فلما اختص الإله بالإله الواحد واجب الوجود اشتقوا له من اسم الجنس علما زيادة في الدلالة على أنه الحقيق بهذا الاسم ليصير الاسم خاصا به غير جائر الإطلاق على غيره على سنن الأعلام الشخصية وأراهم أبدعوا وأعجبوا إذ جعلوا علم ذاته تعالى مشتقا من اسم الجنس المؤذن بمفهوم الألوهية تنبيها على أن ذاته تعالى لا تستحضر عند واضع العلم وهو الناطق الأول بهذا الاسم من أهل اللسان إلا بوصف الألوهية وتنبيها على أنه تعالى أولى من يؤله ويعبد لأنه خالق الجميع فحذفوا الهمزة من الإله لكثرة استعمال هذا اللفظ عند الدلالة عليه تعالى كما حذفوا همزة الأناس فقالوا: الناس).
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[22 - 06 - 05, 04:17 ص]ـ
"إله"مبني على الفتحة أم معرب منصوب؟؟
لا عاملة فى اسمها باتفاق. لكن النحاة اختلفوا فى طبيعة الفتحة على مذهبين:
1 - الفتحة إعرابية وهو مذهب الزجاج والسيرافي.
2 - الفتحة بنائية وهو مذهب المبرد والأخفش وغيرهما.
قال الرضي شارح الكافية معللا ومرجحا:
(وإنما وقع الاختلاف بينهم لإجمال قول سيبويه، وذلك أنه قال:
" و (لا) تعمل فيما بعدها فتنصبه بغير تنوين."
ثم قال:
" وإنما ترك التنوين في معمولها لأنها جعلت هي وما عملت فيه بمنزلة اسم واحد كخمسة عشر."
فأول المبرد قوله: تنصبه بغير تنوين، بأنها نصبته أولا لكنه بني بعد ذلك فحذف منه التنوين للبناء، كما حذف في خمسة عشر، للبناء، اتفاقا.
وقال الزجاج: بل مراده أنه معرب، لكنه مع كونه معربا، مركب مع عامله لا ينفصل عنه، كما لا ينفصل عشر، من خمسة، فحذف التنوين مع كونه معربا لتثاقله بالتركيب مع عامله.
قال أبو سعيد [السيرافي]: إنما ركب مع عامله، لأفادة (لا) التبرئة للاستغراق كما أفادته (من) الاستغراقية في: هل من رجل في الدار، لأن (لا رجل في الدار) جواب: هل من رجل، فركبوا (لا) مع النكرة، كما أن (من) مركبة معها، تطبيقا للجواب بالسؤال، ثم حذف التنوين لتثاقل الكلمة بالتركيب، مع كونها معربة.
والأولى ما ذهب إليه المبرد وأصحابه، لأن حذف التنوين في حالة الوصل من الاسم المنون، لغير الإضافة والبناء: غير معهود، وأيضا: التركيب بين (لا) والمنفي، ليس بأشد منه بين المضاف والمضاف إليه، والجار والمجرور، ولا يحذف التنوين من الثاني في الموضعين.)
وفسر الرضي اختياره للبناء بقوله:
والحق أن نقول: أنه مبني لتضمنه ل"من "الاستغراقية، وذلك لأن قولك: لا رجل، نص في نفي الجنس، بمنزلة: لا من رجل، بخلاف: لا رجل في الدار ولا امرأة، فإنه وإن كانت النكرة في سياق النفي تفيد العموم، لكن لا نصا بل هو الظاهر، كما أن: ما جاءني من رجل، نص في الاستغراق، بخلاف: ما جاءني رجل، إذ يجوز أن يقال: لا رجل في الدار، بل رجلان، وما جاءني من رجل بل رجلان للزوم التناقض، فلما أرادوا التنصيص على الاستغراق، ضمنوا النكرة معنى (من) فبنوها.
خلاصة القول:
للعلماء مذهبان وفى كل مذهب تعليلان.
1 - مذهب الإعراب فى اسم "لا".ويعلل التخلي عن التنوين بتعليلين:
-بسبب تركيب ثنائي: لا مع اسمها كتركيب خمسة -عشر. وحذف التنوين طلبا للتخفيف. (الزجاج)
-بسبب تركيب ثلاثي: لا مع اسمها والحرف المقدر وهو "من".وحذف التنوين للتخفيف. (السيرافي)
2 - مذهب البناء فى اسم "لا".
-تعليل البناء بالتركيب كما فى خمسة عشر. (المبرد)
-تعليل البناء بتضمن حرف مبني. (الرضي)
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[26 - 06 - 05, 09:07 م]ـ
أين خبر "لا"؟
"لا":نافية للجنس.
"إله" اسمها منصوب أو مبني معها على الفتح.
أين خبرها؟.
تمهيد قصير:
هذا أعظم مبحث فى إعراب الكلمة الطيبة.والسبب فى ذلك أن خطأ من أخطأ في هذا المقام لا يوزن بميزان النحو فقط بل بميزان العقيدة أيضا. فلك أن تقول لمن أخطأ لقد ضللت وابتدعت. ولمن أصاب لقد اهتديت واتبعت. فيتماهى الحكم النحوي والحكم الشرعي. وأنا مضطر في هذا المبحث الى إدخال مباحث فرعية منطقية وكلامية فليحتمل إخواني القراء ذلك. ولعلي اقسم البحث الى أقسام جزئية صغيرة أقدمها مستقلة بالتتابع ليسهل استيعابها.
مذهبان:
1 - مذهب من يرى أن خبر "لا" موجود فى الكلمة الطيبة.
2 - مذهب من يرى أن خبر "لا" غير موجود فى الكلمة الطيبة ويجب تقديره. واختلفوا فى تقديره كما سترى.
نبدأ بالمذهب الأول لقلة الكلام فيه لنتفرغ لأقوال المذهب الثاني.
1 - قال الزمخشري فى كشافه:"يجوز أن يكون "لا اله الا الله" جملة تامة من غير تقدير حذف الخبر, يعني "لا اله": مبتدأ. و"إلا الله" خبره.
الاعتراض:
كيف يكون المبتدأ نكرة, والخبر معرفة. هذا قلب للأوضاع.
الرد:
قال الزمخشري: أصل الكلام فى التقدير:"الله إله", فقدم الخبر دفعا لإنكار المنكر, فصار"إله الله" ثم أريد به نفي الآلهة وإثبات الله قطعا فدخل فى صدر الكلام من الجملة حرف"لا" وفى وسطها "إلا" ليحصل غرضهم فصار "لا اله الا الله".
قال علي القاري: ويقويه:ما قال بعض المحققين من أن النكرة إذا اعتمدت على النفي كانت بمنزلة المعرفة فيصح أن يكون مبتدأ و"إلا الله " خبره لأنه بمعنى "غير الله".
توضيح لكلام الزمخشري:
الزمخشري جمع فى كلامه التعليل النحوي والبلاغي معا:
أصل الكلام عنده "الله إله".فيكون الترتيب طبيعيا مبتدأ وخبر وقاعدة التنكير والتعريف معتبرة: تعريف المبتدأ وتنكير الخبر.
تذكروا أن الزمخشري أخذ بالمذهب الصحيح من أن "إله" بمعنى" معبود".فيكون أصل الكلام:
"الله معبود".
لكن المشركين لم ينكروا معنى هذه الجملة. فالله معبود. وغيره أيضا معبود معه. ولذلك سمى هذا شركا أي جمعا. وللرد عليهم كان لا بد من تخصيص الله بالعبادة. ومن وسائل التخصيص (أو القصر) فى العربية تقديم ما حقه التأخير. فقيل "معبود الله". (اله الله) وإمعانا فى تأكيد الاختصاص والحصر زيد فى الكلام وسيلة أخرى هي النفي ب"لا مع أداة الحصر"إلا".فنتج:"لا إله إلا الله".
(انتظروا معنا مبحث القصر والاختصاص فى الشق البلاغي من البحث ... إن شاء الله)
¥