العقاب)) [الأنفال:25]، وقوله r : " إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب" [1].
ثانياً: الدراسة اللغوية
1 - معاني المفردات [2]:
المثَل والِمْثل والمثيل: واحد ومعناه الشبيه.
حدود الله: المراد بالحدود هنا ما نهى الله عنه، وأصل الحد في اللغة المنع والفصل بين الشيئين، ومنه حد الدار وهو ما يمنع الغير من الدخول فيها، والحداد الحاجب والبواب.
المدهن: من الإدهان وهو المصانعة والمحاباة في غير حق، ومنه قوله عز وجل: ((ودوا لو تدهن فيدهنون)) [القلم:9].
استهموا: اقترعوا، والسهم في الأصل واحد السهام التي يضرب بها في الميسر وهي القداح، ثم أطلق على ما يأخذه الفائز في الميسر، ثم كثر حتى سمي كل نصيب سهماً.
خرقنا في نصيبنا خرقاً: الخرق هو الشق أو الثقب.
ينقر: من النقر وهو الحفر سواء كان في الخشب أوالحجر أو نحوهما، ونقر الطائر الشيء ثقبه بالمنقار.
أخذوا على أيديهم: أي منعوهم.
2 - مسائل نحوية:
من المسائل النحوية التي يمكن الوقوف عندها في هذا الحديث ما يلي:
1 - قوله: (مَثَلُ) مرفوع بالابتداء، وأما الخبر فإننا إذا اعتبرنا الكاف في قوله: (كمثل) اسماً فإنها تكون هي الخبر، وأما إذا اعتبرناها حرفاً فإن الخبر يكون محذوفاً تقديره مستقر أو موجود، وذلك مثل ما قيل في إعراب قوله تعالى: (مثلهم كمثل الذي استوقد ناراً) فقد ذكر القرطبي في تفسيره (1/ 211) أنه يمكن أن يكون الخبر في الكاف فهي اسم كما هي في قول الأعشى:
أتنتهون ولن ينهى ذوي شططٍ كالطعن يذهب فيه الزيت والفُتُلُ
أراد مثل الطعن، قال: "ويجوز أن يكون الخبر محذوفا تقديره: مثَلُهم مستقر كمَثَل، فالكاف على هذا حرف".
وقال العكبري في إعراب القرآن: (1/ 20): "والكاف يجوز أن يكون حرف جر فيتعلق بمحذوف، ويجوز أن يكون اسماً بمعنى مثل فلا يتعلق بشيء".
2 - قوله: (لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقاً): أسلوب شرط جوابه محذوف تقديره: لكان خيراً أو نحو ذلك، أو يكون قولهم (لم نؤذ) هو الجواب، وتكون الواو زائدة.
وذلك كما قيل في قوله تعالى: ((فلما ذهبوا به وأجمعوا أن يجعلوه في غيابة الجب وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون)) [يوسف:15]، فقد ذكروا أن جواب لما محذوف تقديره (فعلوا به ما فعلوا)، وقيل إن الجواب (أوحينا) والواو مقحمة، ومثله قوله تعالى: ((فلما أسلما وتله للجبين)) [الصافات:103]، أي (ناديناه). [فتح القدير للشوكاني: 3/ 10].
3 - قوله: (فإن يتركوهم): إن شرطية جوابها هلكوا، وضمير الرفع (الواو) عائد على أهل العلو في السفينة، وضمير النصب (هم) عائد على أهل السفل.
4 - قوله: (وما أرادوا)، الواو بمعنى مع، و (ما) مصدرية أو موصولة، فعلى الأول يكون المعنى: (وإرادتهم)، وعلى الثاني يكون المعنى: (والذي أرادوا).
5 - قوله: (هلكوا جميعاً)، الواو في (هلكوا) تعود على الفريقين معاً، و (جميعاً) حال.
6 - قوله (نجوا ونجوا جميعاً)، الواو في (نجوا) الأولى عائد على الآخذين، وفي نجوا (الثانية) عائد على المأخوذين، كذا قال الكرماني (1)، وذكر العيني أن الذي في الثانية عائد على الفريقين معاً (2).
7 - قوله في كتاب الشهادات: (فكان الذي في أسفلها يمرون)، وكذا ما جاء في بعض الروايات في كتاب الشركة (فكان الذي في أسفلها إذا استقوا مروا)، فيه إشكال من حيث أن قوله: (الذي) مفرد، فكيف قال في شأنه يمرون أو مروا، ولم يقل يمر أو مر؟ ويمكن أن يجاب عن ذلك بأحد الأجوبة التالية:
أ - أن يقال إن (الذي) يقع عند بعض العرب للواحد والجمع؛ أي تكون بمعنى: من وما فيعود الضمير إليه تارة بلفظ المفرد وتارة بلفظ الجمع، قال القرطبي: "قال ابن الشجري هبة الله بن علي: ومن العرب من يأتي بالجمع بلفظ واحد، كما قال الشاعر:
وإن الذي حانت بفلج دماؤهم هم القوم كل القوم يا أم خالد
وقيل في قول الله تعالى: ((والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون)) [الزمر:33]، إنه بهذه اللغة، وكذلك قوله: (مثلهم كمثل الذي) قيل: المعنى كمثل الذين استوقدوا، ولذلك قال: ذهب الله بنورهم، فحمل أول الكلام على الواحد وآخره على الجمع) [تفسير القرطبي: 1/ 211].
¥