تقول أنهم لا يملكون من هذا الفن قدر ما يهبهم من الشرف ما وُهِبَهُ العارفون منه, والجهلاء من هذه النبذة أو الناحية دون العلماء بالإجماع, ودليل ذلك أن الاختصاصيين هم الذين يرمِّمُون مختلف جوانب هذا المجال الرحب, وهم الذين يرعونه حق رعايته ويتولون حفظ تطوراته.
اعتبر بارك الله فيك فن المصطلحات بعين المعتبر! وعِ أنه مجال مهم وأنَّ آفاقه آفاق رسيسة عاهنة ... إنه يتيح العارف فرصة الإبداع مرة, ومرة أخرى فرصة الإنتاج في حقله الخاص بثقة وفعالية.
وبأنه ينبغي رزْنَ أهميته بموازين القدر العالي, فلا تستغربن أن ترى من المتخصصين أديبًا أو شاعرًا متألقًا وهو يعرض ـ من منصته على القارئ ـ لغته السلسة وبلاغته الساحرة, يحليها له بالنقوش المجازية, ويلحنها على هيئة قصيدة ذات إيقاع شجي وعزف سجي بديع, يعبر بواسطتها عما خالج صدر الجاهل وناب عقله, وناهيك عن وصفه بها نفس المنظر الذي يراه والجاهل بأوصاف نعم هِي! أوصاف, أنى للجاهل أن يأتي بمثلها؟ ... إنها رموز لغة ناذرة, وصاحبها بلاغي حصيف وصاحب روح مدمنة على دقة البيان.
إن حقيقة الخلاف بين العلماء والجهلاء حقيقة كامنة في ثنايا ما اعتاده المعتادون وصاروا يعجّون باسمه كلما اجتمعوا و عزموا على مقارنة المتعاكسات, فهم ـ وهذا ديدنهم الموروث ـ لا يقيمون وزنا أيًا كان هذا الوزن لجزئيات الالتقاء العامة, بينما نجدهم دوما يهشّون بألسنهم على كل جزئية تفصل بين المقارَنَيْنِ, كأنما ليس هناك من الجزئيات الصحيحة سواها. هذا وقد يلاحظ على هؤلاء الظلمة أيضا أنهم إن قارنوا لا يقارنون إلا بين المتعاكسات المضادة من جهل وعلم, أو من أبيض وأسود أو من ظاهر وباطن وهلم جرّا, أما أن تجدهم يقارنون بين المماثلات من حسن وحسن ومن قبيح وقبيح ومن نفيس ونفيس فلا! مع أن عدد نقاط الافتراق بين المماثلات قد يفوق أحيانًا عدد نقاط الالتقاء والمشابهة بينها وبين المضادات .... جزئيات كانت هذه النقاط أو كليات.
إنني أرى أن فائدة التحليل الفكري الدقيق ـ إنْ جدواه عين جدوى الإحساس الفطري ـ على غير عهد بالواقع! فهل الغاية ـ يا أصحاب المصطلحات العقيمة ـ لا تُمْنَحُ صفة الغاية إلا إذا ألغيت جميع وسائل الطلب, ما عدا وسيلة واحدة أو وسيلتين, اجتمعتم ومن يحسنون لحن القول على جعلهما قاعدة معصومة, تصطادون بها رؤوس الأخطاء وأذيال السقطات.
الحياة الجسدية عندي لا يمكن أن تتم إلا بحياة الروح, وهذا بغض النظر عن هيئة الجسد العامة, فلا ضعف الجسد بمن يحرم الجسد من الحياة مادامت روحه ترشف الحياة رشفًا, وتتجرع الأمل صبوحًا رجاءً غبوقًا. و يبدو أن حتف الجسد العريض وهلاكه أمر محتوم ظاهرا, وهو القائمِ أصلا على بناء عضلي فاره, ولا عجب أن يكون الحتف نصيب جسدٍ رُبِّيَّ بأصناف الأطعمة وشتى ألوان الأشربة: متى علم أن روح هذا الجسد لم ُتحظِى بمثل ما حَظي به هو, فلا حركاته إذاً بالدالة على الحياة بمعناها الواسع الشامل , ولا سرعة تنفيذه للأوامر بالتي تعني معنىً ما من معاني الحياة الحقة ... إنه لا هذا ولا تلك بالحياة الصحيحة التي تستحق أن نسجل أمجادها ونرسم خطوطها ... ومن هنا فقط يمكن أن نفصل بين الجهل والعلم, إذ أن الجهل بالفن المعين المحدد يعني ابتعاد الإنسان عن مرغوبه معنويًا كان أو حسيًا, أما العلم به فهو إن فاد فلابد أن يفيد أن حياة الإنسان لا تصل سنم ذروتها إلا بنيل هذا المرغوب, و لكل جاهل بهذا الحقيقة الجوهرية نقص من الحياة الروحية, وجهل بجوهر ينبوع طالما اعتاد الناس أن يترددوا حوله دون أن يُعلم هدفهم من ذلك
ـ[أنامل الرجاء]ــــــــ[03 - 12 - 2005, 06:26 ص]ـ
ولا أنسى أن اشكر كل من شارك من الإخوة والأخوات, وأخص منهم عى سبيل الخصوص الأخت معالي والأخ القيصري.
ـ[القيصري]ــــــــ[26 - 12 - 2005, 01:06 م]ـ
الاخ انامل الرجاء
وشكرا جزيلا لكم وعذرا لتأخري في الرد فقد تركت الدار لبعض الوقت.
ارجو ان تقبل مني هذه الملحوظات البسيطة فهي ان شاء الله في صالح الرسالة وهي ما بين تصويب لغوي وتصحيح اسلوبي وتغيير في تراكيب الجمل لانني وكما ذكرت سابقا لا زلت ارى تأثير اللغة الاجنبية في هذه الرسالة. ملحوظة اخرى، ارى انكم لم تاخذوا بالكثير من تصويبات المعالي الصائبة.
¥