[بل هو خير لكم]
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[04 Apr 2008, 07:00 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
لقد جاءت الرسوم الساخرة من عظيم الإنسانية – عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم – لتجرح مشاعر المسلمين في أنحاء المعمورة فحسب , دون أن تنال من قدره أو تضع من مكانته، لأنه عظمه ربه جل وعلا ورفع ذكره وأعلا شأنه فهو في الرفعة والشرف في مناط الثريا،بل يزيد , وهذه المكانة مما ابتعد عن منال البشر وتفرد الله فيه بالتصرف والإحكام فحاله كحال التحدي من إبراهيم ?حين قال عن الشمس "فأت بها من المغرب"
فما حصل من استهزاء وسخرية وجرح للمشاعر وإيذاء للمؤمنين جزاؤه "والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا "ولقد برزت للعالم في أعقاب تلك الأعمال الشنيعة لوحة عالمية تشكلت من خلالها تداعيات أمة الإسلام في عالمها الكبير وبدأت تلك التلازمية بين روح الأمة فكانت كالجسد الواحد الحي الذي يأبى الظلم والتفكك ولكأن الحدث تفتق عن إطلالة رائعة للحبيب المصطفى? تذكر الوجود بأكمله عظمته وشمائله وخبره ومبدأه ودعوته وتلم شمل الأمة من جديد.
ولم يكن ذلك الحدث شرا وإن حسبناه كذلك فلقد قال تعالى عن حادثة تفوق ما حدث في الرسوم الساخرة? إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم? "ومن هنا رأيت أن أسجل هذه الوقفات:
1 - ليعلم كل مسلم وكل مسلمه أن ظاهرة الاستهزاء والسخرية ليست وليدة عصرنا هذا بل هي قديمة قدم الرسالات"ولقد استهزئ برسل من قبلك ".فقد تعرض صلى الله عليه وسلم ورسل آخرون للاستهزاء والسخرية في حياتهم فصبروا على ما كذبوا وأوذوا ولاشك أن الاستهزاء بهم في حياتهم أكبر وأشد على نفوسهم منه بعد مماتهم عليهم الصلاة والسلام.
2 - أن الله سبحانه وتعالى قد تكفل كفالة مطلقة لرسوله الكريم في حياته وبعد مماته بتولي أمر الاستهزاء فقال في وعد لا يخلف ((إنا كفيناك المستهزئين.)) واستهزاء المعاصرين هو نسخة متجددة من مقولات أسلافهم (ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك) 0
3 – من المعلوم الذي لا شك فيه أن ما يفعله الساخرون المستهزئون في علنهم وإعلامهم لا يمثل بواطنهم وما استقر في نفوسهم من قناعة وإدراك، فهم يعلمون أن الرسول حق وإنما جاء به حق وصدق وعدل لكن الظالمين بآيات الله يجحدون، وربنا يخبرنا بما في قلوبهم ((قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون)) وقوله: (فلما جاءتهم آياتنا مبصرة قالوا هذا سحر مبين وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا فانظر كيف كان عاقبة المفسدين)) ولكن استكبارهم وعتوهم أعماهم عن إعلان الحق والاعتراف به فضلا عن قبولهم له وامتثاله.
4ـ الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، رسول إلى العالم كله وليس للعرب وحدهم ولا للإنس وحدهم بل هو مرسل إلى الوجود حتى الجماد من حجر وشجر ونحوه. فإذا كان الأمر كذلك كان ينبغي لأولئك الساخرين في الأدنى القليل إذ هم لم يقبلوا دعوته ويتنوروا بهديه أن يكفوا عن ذمه والانتقاص من قدره من باب الإنصاف ومقابلة الجميل بما هو أقل القليل ولا شك أن ما صدر منهم يصور ما انطوت عليه نفوسهم من الخسة واللؤم، فأي نفوس تلك تتعامل مع من جاءها بالخير والصلاح وأمضى مشوار حياته التي لا تخفى حدَباً على الإنسانية لتنجو من عذاب الله وتفوز بالنعيم المقيم.
5 - هذه الحادثة تضوع مسك الرسالة على إثرها وفاح عبيرها ولكأنها المرادة بقول الشاعر:
وإذا أراد الله نشر فضيلة * طويت أتاح لها لسان حسود
لولا اشتعال النار فيما جاورت * ما كان يعرف طيب عرف العود
نعم نشرت صحائف من شمائله ? وسيرته ومناقبه وتعامله مع خصومه ومخالفيه فتجدد بذلك للناس ذكرى الحسن والجمال والعدل والطهر والصفاء والرحمة وسطع في الوجود من جديد ذلكم الإشراق الإلهي الخالد.
¥