تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقال القرطبي: قوله تعالى: قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم وصل تعالى بذكر الستر ما يتعلق به من أمر النظر يقال غض بصره يغضه غضا قال الشاعر فغض الطرف إنك من نمير فلا كعبا بلغت ولا كلابا وقال عنترة وأغض طرفي ما بدت لي جارتي حتى يواري جارتي مأواها ولم يذكر الله تعالى ما يغض البصر عنه ويحفظ الفرج غير ان ذلك معلوم بالعادة وأن المراد منه المحرم دون المحلل وفي البخاري وقال سعيد بن أبي الحسن للحسن إن نساء العجم يكشفن صدورهن ورءوسهن قال اصرف بصرك يقول الله تعالى قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم وقال قتادة عما لا يحل لهم وقل للمؤمنات يغضضن من ابصارهن ويحفظن فروجهن خائنة الأعين من النظر إلى ما نهي عنه الثانية قوله تعالى من أبصارهم من زائدة كقوله فما منكم من أحد عنه حاجزين الحاقة وقيل من للتبعيض لأن من النظر ما يباح وقيل الغض النقصان يقال غض فلان من فلان أي وضع منه فالبصر إذا لم يمكن من عمله فهو موضوع منه ومنقوص فمن صلة للغض وليست للتبعيض ولا للزيادة، الثالثة البصر هو الباب الأكبر إلى القلب وأعمر طرق الحواس إليه وبحسب ذلك كثر السقوط من جهته ووجب التحذير منه وغضه واجب عن جميع المحرمات وكل ما يخشى الفتنة من أجله وقد قال صلى الله عليه وسلم إياكم والجلوس على الطرقات فقالوا يا رسول الله ما لنا من مجالسنا بد نتحدث فيها فقال فإذا أبيتم إلا المجلس فاعطوا الطريق حقه قالوا وما حق الطريق يا رسول الله قال غض البصر وكف الأذى ورد السلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر رواه أبو سعيد الخدري خرجه البخاري ومسلم وقال صلى الله عليه وسلم لعلي لا تتبع النظرة النظرة فإنما لك الأولى وليست لك الثانية وروى الأوزاعي قال حدثني هارون بن رئاب أن غزوان وأبا موسى الأشعري كانا في بعض مغازيهم فكشفت جارية فنظر إليها غزوان فرفع يده فلطم عينه حتى نفرت فقال إنك للحاظة إلى ما يضرك ولا ينفعك فلقي أبا موسى فسأله فقال ظلمت عينك فاستغفر الله وتب فإن لها أول نظرة وعليها ما كان بعد ذلك قال الأوزاعي وكان غزوان ملك نفسه فلم يضحك حتى مات رضي الله عنه وفي صحيح مسلم عن جرير بن عبد الله قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظرة الفجاءة فأمرني أن أصرف بصري وهذا يقوي قول من يقول إن من للتبعيض لأن النظرة الأولى لا تملك فلا تدخل تحت خطاب تكليف إذ وقوعها لا يتأتى أن يكون مقصودا فلا تكون مكتسبة فلا يكون مكلفا بها فوجب التبعيض لذلك ولم يقل ذلك في الفرج لأنها تملك ولقد كره الشعبي أن يديم الرجل النظر إلى ابنته أو أمه أو أخته وزمانه خير من زماننا هذا وحرام على الرجل أن ينظر إلى ذات محرمة نظر شهوة يرددها. تفسير القرطبي 12/ 222 – 223.

وقال أيضا: "قوله تعالى: (قل للمؤمنات) خص الله سبحانه وتعالى الإناث هنا بالخطاب على طريق التأكيد، فإن قوله "قل للمؤمنين يكفي لأنه قول عام يتناول الذكر والأنثى من المؤمنين، حسب كل خطاب عام في القرآن .. وبدأ بالغض قبل الفرج لأن البصر رائد للقلب، كما أن الحمى رائد الموت .. فأمر سبحانه وتعالى المؤمنين والمؤمنات بغض الأبصار عما لا يحل، فلا يحل للرجل أن ينظر إلى المرأة ولا المرأة إلى الرجل، فإن علاقتها به كعلاقته بها، وقصدها منه كقصده منها" تفسير القرطبي 12/ 226.

قال الرازي: " اعلم أنه تعالى قال قُلْ لّلْمُؤْمِنِينَ وإنما خصهم بذلك لأن غيرهم لا يلزمه غض البصر عما لا يحل له ويحفظ الفرج عما لا يحل له لأن هذه الأحكام كالفروع للإسلام والمؤمنون مأمورون بها ابتداء والكفار مأمورون قبلها بما تصير هذه الأحكام تابعة له وإن كان حالهم كحال المؤمنين في استحقاق العقاب على تركها لكن المؤمن يتمكن من هذه الطاعة من دون مقدمة والكافر لا يتمكن إلا بتقديم مقدمة من قبله وذلك لا يمنع من لزوم التكاليف له واعلم أنه سبحانه أمر الرجال بغض البصر وحفظ الفرج وأمر النساء بمثل ما أمر به الرجال وزاد فيهن أن لا يبدين زينتهن إلا لأقوام مخصوصين أما قوله تعالى يَغُضُّواْ مِنْ أَبْصَارِهِمْ ففيه مسائل:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير