تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وواجب الحسبة ليس خاصاً بفئة دون أخرى بل كل فردٍ مكلَّفٌ بأداء تلك الطاعة قال عليه الصلاة والسلام (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان) رواه مسلم قال ابن عطية (والإجماع منعقد على أن النهي عن المنكر فرض على من أطاقه) 0 وهو دليل كمال الإيمان وحسن الإسلام ومعنى من معاني الخير والحب للأمة ومن أسباب نيل رحمة الله على العباد وأمارة على ائتلاف المجتمع وتعاضده فالخير في الناس ماضٍ والفطر مجبولة عليه وعلى حب من دعاها إليه فلا تتوانى أيها المسلم والمسلمة عن أداء تلك العبادة ودعوة الآخرين والصبر عليهم والحلم معهم فقلوبهم للخير مقبلة والأجر على قدر الإخلاص والنصب واحذر السآمة وعاود النصيحة تلو الأخرى بحكمة، نوح عليه السلام لبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً يدعوهم سراً وجهاراً ليلاً ونهاراً قال النووي (لايسقط عن المكلف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لكونه لايفيد في ظنه) 0

بتركه يرد دعاء المسلمين قال النبي ? (والذي نفسي بيده لتأمرون بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً منه ثم تدعونه فلا يستجاب لكم) رواه الترمذي والإعراض عنه من أسباب هلاك الأمم قال عز وجل {لُعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لايتناهون عن منكر فعلوه لبئس ماكان يفعلون} قال النبي ? إن أول مادخل النقص على بني إسرائيل كان الرجل يلقى الرجل فيقول يا هذا اتق الله ودع ماتصنع فإنه لايحل لك ثم يلقاه من الغد فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض) رواه أحمد قال الحسن مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر وإلا كنتم أنتم الموعظات 0

والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عبادة شرعت لكل الأمم والله أثنى على من قام بها من اليهود والنصارى قبل نسخ دينهم قال سبحانه {من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات} وقال لقمان وهو من الأمم السابقة ينصح ابنه (يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك) فلا عجب في هذه الأمة إذاً إن أمر رجل بأداء الصلاة أو ذكّرت امرأة بالحجاب أوأرشد تائه إلى طريق الرشاد أوكُفَّ شرُّ ساحرٍ عن العباد 0

أيها المسلمون:-

الدين عند الله الإسلام وأبى الله إلا أن يتمه قال سبحانه {يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره} قال ابن كثير مثلهم في ذلك كمثل من يريد أن يطفيء شعاع الشمس بنفخة وهذا لا سبيل إليه فكذلك ما أرسل الله به رسوله لابد أن يتم ويظهر0 والله سبحانه تكفل بنشر هذا الدين وفتح القلوب له قال النبي (ليبلغن هذا الأمر مابلغ الليل والنهار أي ماطلع عليه الليل والنهار ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا دخله هذا الدين) رواه أحمد ولن يشاد أحد هذا الدين أو يرد أحكامه وشرعه إلا غلبه 0 قوم هود لما قالوا لنبيهم سواء علينا أو عظت أم لم تكن من الواعظين أرسل الله عليهم الريح العقيم 0 وقوم لوط لما قالوا لئن لم تنته يالوط لتكونن من المخرجين أخذتهم الصيحة مشرقين، ومن زعم أنه سيطفيء الدين أو يبطل شعيرة من شعائره فقد طلب محالاً قال جل وعلا {والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لايعلمون} وما عادى أحد هذا الدين أو أهله إلا أذله الله قال فرعون لأتباع موسى لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ثم لأصلبنكم أجمعين فأغرقه الله بالماء، وقوم شعيب سخروا بنبيهم وقالوا له أصلاتك تأمرك أن نترك مايعبد آباؤنا أو نفعل في أموالنا مانشاء فأخذتهم الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين 0 ومن لمز شعيرة من شعائر الله أو سخر منها أو أبغضها فقد عرض نفسه لوعيد الله وقوله قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم 0 ومن طلب الرفعة والعزة والعلو فلن يجدها في غير التمسك بالدين قال سبحانه {من كان يريد العزة فلله العزة جميعاً} بالدين بقيت سير الأنبياء والصحابة والسلف خالدة وبمعاداة الدين طويت أيام أبي جهل وأبي لهب وأُبيّ وأصبحت كاسدة 0 فأقبل على هذا الدين بقلبك ولسانك وجوارحك وافرح به وبأحكامه وتمسك به واثن عليه وشِدْ به وعظمه في المجالس والمحافل وغيرها وأظهر فضائله ومحاسنه وادع غيرك إليه وأعلن سرورك بهدايتك إليه قال سبحانه {قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون} ومجد رب العالمين

فما قرب أحد من الدين إلا عز وعظم وسدد الله أقواله وأفعاله قال النبي عليه الصلاة والسلام (ليس أحد أحب إليه المدح من الله من أجل ذلك مدح نفسه) متفق عليه ومن قام بالدين والدعوة إليه والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فحقه الشكر والثناء والتبجيل والدعاء الأنصار نصروا دين الله فقال عنهم النبي ? (الأنصار لايحبهم إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق من أحبهم أحبه الله ومن أبغضهم أبغضه الله) رواه مسلم وورقة بن نوفل ابن عم النبي عاش في الجاهلية بفطرته وأدرك نزول الوحي على النبي وهو شيخ مسن وتمنى إدراك الرسالة لنصرة الدين وقال للنبي ياليتني فيها جذعاً أي شاباً حين يخرجك قومك وإن يدركني يومك أنصرك نصراً مؤزراً فمن عاش في الإسلام أولى بنصره ونشره ومحبته ممن عاش في الجاهلية وتمنى أن يدرك النبي وينصر دينه0

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم {إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون}

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير