(2) الأمير الصنعاني (ت: 1182ه) في كتابه: (مفاتح الرضوان في تفسير
الذكر بالآثار والقرآن).
(3) الشيخ محمد الأمين الشنقيطي (ت1393ه) في كتابه: (أضواء البيان في
إيضاح القرآن بالقرآن) [11].
* بيان بعض الأمثلة التي تدخل في المصطلَحَين:
سبق البيان عن مصطلح (تفسير القرآن بالقرآن)، وأنه ينقسم إلى نوعين:
الأول: ما يعتمد على البيان، والمراد أن وقوع البيان عن آية بآية أخرى يُعَدّ
تعبيراً دقيقاً عن هذا المصطلح.
الثاني: ما لم يكن فيه بيان عن آية بآية أخرى، وهو بهذا مصطلح مفتوح،
يشمل أمثلة كثيرة.
وقد مضى أن هذا التوسع هو الموجود في كتب التفسير، وأنها قد سارت
عليه، وفي هذه الفِقْرة سأطرح محاولة اجتهادية لفرز بعض أمثلة هذا المصطلح.
أولاً: الأمثلة التي يَصْدُقُ إدخالها في المصطلح المطابق:
يمكن أن يدخل في هذا المصطلح ما يلي:
1 - الآية المخصصة لآية عامة:
ورد لفظ الظلم عاماً في قوله تعالى:] الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إيمَانَهُم بِظُلْمٍ
أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ [[الأنعام: 82]. وقد خصّه الرسول صلى الله عليه
وسلم بالشرك، واستدل له بقوله تعالى:] إنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [[لقمان: 13].
وفي قوله تعالى:] وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا [[الإسراء: 24]. عموم يشمل كل
أبٍ: مسلم وكافر، وهو مخصوص بقوله تعالى:] مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَن
يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى [[التوبة: 113]. فخرج بهذا الاستغفار
للأبوين الكافرين، وظهر أن المراد بها الأبوان المؤمنان [12].
2 - الآية المبيّنة لآية مجملة:
أجمل الله القدر الذي ينبغي إنْفَاقُهُ في قوله تعالى:] وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ [
[البقرة: 3]، وبين في مواضع أخر: أن القدر الذي ينبغي إنفاقه هو الزائد عن
الحاجة وسدّ حاجة الخَلّة التي لابد منها، وذلك كقوله:] وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ
العَفْوَ [[البقرة: 219] والمراد بالعفو: الزائد على قدر الحاجة التي لابدّ منها،
على أصحّ التفسيرات، وهو مذهب الجمهور ... [13].
وفي قوله تعالى:] أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ [[المائدة: 1]، إجمال في المتلو، وقد بيّنه قوله تعالى:] حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ المَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ
الخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ
السَّبُعُ إلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ [[المائدة: 3].
3 - الآية المقيدة لآية مطلقة:
أطلق الله استغفار الملائكة لمن في الأرض، كما في قوله تعالى:
] وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُون لِمَن فِي الأَرْضِ [[الشورى: 5]، وقد قيّد هذا الإطلاق بالمؤمنين في قوله تعالى:] الَّذِينَ يَحْمِلُونَ العَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا [
[غافر: 7].
وفي قوله تعالى:] إنَّ الَذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْراً لَّن تُقْبَلَ
تَوْبَتُهُمْ [[آل عمران: 90]، إطلاق في عدم قبول التوبة، وهو مقيّد في قول
بعض العلماء بأنه إذا أخّروا التوبة إلى حضور الموت، ودليل التقييد قوله تعالى:
] وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ المَوْتُ قَالَ إنِّي تُبْتُ
الآنَ وَلا الَذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ [[النساء: 14].
4 - تفسير لفظة غريبة في آية بلفظة أشهر منها في آية أخرى:
ورد لفظ» سِجّيل «في قوله تعالى:] وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ
مَّنضُودٍ [[هود: 82]، والممطر عليهم هم قوم لوط (عليه الصلاة والسلام)، وقد
وردت القصة في الذاريات وبان أن المراد بالسجيل: الطين، في قوله تعالى:
] قَالُوا إنَّا أُرْسِلْنَا إلَى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ*لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن طِينٍ [
[الذاريات: 32، 33] [15].
5 - تفسير معنى آية بآية أخرى:
¥