فكل كتابٍ يرمي إلى إحدى هذه الثلاث فاقرأهُ، وما دمتَ لا تعرفُ غيرَ العربيةِ فالتمس مجلداتِ المقتطفِ وخذ منها كل ما عثرت به، فإنهُ مدرسة في بعض ِ الأغراض التي تتوخى إليها .... ، أرجو لكَ الخيرَ، وأدعو لكَ بالتوفيق ِ.
وأختمُ بالسلام ِ عليك.
مصطفى صادق الرافعي
(أمّا الكتبُ التي أشار إليها فهي):
تاريخ التمدّن لكيزو (طُبع من زمن بعيد)
سر تقدّم الإنجليز
سر تطور الأمم
إميل القرن التاسع عشر
التربية الحديثة لمؤلف سر تقدّم الإنجليز
كتاب الفلسفة النظرية (طبع في بيروت)
مجلة المقتبس – وفيها شيءٌ كثيرٌ من الموضوعاتِ الاجتماعية –
كتاب الواجب تعريب طه حسين
السلطة والحرية لتولستوي تعريب بعض الأقباط
أما كتبُ التاريخ لإهمها: تاريخ الطبري أو ابن الأثير، أو ابن خلدون، ولا غنى عن تاريخ ِ أبي الفداء وتاريخ القرماني لجمعهما واستيفائهما.
وكتبُ التاريخ ِ كثيرة وفي بعضها كفاية لغير المؤرخ، أمّا هذا فحاجتهُ في كل كلّها.
8 – رأيهُ في أخلاق سادتنا الكبراء!
طنطا في 29 يناير سنة 1916
أيّها الأخُ
السلامُ عليكم، وبعدُ،
فقد أخذتُ كتابكم وأنا على سفرٍ إلى مصر فلم أستطع الرد يومئذٍ، وإنّي أشكرُ لكم عنايتكم فقد وفيتم بما فوق الأمل ِ – باركَ الله فيكم وفي إخلاصكم -.
أمّا ما وصفتم من أمرِ صاحبكم – الرجل الكبير – الذي أمّلتَ أن تكبرَ به!، فكأنّكَ لمّا تعرف هؤلاءِ الكبراء، ولم تقرأ قولهُ تعالى: ((ربنا إنّا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلّونا))، فلعنة ُ الله على كل 999 من الألف من هذه الفئةِ .... !.
إن الناس على خوفٍ وتوثّبٍ وكلّهم يفزعُ بنفسهِ ويفزعُ من نفسهِ ولعل اللهَ يُحدثُ بعد ذلكَ أمراً.
حدّثني عنكم صاحبُ البيان ِ بما سرّني من أخلاقكم وشمائلكم وذلكَ ما كنتُ أتوسّمهُ، فليتَ اللهيجعلكَ من كبار ِ الأغنياءِ أو يجعلَ في كبار ِ الأغنياءِ مثلكَ، حتى لا نضيعَ ولا يضيعَ الأدبُ، وآه من " ليتَ " هذه إنّها من أكبر علل الدنيا!.
أختمُ بإهدائكم طيّبَ التحيّاتِ وبالدعاءِ لكم، واللهُ المستعانُ.
والسلامُ عليكم ورحمة الله وبركاته.
الداعي مصطفى صادق الرافعي
9 – رأيه في مؤلفاته وطبعها
طنطا في 30 يناير سنة 1916
أيُّها الأخُ الفاضلُ:
السلامُ عليكم، وبعدُ،
فقد كتبتُ إليكم أمس بعد حضوري من مصر، لأنّي لبثتُ هناكَ أيّاماً لتنسّم الرَّوحِ الأدبي الذي اختصّت به تلك العاصمةُ الجميلةُ ..... ،
أمّا ما أشرت إليهِ من طبع ِ كل ما أكتبهُ فليس ذلك من همّي ولا أنا ميّالٌ إليهِ ولا مبالٍ به، وقد كان بعضُ أبناءِ عمومتي يستميلني كتباً ورسائلَ في معانٍ مختلفةً، حتى اجتمعَ لهُ بعد ذلك جملةٌ صالحةٌ، فأرادَ طبعها ولكنّي نهيتُهُ وأعلمتهُ أنّي أبرأ منها إذا هو نشرها.
وهنا أشياءُ أخرى لا أريدُ أن أبوحَ بها، ولكنها في الجملةِ أشياءُ أساعدُ بها رِفداً، فينتحلها أهلها وينشرونها بأسمائهم وأنا بذلك راضٍ ومسرورٌ.
وليتَ الزمانَ يهيءُ لي أسبابَ التفرّغِ للكتابةِ والشعرِ، ويغنيني عن التكسّبِ من الوظيفةِ التي أنا فيها – وهي في المحكمةِ الأهليةِ هنا – ولكن ماذا أصنعُ والأمّةُ خاملةٌ كما ترونَ، فلا تكادُ تقومُ بعيشِ أديبٍ واحدٍ ليخدمها مدّة عمرهِ، دعنا من هذا الهمِّ فكم شيءٌ في مصر ضياعٌ والحمدُ للهِ ولا كفرانَ للهِ.
وذكرت قطعة البخيلِ التي نُشرت في " البيانِ " فهذه القطعة صدرُ روايةٍ طويلةٍ ممّا يُنشرُ في " المساكينِ "، وكذلك قصيدةُ (على الكواكبِ الهاويةِ) وهي أيضاً فصلٌ في المساكينِ، وقد كنتُ نظمتها لحفلةِ الأوبرا، ومن أجلِ ذلكَ لم أشرْ فيها إلى طلبةِ الأزهرِ، بل جعلتها عامّةً كما رأيتمْ.
كنتُ أحبُّ أن أطيلَ كتابي ولكن بي مرضاً من البردِ تتألمُ لهُ الصحيفةُ والقلمُ، فأعتذرُ إليكم.
والسلامُ عليكم.
الداعي مصطفى صادق الرافعي
10 – يريدُ العملَ ولكنّهُ يجدُ العوائقَ
طنطا في 23 مارس سنة 1916
أيّها الأخُ:
السلامُ عليكم ورحمةُ الله، وبعدُ،
فلقد تلقّيتُ كتابكم ويسرّني أن تكونَ لكم هذه الغيرةُ على الأدبِ وأهلهِ فإن ذلكَ ممّا يدلّ على أن لكم نفساً عظيمةً تبرزُ بمواهبها شيئاً فشيئاً، حقّقَ اللهُ الأملَ فيكم، وكان لكم بعونهِ وتوفيقهِ.
¥