تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[مقال لسلمان العودة: مقالب]

ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[08 Apr 2008, 04:00 م]ـ

وكأني به يتحدث عن د. عائض القرني:)

وإلا فهو يصلح نصيحة لكثيرين ممن هم على حاله، أو على حال الكاتب.

=====

مقالب!

د. سلمان بن فهد العودة

المصدر:

http://www.islamtoday.net/pen/show_articles_content.cfm?id=64&catid=38&artid=12204

كنت أحسب نجمه قد خفت، لبعد عهدي به، وضعف اتصالي بخبره، بيد أن لقائي معه قد غيّر حسباني؛ فالرجل مشرق الوجه، ظاهر الحماس، متحفّز للعطاء، يحمل ثلاثة أجهزة جوال، يرد على هذا، ثم هذا، ثم ذاك، وهو منهمك أثناء حديثه معك بتسطير رسالة، ويقدم لك الاعتذار بأن الأمر عاجل، وإلا فالتهذيب لا يحتمل أن يتشاغل عنك بهذه الطريقة، وحين استطعمته الحديث شعرت معه بنشوة الإنجاز.

فرغ لتوّه من مؤتمر مهم شارك فيه، وهو الآن في الطريق إلى ندوة علمية، وسيمرُّ على البيت لأمسية واحدة فحسب، ثم ينطلق إلى سفر طويل, تتخلله محاضرات عديدة، ينتهي منها بتسجيل برنامج تلفازي في مائة حلقة.

وإجابة على استيضاح بشأن الكتب، فثمت عنوانات عديدة، قد يطبع منها مئات الألوف من النسخ، أما هذا العنوان الخاص فقد طبع منه - بحمد الله - ثلاثة ملايين نسخة, عدا ما طبع للتوزيع الخيري والنسخ المسروقة!

وفي الموقع الإلكتروني " ===== " نوافذ عديدة، ومداخلات، وبحوث، وبرامج، وتواصل عبر الإيميل، واستشارات وقصائد ومحاولات ..

- أدركت كم إن الحياة فعلاً تزخر بالمنتجين والعاملين والمبدعين والمؤثرين على أكثر من مستوى، وفي أكثر من ميدان، وأنها قابلة لتتسع للمزيد والمزيد من الداخلين والمحاولين، فكل قادم إلى هذا الوجود له مقعد مرصود؛ يصله بجهده وصبره وتوظيفه لمواهبه، بعد توفيق الله وتسديده.

والحياة للناجحين كالجنة، أبوابها عديدة، وفضاؤها فسيح، ولا تزال تستوعب الوافدين إليها, وتدفعهم لأعلى المقامات، كلما أنجزوا وواصلوا (اقْرَأ وَارْتَقِ).

وهي للفاشلين كالنار تحطمهم، وتذيقهم ألوان العذاب، وترحب بالمزيد منهم (هَلْ مِنْ مَزِيد)، يستوون فيها هم والجماد (وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ)

- أدركت كم إن المرء محتاج إلى الشعور بالإنجاز والتأثير والنجاح, حتى يواصل سيره، إنه الحادي الذي يدفع النفس إلى ديمومة العطاء والتوهج، ويقاوم عوامل الإحباط واليأس والقنوط.

سبحانك اللهم؛ خلقت فينا هذا الإحساس المعتدل بالإنجاز لدوام دافعيتنا للفعل، وكيف نتوقف ونحن نرى الثمار من بين أيدينا ومن ورائنا، ونجد الرغبة والإقبال، ونسمع الثناء والإطراء، ونلمس التجاوب والتفاعل!

- أدركت أثر الشخصانية في التقويم، فحين أنهمك في ميداني وألهو عن الآخرين وأخبارهم أظن أنهم قد احترقوا، وقد تعزز عوامل الغيرة والمنافسة هذا المعنى .. حتى ليصدق قول المتنبي:

كَم قَد قُتِلتُ وَكَم قَد مُتُّ عِندَكُمُ

ثُمَّ اِنتَفَضتُ فَزالَ القَبرُ وَالكَفَنُ

فأقول عن آخرين إنهم ذبلوا، أو ماتوا، أو قتلوا، أو انتهوا، هذه هي السُّنَّة، حق على الله ألا يرتفع شيء إلا وضعه!

وكأنني أعدّ نفسي استثناء من هذه السنة، وأظن أن البشرية تذبل وتموت لتمنح مكانها لي!

ولماذا استعجل موت الناس قبل أوانهم؟ ألم يقل الله سبحانه وتعالى: "وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ" [الأعراف: 34]، "وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا " [المنافقون: 11] فلم تراني مسارعاً لدفن الناس حتى قبل أن يلفظوا أنفاسهم الأخيرة، نعم! النبي - صلى الله عليه وسلم- يقول: "أسرعوا بالجنازة "، ولكن أنت أمام قوم أحياء أراك تستعجل مناياهم، أو تمني النفس برحيلهم، ولعلهم أذكر منك وأشهر، ولعلهم أتقى وأبقى، والأعمار بيد الله!

- أدركت كم نخطئ في تقويم مكانة الآخرين، ونحاول تعميم الانطباع الشخصي الذاتي, وكأنه حكم من الناس أجمعين، وهو انطباع يتأثر بالمنافسة، وبالموافقة أو الاختلاف، وبالحب أو البغض، وما منا إلا .. ولكن سِتر الله عصمة.

قد يغيب صاحبك عن ميدان فيفتح له في غيره، وقد تكثر عليه الهموم والانشغالات فيختار أمثلها وخيرها؛ لأن الواجبات أكثر من الأوقات، وقد "يعيد انتشار" جنوده بحثاً عن الميدان الأكثر تأثيراً والأكثر خلوداً والأبقى أثراً بعيداً عن الضجيج الوقتي.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير