فإن يُقلْ يُحتجُّ بالضعيفِ ..... فَقُل إذا كانَ من الموصوفِ
رواتُه بسوء حفظٍ يُجبرُ ..... بكونه من غيرِ وجهٍ يُذكرُ
وإن يكنْ لكذبٍ أو شذَّا ..... أو قَوِىَ الضُّعفُ فلم يُجبرْ ذَا
فلله هذا الحافظ الجبل، فقد حرَّر فأتقن، وحكم فعدل، وفصَّل فأجاد.
والذى يظهر من قوله ((قَوِىَ الضُّعفُ فلم يُجبرْ ذَا)) أن فقد شرط أو أكثر من الشروط المذكورة يقتضى نفى الحكم، وعدم توقيعه على الحديث الذى بهذه المثابة. ولا يقال أن الخلاف هاهنا شكلى، لإنه عند النظر الدقيق فى طرق الحديث الخمسة الآنف ذكرها، نعلم أن أمثلها إسناداً: معضل موسى بن عقبة بن أبى عياش المدنى، ولا يتنزل مثله منزلة مراسيل من هو فى طبقته كحميد الطويل وحريز وابن أبى عبلة!!.
وقوله ((وهذه القصيدة من الأمور المشهورة)) يعنى المستفيضة المتداولة فى كتب التاريخ والسير والأدب والأشعار، ومما يستأنس بها ويستشهد فى تقويم اللسان وتعليم البيان، كما استشهد بها أهل اللغة كالإمام أبى بكر بن دريد فى ((أماليه))، وابن هشام الأنصارى فى ((مغنى اللبيب))، وعبد القادر البغدادى فى ((شرح الشواهد)) وغيرهم.
أما أن تكون القصة قائمةً مقام الدلالة على إقرار النبى صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشعراء على التشبيب والغزل والوصف للنساء، ولوعة الرجال على فراقهن، ومواعدتهن فى السر، فهذا ما لا يجوز القول به، لعدم قيام الدليل الصحيح على هذا الإقرار، ولمخالفة ذلك للنصوص الواردة فى صيانة حرمات النساء، والتغليظ فى المنع من وصفهن، وانتهاك حرماتهن.
ولا يتصور من له إلمام بمقام النَّبىِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين أصحابه، وشدة حياءهم منه، وإجلالهم له، أن ينشد أحد بحضرته مثل هذا التشبيب بامرأة، ولو كانت زوجةً لمن ينشد:
هَيْفَاءُ مُقْبِلَةً عَجْزَاءُ مُدْبِرَةً ... لا يشتكي قِصرٌ منها ولا طولُ
كيف؟، وقد أخرج البخارى من حديث هشام بن عروة عن أبيه عن زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أُمِّهَا أُمِّ سَلَمَةَ رَضِي الله عَنْهَا قالت: دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعِنْدِي مُخَنَّثٌ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ: يَا عَبْدَ اللهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ فَتَحَ اللهُ عَلَيْكُمُ الطَّائِفَ غَدًا، فَعَلَيْكَ بِابْنَةِ غَيْلانَ، فَإِنَّهَا تُقْبِلُ بِأَرْبَعٍ، وَتُدْبِرُ بِثَمَانٍ، فقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لا يَدْخُلَنَّ هَؤُلاءِ عَلَيْكُنَّ)). وأخرج من حديث منصور والأعمش عن أبى وائل عن ابن مسعود قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لا تُبَاشِرِ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ، فَتَنْعَتَهَا لِزَوْجِهَا، كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا)).
ويتبع بقية الأجوبة إن شاء الله تعالى
وكتبه أبو محمد الألفى السكندرى
الإسكندرية صباح الرابع من رمضان سنة 1425 هـ.
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[19 - 10 - 04, 03:47 ص]ـ
بارك الله فيك يا شيخنا السكندري و لكن (مزحة) هل ستفهم طالبة الآداب هذه المصطلحات الحديثية "المعقدة"؟:))
ـ[أبو محمد الألفى]ــــــــ[19 - 10 - 04, 11:01 ص]ـ
أخى الحبيب / الدكتور هشام عزمى
سلامى إليكم كثير كثير. وحياكم الله بالخير، وسدَّدكم، ونفع بكم وبموقعكم النافع التوأم لشبكة الجامع الإسلامى.
وقد شدنى كثيراً بموقع الشبكة هذا العنوان لكتاب ((الاستدلالات التعيسة فى كتاب الرقص ورأي الكنيسة))، وأنا قليل القراءة فى مثل هذه الكتب، لكن أرجو ملخصاً له، فلربما فهمت، وهذه إيضاً دعابة.
لا عليك أخى الحبيب. تقبل الله منا ومنك صالح الأعمال والأقوال فى هذا الشهر الكريم.
وأما الطالبة المذكورة، فأظنها فهمت، وربما انتفعت، ولم تزال بحاجة إلى معرفة المزيد، فهل نجبها لمطلوبها؟!.
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[19 - 10 - 04, 06:40 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته يا شيخنا الحبيب حفظك الله و أيدك،
طبعًا نجيبها لمطلوبها طالما أنها سألت و فهمت و انتفعت لا سيما و المسئول حبر عتيد؛ رأيه سديد و كلامه مفيد و بصره في الروايات حديد .. نفعنا الله بعلمكم و أدام فضلكم و بارك فيكم و في أولادكم.
أما كتاب الرقص و رأي الكنيسة فهو لأحد قساوسة القبط يبين فيه رأي الكنيسة القبطية المعارض للخلاعة و المجون و الرقص بين الشباب "المسيحي" و يدعو هؤلاء الشباب للالتزام بالأخلاق "المسيحية" المحافظة البعيدة عن الخلاعة .. فقام أحد إخواننا بالرد عليه في بحث قصير سماه ((الاستدلالات التعيسة في كتاب الرقص و رأي الكنيسة)) - لاحظ المناسبة بين التعيسة و الكنيسة:) - و بين فيه أن الكتاب "المقدس" ليس فيه ما يدل على تحريم الرقص و الخلاعة، بل فيه ما يدعو للرقص و يشجع عليه و ساق نصوصًا تؤيد كلامه و تدحض ما ذهب إليه القس القبطي "التعيس":))
و الحمد لله على نعمة الإسلام.
¥