تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(نزلتْ بنا نكبةٌ ماليّةٌ ذهبتْ بكل ما كانَ يملكُ أبي وخرجَ حكمُ قريتنا من بيتنا بعد أن ظلّ فيهِ قروناً طويلة يتولاّهُ الخلفُ منهم عن السلف، وكنتُ قد أشرتُ إلى ذلكَ في كتابٍ أرسلتهُ إليهِ، فجاءَ كتابُ منهُ هذه صورتهُ):

طنطا في 10 يناير سنة 1916

أيّها الأخُ

السلامُ عليكَ،

وقد جاءني كتابكَ وكأنّما هو جرحٌ دامٍ يحملُ السهمَ الذي أدماهُ، فدع ِ الأمرَ للذي قدّرَ الأمرَ، وكأيّن من كارثةٍ انجلتْ عن نعمٍ كثيرةٍ .... ، وأمّا العملُ الذي طلبتهُ فلا أرى أينَ أجدُه لكَ، وكيفَ أجدهُ في هذه الضائقة التي تركت الناسَ كأنّهم على بعثٍ لا يقولُ الواحدُ منهم إلا نفسي!.

إنّنا في وقتٍ لا ينفذُ فيه النورُ فلا أدري كيفَ أشيرُ عليكَ أن تنفذَ أنت، ولكنّي أسأل الله أن يهبكَ حظّاً من التوفيقِ فما يفتحُ اللهُ للناس ِ من رحمةٍ فلا ممسكَ لها.

كتبتُ لكَ أسماءَ بعض ِ كتبِ الاجتماع ِ والفلسفةِ الأدبيةِ، ومن هذه الأسماءُ " كتاب الفلسفةِ النظريةِ " وفيهِ وحدهُ الكفاية ُ، وقد طبعَ منه ستة أجزاء في علم الاجتماع والمنطق والفلسفةِ وعلم التربيةِ والأخلاق، والكتابُ أصلهُ اثنا عشر جزءاً وهو تأليف قوم ٍ من أعلم ِ الناس ِ بتلكَ الفنون ِ، وكان تعريبهُ وطبعهُ في بيروت ولكن أينَ منّا بيروتُ؟!.

اقرأ كل ما تصل إليهِ يدكَ فهي طريقة ُ شيخنا الجاحظِ، وليكن غرضكَ من القراءةِ اكتساب قريحةٍ مستقلةِ وفكرٍ واسع ٍ وملكةٍ تقوّي على الابتكار.

فكل كتابٍ يرمي إلى إحدى هذه الثلاث فاقرأهُ، وما دمتَ لا تعرفُ غيرَ العربيةِ فالتمس مجلداتِ المقتطفِ وخذ منها كل ما عثرت به، فإنهُ مدرسة في بعض ِ الأغراض التي تتوخى إليها .... ، أرجو لكَ الخيرَ، وأدعو لكَ بالتوفيق ِ.

وأختمُ بالسلام ِ عليك.

مصطفى صادق الرافعي

(أمّا الكتبُ التي أشار إليها فهي):

تاريخ التمدّن لكيزو (طُبع من زمن بعيد)

سر تقدّم الإنجليز

سر تطور الأمم

إميل القرن التاسع عشر

التربية الحديثة لمؤلف سر تقدّم الإنجليز

كتاب الفلسفة النظرية (طبع في بيروت)

مجلة المقتبس – وفيها شيءٌ كثيرٌ من الموضوعاتِ الاجتماعية –

كتاب الواجب تعريب طه حسين

السلطة والحرية لتولستوي تعريب بعض الأقباط

أما كتبُ التاريخ لإهمها: تاريخ الطبري أو ابن الأثير، أو ابن خلدون، ولا غنى عن تاريخ ِ أبي الفداء وتاريخ القرماني لجمعهما واستيفائهما.

وكتبُ التاريخ ِ كثيرة وفي بعضها كفاية لغير المؤرخ، أمّا هذا فحاجتهُ في كل كلّها.

8 – رأيهُ في أخلاق سادتنا الكبراء!

طنطا في 29 يناير سنة 1916

أيّها الأخُ

السلامُ عليكم، وبعدُ،

فقد أخذتُ كتابكم وأنا على سفرٍ إلى مصر فلم أستطع الرد يومئذٍ، وإنّي أشكرُ لكم عنايتكم فقد وفيتم بما فوق الأمل ِ – باركَ الله فيكم وفي إخلاصكم -.

أمّا ما وصفتم من أمرِ صاحبكم – الرجل الكبير – الذي أمّلتَ أن تكبرَ به!، فكأنّكَ لمّا تعرف هؤلاءِ الكبراء، ولم تقرأ قولهُ تعالى: ((ربنا إنّا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلّونا))، فلعنة ُ الله على كل 999 من الألف من هذه الفئةِ .... !.

إن الناس على خوفٍ وتوثّبٍ وكلّهم يفزعُ بنفسهِ ويفزعُ من نفسهِ ولعل اللهَ يُحدثُ بعد ذلكَ أمراً.

حدّثني عنكم صاحبُ البيان ِ بما سرّني من أخلاقكم وشمائلكم وذلكَ ما كنتُ أتوسّمهُ، فليتَ اللهيجعلكَ من كبار ِ الأغنياءِ أو يجعلَ في كبار ِ الأغنياءِ مثلكَ، حتى لا نضيعَ ولا يضيعَ الأدبُ، وآه من " ليتَ " هذه إنّها من أكبر علل الدنيا!.

أختمُ بإهدائكم طيّبَ التحيّاتِ وبالدعاءِ لكم، واللهُ المستعانُ.

والسلامُ عليكم ورحمة الله وبركاته.

الداعي مصطفى صادق الرافعي

9 – رأيه في مؤلفاته وطبعها

طنطا في 30 يناير سنة 1916

أيُّها الأخُ الفاضلُ:

السلامُ عليكم، وبعدُ،

فقد كتبتُ إليكم أمس بعد حضوري من مصر، لأنّي لبثتُ هناكَ أيّاماً لتنسّم الرَّوحِ الأدبي الذي اختصّت به تلك العاصمةُ الجميلةُ ..... ،

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير