تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

اللَّه عنه وكان من الصحابة حيث نفذ وصية الصعب بن جثامة بعد موته وعلم صحة قوله بالقرائن التي أخبره بها من أن الدنانير عشرة وهي في القرن ثم سأل اليهودي فطابق قوله ما في الرؤيا فجزم عوف بصحة الأمر فأعطى اليهودي الدنانير وهذا فقه إنما يليق بأفقه الناس وأعلمهم وهم أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ولعلّ أكثر المتأخرين ينكر ذلك ويقول كيف جاز لعوف أن ينقل الدنانير من تركة صعبة وهي لأيتامه وورثته إلى يهودي بمنام ثم ذكر ابن القيم تنفيذ خالد وأبي بكر الصديق رضي اللَّه عنهما وصية ثابت بن قيس بن شماس رضي اللَّه عنه بعد موته وفي وصيّته المذكورة قضاء دين عينه لرجل في المنام وعتق بعض رقيقه وقد وصف للرجل الذي رآه في منامه الموضع الذي جعل فيه درعه الرجل الذي سرقها فوجدوا الأمر كما قال وقصّته مشهورة، وإذا كانت وصية الميّت بعد موته قد نفذها في بعض الصور أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فإن ذلك يدلّ على أنه يدرك ويعقل ويسمع ثم قال ابن القيم في خاتمه كلامه الطويل والمقصود جواب السائل وأن الميّت إذا عرف مثل هذه الجزئيات وتفاصيلها فمعرفته بزيارة الحي له وسلامه عليه ودعائه له أولى وأحرى. فكلام ابن القيم هذا الطويل الذي ذكرنا بعضه جملة وبعضه تفصيلاً فيه من الأدلّة المقنعة ما يكفي في الدلالة على سماع الأموات وكذلك الكلام الذي نقلنا عن شيخه أبي العباس بن تيمية وفي كلامهما الذي نقلنا عنهما أحاديث صحيحة وآثار كثيرة ومرائي متواترة وغير ذلك ومعلوم أن ما ذكرنا في كلام ابن القيّم من تلقين الميّت بعد الدفن أنكره بعض أهل العلم وقال إنه بدعة وأنه لا دليل عليه ونقل ذلك عن الإمام أحمد وأنه لم يعمل به إلاّ أهل الشام وقد رأيت ابن القيم استدلّ له بأدلّة منها أن الإمام أحمد رحمه اللَّه سئل عنه فاستحسنه واحتجّ عليه بالعمل ومنها أن عمل المسلمين اتّصل به في سائر الأمصار والأعصار من غير إنكار ومنها أن الميّت يسمع قرع نعال الدافنين إذا ولّوا مدبرين واستدلاله بهذا الحديث الصحيح استدلال قوي جدًّا لأنه إذا كان في ذلك الوقت يسمع قرع النعال فلأن يسمع الكلام الواضح بالتلقين من أصحاب النعال أولى وأحرى واستدلاله لذلك بحديث أبي داود سلوا لأخيكم التثبيت فإنه الآن يسأل له وجه من النظر لأنه إذا كان يسمع سؤال السائل فإنه يسمع تلقين الملقن واللَّه أعلم، والفرق بين سماعه سؤال الملك وسماعه التلقين من الدافنين محتمل احتمالاً قويًّا وما ذكره بعضهم من أن التلقين بعد الموت لم يفعله إلا أهل الشام يقال فيه إنهم هم أول من فعله ولكن الناس تبعوهم في ذلك كما هو معلوم عند المالكية والشافعية قال الشيخ الحطاب في كلامه على قول خليل بن إسحاق المالكي في مختصره وتلقينه الشهادة وجزم النووي باستحباب التلقين بعد الدفن وقال الشيخ زروق في شرح الرسالة والإرشاد وقد سئل عنه أبو بكر بن الطلاع من المالكية فقال هو الذي نختاره ونعمل به وقد روينا فيه حديثًا عن أبي أُمامة ليس بالقوي ولكنه اعتضد بالشواهد وعمل أهل الشام قديمًا إلى أن قال وقال في المدخل ينبغي أن يتفقده بعد انصراف الناس عنه من كان من أهل الفضل والدين ويقف عند قبره تلقاء وجهه ويلقنه لأن الملكين عليهما السلام إذ ذاك يسألانه وهو يسمع قرع نعال المنصرفين، وقد روى أبو داود في سننه عن عثمان رضي اللَّه عنه قال كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميّت وقف عليه وقال استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل إلى أن قال وقد كان سيّدي أبو حامد بن البقال وكان من كبار العلماء والصلحاء إذا حضر جنازة عزى وليّها بعد الدفن وانصرف مع من ينصرف فيتوارى هنيهة حتى ينصرف الناس ثم يأتي إلى القبر فيذكرّ الميّت بما يجاوب به الملكين عليهما السلام انتهى محل الغرض من كلام الحطاب وما ذكره من كلام أبي بكر بن الطلاع المالكي له وجه قوي من النظر كما سترى إيضاحه إن شاء اللَّه تعالى ثم قال الحطاب واستحب التلقين بعد الدفن أيضًا القرطبي والثعالبي وغيرهما ويظهر من كلام الأبي في أوّل كتاب الجنائز يعني من صحيح مسلم وفي حديث عمرو بن العاص في كتاب الإيمان ميل إليه انتهى من الحطاب وحديث عمرو بن العاص المشار إليه هو الذي ذكرنا محل الغرض منه في كلام ابن القيم الطويل المتقدّم،

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير