباع لهدي المصطفى، بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ [البقرة:112].
وخيرُ طريق يكون به الاتِّباع المحمود ويحصُل به الاقتِداء المنشود هو طريق نبيِّنا؛ إذ طريقه هو الَمعِين الصافي ومصدَر النور والهدى وإشعاع الخير والفلاح والزكاء، والبُعد عن هذا الطريق أو الجنوح عنه بليّةٌ عظمى وفِتنةٌ كبرى يدعو إليهَا عدوُّ الأمّةِ إبليسُ وحِزبه، يستغِلّ جهلَ بعضِ المسلمين لدينهم أو مَيلَهم مع الهوى، فيزيِّن لهم ما ليس بمشروع، ويُحسّن لهم ما ليس بمحمود، يُحدث لهم رهبانيّة مبتدَعة وشرائعَ محدثة تنأى بهم عن عِلم السنّةِ المطهرة، يُسوّغ لهم التعصّبَ للآراء والرِّجال لِيحولَ بين المرءِ واتِّباع الدليل وسبيلِ الحقّ، وبذا انحرَف بعضٌ عن سواءِ السبيل، فشوَّهوا حقيقةَ الدين، وأصبحوا لا يفرّقون بين حقٍّ وباطلٍ، ولا يعرفون السنَّة من خلافِها، فظنوا الحسنَ قبيحًا والقبيحَ حسنًا، فصدق فيهم قول المولى جل وعلا: قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا [الكهف:103، 104]، فما يفتح لهم الشيطان بابًا من الضّلال إلا ولَجُوه، ولا يُزيِّن لهم طريقًا من طُرقِ البدَع إلاّ سلكوه.
أيّها المسلمون، لا شيءَ بعد الشرك أعظم فسادًا للدّين وأشدّ تقويضًا لبنيانه وأكثر تفريقًا لشمل الأمّة من البدع؛ فهي تفتِك به فتكَ الذئب في الغنم، وتنخر فيه نخرَ السوس في الحبِّ، وتسري في كيانه سَريان السرطان في الدّم والنار في الهشيم، جَعَلَت المسلمين شِيعًا وأحزابًا، شتَّت شملهم، وجعلتم لقمةً سائغةً لأعدائهم؛ إذ فيها البُعد عن الصراط المستقيم والهديِ المستبين، وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ [الأنعام:153].
ومن هنا ـ إخوة الإيمان ـ جاءت النصوص المتكاثرة والأدلة المتضَافِرة في وجوبِ اتّباع السنَّة والتحذير من البدعةِ وكشف سوءِ عاقبتِها في الدنيا والآخرة.
فهذا كتاب ربِّنا يبيِّن لنا عظيمَ ثواب الاتّباع وكبيرَ خطَر الابتداع، يقول سبحانه: يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ [آل عمران: 106]، قال ابن عباس رضي الله عنهما: (تَبْيَضُّ وجوه أهل السنة، وتَسْوَدُّ وجوه أهل البدع). ويقول عزّ شأنه مبيِّنًا أن البدعَ تفريقٌ للدّين وخروجٌ عن هدي سيِّد المرسَلين: إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ [الأنعام:159]، جاء عن عائشة رضي الله عنها مرفوعًا: ((هم أصحاب الأهواء والبِدَع والضلالة من هذه الأمة)).
¥