ثم نقل كلام ابن الضائع وأبي حيان وقال: "ومما يدل على صحة ما ذهبا إليه، ... أن ابن مالك استشهد على لغة أكلوني البراغيث بحديث الصحيحين: "يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار". وأكثر من ذلك حتى صار يسميها لغة يتعاقبون. وقد استشهد به السهيلي، ثم قال: لكني أنا أقول: "إن الواو فيه علامة إضمار، لأنه حديث مختصر. رواه البزار مطولاً. فقال فيه: "إن لله تعالى ملائكة يتعاقبون فيكم: ملائكة بالليل وملائكة بالنهار". وقال ابن الأنباري -في الإنصاف- في منع "أن" في خبر "كاد". وأما حديث "كاد الفقر أن يكون كفراً" فإنه من تغيير الرواة، لأنه صلى الله عليه وسلم أفصح من نطق بالضاد".
وقد رد هذا المذهب الذي ذهبوا إليه البدر الدماميني في "شرح التسهيل"، ولله دره! فإنه قد أجاد في الرد، قال:
"وقد أكثر المصنف من الاستدلال بالأحاديث النبوية، وشنع أبو حيان عليه وقال: إن ما استند إليه من ذلك لا يتم له، لتطرق احتمال الرواية بالمعنى، فلا يوثق بأن ذلك المحتج به لفظه عليه الصلاة والسلام حتى تقوم به الحجة. وقد أجريت ذلك لبعض مشايخنا فصوب رأي ابن مالك فيما فعله، بناء على أن اليقين ليس بمطلوب في هذا الباب، وإنما المطلوب غلبة الظن الذي هو مناط الأحكام الشرعية، وكذا ما يتوقف عليه من نقل مفردات الألفاظ وقوانين الإعراب، فالظن في ذلك كله كاف. ولا يخفى أنه يغلب على الظن أن ذلك المنقول المحتج به لم يبدل، لأن الأصل عدم التبديل، لاسيما والتشديد في الضبط، والتحري في نقل الأحاديث، شائع بين النقلة والمحدثين. ومن يقول منهم بجواز النقل بالمعنى فإنما هو عنده بمعنى التجويز العقلي الذي لا ينافي وقوع نقيضه، فلذلك تراهم يتحرون في الضبط ويتشددون، مع قولهم بجواز النقل بالمعنى؛ فيغلب على الظن من هذا كله أنها لم تبدل، ويكون احتمال التبديل فيها مرجوحاً، فيلغى ولا يقدح في صحة الاستدلال بها. ثم إن الخلاف في جواز النقل بالمعنى إنما هو فيما لم يدون ولا كتب، وأما ما دون وحصل في بطون الكتب فلا يجوز تبديل ألفاظه من غير خلاف بينهم. قال ابن الصلاح بعد أن ذكراختلافهم في نقل الحديث بالمعنى: "إن هذا الخلاف لا نراه جارياً ولا أجراه الناس -فيما نعلم- فيما تضمنته بطون الكتب، فليس لأحد أن يغير لفظ شيء من كتاب مصنف ويثبت فيه لفظاً آخر".
وتدوين الأحاديث والأخبار بل وكثير من المرويات، وقع في الصدر الأول قبل فساد اللغة العربية، حين كان كلام أولئك المبدلين على تقدير تبديلهم يسوغ الاحتجاج به، وغايته يومئذ تبديل لفظ بلفظ يصح الاحتجاج به، فلا فرق بين الجميع في صحة الاستدلال؛ ثم دون ذلك المبدل -على تقدير التبديل- ومنع من تغيره ونقله بالمعنى، كما قال ابن الصلاح، فبقي حجة في بابه. ولا يضر توهم ذلك السابق في شيء من استدلالهم المتأخر، والله أعلم بالصواب"
كلام الدماميني.
ـ[السدوسي]ــــــــ[11 - 06 - 05, 11:27 ص]ـ
هل يتكرم الإخوة الكرام بذكر أحاديث صحيحة رواها الثقات العدول واعترض عليها لمخالفتها قواعد اللغة؟!!.
وللعلم فإن الحديث الذي ورد في الرد رقم 3 كاد الفقر أن يكون كفرا ضعيف.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[25 - 12 - 05, 01:14 م]ـ
هناك الكثير من الأحاديث الصحيحة التي اعترض عليها بعض علماء النحو واللغة:
- حديث أبي ذر في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: أعيرته بأمه
(تعدي عير بالباء)
- حديث وصف الحوض: ماؤه أبيض من اللبن
(الوصف من الألوان على وزن أفعل)
- حديث إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد أو لحياته
(ينكسف)
ولكن كل هذه الأمور من المسائل الخلافية في اللغة، وكثير من علماء العربية أجازها
ولكن النقطة التي أذكرنيها الأخ السدوسي هي أن كثيرا من علماء العربية يحتجون بأحاديث ضعيفة، لأن كثيرا منهم لا يتوسع في علم الحديث
وابن مالك من الذين توسعوا في الاحتجاج بالحديث، ومن احتجاجاته بأحاديث لا تصح احتجاجه بحديث (اشتدي أزمة تنفرجي)
ـ[أبو ثغر]ــــــــ[28 - 12 - 05, 01:30 ص]ـ
يا له من حديث شيق
ولكن أين الأخ سيبويه
لماذا تركنا وأنا أسأله عن استشهاد سيبويه خاصة بالحديث؟
وأسأل الأخ عبد الرحمن الفقيه عن مصادره التي ذكرها آنفا
وأشكر كثيرا الأخوة الذين شاركوا في الحوار وأدعو الى المزيد لأن في القضية جوانب أخرى تحتاج إلى مناقشة
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[28 - 12 - 05, 04:42 ص]ـ
وفقك الله.
هاتِ أفدنا - رعاك الله - فأنت قريب عهد بهذه المسألة ... فإذا غاب سيبويه حضر ابن مالك ...
ـ[سماء]ــــــــ[28 - 12 - 05, 03:53 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كنت ممن شغل بمسألة احتجاج النحاة بالحديث النبوي
وخرجت بهذا الرأي
وهو ضرورة الاحتجاج بالحديث النبوي الصحيح الذي روي باللفظ أو المعنى, و بناء القواعد الجديدة عليه, ولو تأملنا و نظرنا بشيء من الواقعية إلى الشعر و الذي أكثر النحاة من الاحتجاج به لوجدناه يخضع لقيود الوزن والقافية و التقديم والتأخير , ويتسامح فيه ما لا يتسامح بغيره ...
و قد بذل المحدثون جهودا عظيمة في خدمة الحديث النبوي لم يبذل ولو ربعها
أفبعد هذا لا يحتج بالحديث؟!
¥