قال ابن فارس من فاته علمه فاته المعظم لأنا نقول وجد كلمة مبهمة .... إلى أن قال: وقد ذكر الأزهري أن مادة دكر بالدال المهملة مهملة غير مستعملة فكتب التاج الكندي على الطرة ما ذكر أنه مهمل مستعمل قال الله تعالى وادكر بعد أمة. فهل من مدكر. وهذا الذي قاله سهو أوجبه الغفلة عن قاعدة التصريف فإن الدال في الموضعين بدل من الذال لأن ادكر أصله اذتكر افتعل من الذكر وكذلك مدكر أصله مذتكر مفتعل من الذكر أيضا فأبدلت التاء ذالا والذال كذلك وأدغمت إحداهما في الأخرى فصار اللفظ بهما كما ترى
وقال الزمخشري في تفسير قوله تعالى سول لهم سهل لهم ركوب المعاصي من السول وهو الاسترخاء وقد اشتقه من السؤل من لا علم له بالتصريف والاشتقاق جميعا يعرض بابن السكيت. وانظر ما بعده
قال الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد في دروس التصريف:
ومتى درست علم الصرف أفدت عصمة تمنعك من الخطأ في الكلمات العربية، وتقيك من اللحن في ضبط صيغها، وتيسر لك تلوين الخطاب، وتساعدك على معرفة الأصلي من حروف الكلمات والزائد.
والحق أن علم الصرف من أجل علوم العربية موضوعا، وأعظمها خطرا، وأحقها بأن نعنى به، وننكب على دراسته، ولا ندخر وسعا في التزود منه، ذلك بأنه يدخل في الصميم من الألفاظ العربية، ويجري منها مجرى المعيار والميزان، وعلى معرفته وحده المعول في ضبط الصيغ ومعرفة تصغيرها والنسبة إليها، وبه وحده يقف المتأمل فيه على ما يعتري الكلام من إعلال أو إبدال أو إدغام، ومنه وحده يعلم ما يطرد في العربية وما يقل، وما يندر وما يشذ من الجموع والمصادر والمشتقات، وبمراعاة قواعده تخلو مفردات الكلام من مخالفة القياس التي تخل بالفصاحة وتبطل معها بلاغة المتكلمين. اهـ
وأقول: من المسلم عند كل طالب علم أهمية علم البيان والبلاغة، فإن استقر في الأذهان ذلك فلا بلاغة بغير صرف، كما أنه لا بيان بدون نحو، والله الموفق.
والأصل تقديم علم الصرف على النحو لأن متعلق الصرف هو الكلمة المفردة، ومتعلق النحو هو الكلام المركب، ولذلك لا توصف الكلمة قبل التركيب بإعراب ولا بناء، ولذا فمعرفة الجزء مقدمة على معرفة الكل، فوجب حينئذ تقديم علم الصرف، إلا أنه يبدأ بالنحو لأمرين اثنين:
1 ـ صعوبة علم الصرف، فيبدأ بما هو أسهل ليكون ذلك حافزا له على تعلم ما هو أدق منه.
2 ـ ولكون النحو أتم فائدة منه، وأكثر نفعا، مع أن الفائدة والنفع متحقق في الصرف، فيبدأ بما هو أكثر نفعا.
وقد أشار لنحو من ذلك ابن جني في المنصف.
وهنا أنبه أن بعضهم ذكر أن الصرف داخل في علم النحو بلا خلاف.
ألا ترى أن ابن مالك رحمه الله يقول: مقاصد النحو بها محوية. مع أنه ذكر علم الصرف في آخره.
والأئمة المتقدمون يجمعون بين العلمين، ولذا فإني أقول، ولا أدري قائلا بهذا، لكنه حسب معرفتي اليسيرة:
لا يتم التبحر في النحو والإلمام بمقاصده إلا بعد العلم بالصرف.
ولا أقول: لا يتم تصور النحو إلا بالصرف، وإلا لكنت مخالفا للحقائق والواقع.
لكني أقول: لا تتم الإحاطة بالنحو ودقائقه وتصوره تصورا تاما على وجه سليم إلا بعلم الصرف.
وثم ترابط جد وثيق بين علوم النحو والبيان والصرف.
والله الموفق.
ـ[أبو يحيى التركي]ــــــــ[17 - 12 - 06, 03:30 ص]ـ
الحلقة الثالثة:
نسبته لسائر العلوم: التباين والتخالف.
واضعه: تتابع المصنفون في علم الصرف على إقرار أن الواضع لهذا العلم هو معاذ بن مسلم الهراء
بل حكاه بعضهم اتفاقا.
انظر على سبيل المثال حاشية الصبان وانظر التصريح بمضمون التوضيح.
قال الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد: وهذا المعنى على إطلاقه غير مستقيم، فقد كانت مسائل هذا العلم تدرس من قبل معاذ: درست مع مسائل العربية بوجه عام، ودرست مع مسائل النحو بشكل خاص. والذي يمكن أن تطمئن إليه النفس أن معاذا هو أول من أفرد مسائل الصرف بالبحث أو التأليف، وهو الذي بدأ التكلم فيه مستقلا عن فروع اللغة العربية، وأنه أكثر من مسائل التمرين التي كان المتقدمون يسمونها التصريف، وأن العلماء من بعده ترسموا خطاه، وتقيلوا منهجه، واتبعوا سبيله، واقتفوا أثره، وهم ـ مع هذا ـ يضعون الضوابط والقيود، ويستدرك اللاحق منهم على السابق، فيزيد قيدا أو يهمل مقيدا، حتى تم نضج هذا العلم،
¥