تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[حديث في الأخوة والحب في الله]

ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[19 Jan 2008, 02:50 ص]ـ

كنت بصدد إعداد مادة حول (الأخوة والحب في الله)، فعثرت في ما أحتفظ من مقالات على كلمات رقيقة في هذا المعنى، متعلقة بحال الكتّاب مع من يكتبون لهم لهم، فيقرأون لهم، مثل حال أهل هذا المنتدى. فأردت عرضها للاستفادة:

الأخوة الإسلامية

بقلم: عصام العطار

كنتُ جالساً في بيتي مُتْعَباً مكدوداً قد اشتدّ عليَّ المرض.

وكنت أُغالِبُ نفسي لعلّي أستطيع أن أقرأ شيئاً ممّا أمامي من الكتب .. والنفسُ تَشُدُّني شَدّاً إلى الفراش.

ورنّ جرس الهاتف .. رفعت السماعة فإذا صوت أخي الدكتور م-م

قال: - أتدري من أين أتحدّث إليك؟

قلتُ: - وأنّى لي أن أدري!

قال: - "أنا أتحدّث إليك من الحرم المكّي .. أنا جالس قُبالةَ الكعبة .. بيني وبينها عشرون متراً فقط .. وقد ذكرتُك في هذا الجوّ الروحيّ الرائع، والقلوبُ متوجّهةٌ إلى اللَّه عزَّ وجلَّ، ففاضت مشاعرُ الأُخوّة والمحبة في نفسي فاتصلت بك .. "

لقد نَفَذَتْ إلى قلبي هذه المخابرة .. من الحرم .. من هذا الجوّ، وهذه الظروف.

ما أروع أن يكون للإنسان أخ محبّ يذكره على بُعْدِ المسافات .. في مكان مقدّس ينشغل فيه الإنسان عن كلّ ما سواه .. وأن يدعو له بظهر الغيب

وضعتُ سمّاعةَ الهاتف، وأنا أشعر بسعادة لهذه المخابرة، وبنشاط يَدِبُّ في النفس وفي الجسم .. وإذا بي أُقْبِلُ على القراءة والعمل: إنَّ عَلَيَّ ألاّ أقعد عن أداء الواجب مهما كانت الظروف، وأن أؤدّي حقَّ هذا الحبّ الجميل في اللَّه عزَّ وجلَّ

* * *

يعتريني في بعض الأحيان شَكّ في فائدة ما أكتب، ولربّما صرفني ذلك عن الكتابة فترة تَقْصُر أو تَطُول، فتظهر "الرائد" وليس لي فيها شيء

وقد عبّرتُ عن هذا الشعور مراراً .. ومن ذلك قولي في العدد الماضي:

"يخطر لي عندما أكتب في بعض الأحيان هذا السؤال:

هل أَخُطُّ كلماتي في قلوب وعقول أم أخطّها على رمال؛ وما أضيعَ الكلماتِ التي تُخَطُّ على الرمال، وحياةَ الكاتب الذي يخطّ على الرمال! "

وفي أزمة من أزمات الشكّ هذه، التي يَرْفِدُها ويُقوّيها المرض والتعب .. رنّ الهاتف عندي -وما أكثر ما يرنّ هذا الهاتف! - ولمّا رفعت السماعة بلغني صوتٌ حَيِيٌّ خافت مُتَرَدِّد: - أنا فلان الفلاني مِن " ... " .. أنتَ لا تعرفني .. هل تزعجك المخابرة الآن؟ .. لا تؤاخذني على الإزعاج .. هل أتابع الكلام؟

- نعم نعم .. تفضّل .. أهلاً وسهلاً

- أنا طالب في كلية " ... " في جامعة " ... " في " ... " "وذكر اسم الكلية والجامعة والبلاد التي يدرس فيها في قارّة أخرى غير قارّتنا" .. أردتُ أن أطمئنّ عليك فأنت لم تكتب منذ فترة طويلة

- اطمئن فأنا والحمد لله بخير

- أنا لم أجتمع بك من قبل، ولكنّني أحبّك كثيراً .. أحبك في اللَّه عزَّ وجلَّ، وأقرأ لك كلّ ما أصل إليه .. لقد أَثَّرتْ كلماتك في حياتي تأثيراً عميقاً، ونقلتني من حال إلى حال .. أنا أحفظ كثيراً من هذا الكلمات عن ظهر قلب .. أرجوك أرجوك ألا تنقطع عن الكتابة .. أنا وأمثالي بأمس الحاجة إلى ما تكتب .. "

انتهت المخابرة فقمتُ فوراً إلى المكتب وأمسكتُ القلم بهِمّة جديدة ونشاط جديد، وأنا أستشعر المسؤولية الكبيرة والواجب الكبير، وأستغفر اللَّه من القعود والتقصير.

* * *

عندما صدر العدد السابق من الرائد، ومشى -أو طار- إلى البلاد التي يمشي عادة أو يطير إليها .. كان ممّن اتصل بي مستفسراً أو معلّقاً أخي الجليل الأستاذ م-س-ز.

لقد قرأ ما نَشَرَتْهُ الرائد لي من كلمات بعنوان: "من حديث القلب والفكر" فتأثّر لما قرأ، وتفاعل مع ما أقرأ، وسارع إلى الاتصال بي ..

وكان بيننا حديث شهيّ غنيّ طويل .. فيه ما هو خاص وما هو عام .. ما هو ذاتيّ وما هو موضوعي .. ما هو تاريخيّ وما هو فكريّ .. ما يتّصل بالحاضر وما يَنْظُرُ إلى المستقبل .. وهو في ذلك كلّه يفتح آفاقاً للشعور والتفكير، ويحفز إلى مزيد من العمل والتقدّم على كل صعيد.

إنّ من عيوبنا نحن الإسلامييّن أننا لا نتفاعل تفاعلاً إيجابيّاً حيّاً مع ما نشهد أو نسمع أو نقرأ

قال لي مرّةً كاتب إسلاميّ كبير:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير