[الأجوبة المرضية عن الأسئلة الأدبية]
ـ[أبو محمد الألفى]ــــــــ[18 - 10 - 04, 04:20 م]ـ
الحمد لله نسترفده العون للبيان والإفادة. والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على فاتح أبواب السعادة. وبعد ..
طالعت هذه الأسئلة المذكورة بعد، فى منتديات ..... ، لطالبةٍ بقسم الأدب بجامعة الإمارات، ورأيت من الفائدة نقلها هاهنا لشدة حاجة الطالبة لهذه الأجوبة كما يبدو فى أسئلتها، تقول:
((أرجو بيان مدى صحة هذه الأحاديث والأثار، لأن بعض الأساتذة في مادة النقد الأدبي عندما سئلوا عن صحتها، قالوا: هذه الأحاديث لا يؤخذ منها حكم شرعي، وكأنه يرى أنه لا بأس بروايتها، بل ويستدل بها على أن النقد كان معروفا في صدر الإسلام. فأما الأحاديث النبوية المسندة إلى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(1) قصة رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع النابغة الجعدي، حيث قال له بعد أبيات قالها: ((أجدت، لا فضَّ الله فاك)).
(2) قصة كعب بن زهير وقصيدة ((بانت سعاد))، وفيها أن رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال له: ((ليس من سيوف الهند، ولكن من سيوف الله)).
(3) حديث ((إنما الشعر كلام من كلام العرب جزل، تتكلم به في بواديها، وتسل به الضغائن من بنيها)).
(4) حديث ((إنما الشعر كلام مؤلف، فما وافق الحق منه فهو حسن، وإن لم يوافق الحق فلا خير فيه)).
ثم ذكرت جملة من الآثار، أكثرها عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه، ثم تساءلت:
هل يجوز القول عن رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأنه ناقد؟
هل هذه الأحاديث والآثار واردة، وإن كانت ـ كلها أو بعضها ـ غير ثابت؛ فهل يجوز الاستدلال بها على موضوع النقد؟)).
طالعت هذه الأسئلة المذكورة، فوجدتها كلها مما ذخرت به كتب الأدب والشعر العربى، كالأغانى والأمالى وجمهرة الأشعار وعيون الأخبار وخزانة الأدب ونحوها، وأكثرها، إن لم يكن كلها واردة فى كتب الحديث المسندة، ويمكن النظر فبها، ومعرفة تخريجاتها.
وقد أسعفتكِ أيتها الطالبة بالجواب عن درجة الأحاديث الواردة بالسؤال، وبيان ما فى الآثار المذكورة عن أبى بكر وعمر رضى الله عنهما فى رواية الشعر وسماعه، وتناشد ابن عباس لدواوين شعراء الجاهلية.
ونظراً لطول الجواب، سأذكره فى مقالات عدة، مع الاجتزاء بالمطلوبات المهمات ما أمكننى ذلك، وبالله التوفيق:
[أولاً] حديث النابغة الجعدى
أخرجه أبو الشيخ بن حيَّان ((طبقات المحدثين بأصبهان)) (1/ 274) قال: حدثنا أحمد بن إسحاق الجوهري حدثنا إسماعيل بن عبد الله السكرى حدثنا يعلى بن الأشدق قال سمعت نابغة بنى جعدة يقول: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فأنشدته:
بلغنا السَّمَاءَ مجدُنا وثراؤنا ... وإنا لنرجو فوقَ ذلكَ مَظْهَرَا
فقال: إلى أين المظهر يا أبا ليلى؟، فقلت: إلى الجنة، فقال: أجل إن شاء الله.
ولا خيرَ في جَهْلٍ إذا لم يكنْ لَهُ ... حليمٌ إذا ما أَوْرَدَ الأمرَ أَصْدَرَا
فقال صلى الله عليه وسلم: ((لا يفضضْ اللهُ فَاكَ))، قال: فلقد رأيته، وقد أتى عليه مائة سنة ونيف، وما سقط له سنٌ.
وأخرجه كذلك أبو الفرج الأصبهانى فى ((الأغانى)) (5/ 12) قال: حدثنا أحمد بن عمر بن موسى القطان المعروف بابن زنجوية حدثنا إسماعيل بن عبد الله السكري حدثنا يعلى بن الأشدق العقيلي قال حدثني نابغة بني جعدة قال: أنشدت النبي صلى الله عليه وسلم هذا الشعر، فأعجب به:
بلغنا السَّمَاءَ مجدُنا وجُدُودُنَا ... وإنا لَنَبْغِي فوقَ ذلكَ مَظْهَرَا
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فأين المظهر يا أبا ليلى؟، فقلت: الجنَّة، فقال: قل إن شاء الله، فقلت: إن شاء الله.
ولا خيرَ في حِلْمٍ إذا لم يكنْ لَهُ ... بَوَادرُ تحمي صَفْوَهُ أَنْ يُكَدَّرَا
ولا خيرَ في جَهْلٍ إذا لم يكنْ لَهُ ... حليمٌ إذا ما أَوْرَدَ الأمرَ أَصْدَرَا
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أجدت، لا يفضض الله فاك))، قال: فلقد رأيته، وقد أتت عليه مائة سنة أو نحوها، وما انفضَّ من فيه سنٌ.
¥