تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إليهم وعرفوا مكانته.

أدرك ابن العماد سببا من أسباب نبوغ ابن الجوزي فذكره وقال عنه: وما تناول مالا من جهة لا يتيقن حلها، ولا ذل لاحد. كما عن ألوف كثيرة حتى قيل في بعض مجالسه: إنه حزر الجمع بمائة ألف.

وأصيب ابن الجوزي بحسد الحساد ودس الدساسين فسجن زمن الخليفة الناصر في واسط، وكان في سجنه يدخل عليه الناس فيستمعون إليه ويملي عليهم ويعظهم، وكان يرسل الاشعار الكثيرة إلى بغداد. وبقي في سجنه ذاك سنين خمسا يقوم بخدمة نفسه وقد قارب الثمانين من عمره.

بقي الشيخ في سجنه من سنة (590) حتى سنة (595) ه‍ حيث أفرج عنه، فقدم بغداد، واستقبله خلق كثير، وخلع عليه الخليفة، وعاد الشيخ إلى الوعظ والارشاد والكتابة ونشر العلم حتى توفاه الله ليلة الجمعة (12 رمضان سنة 597 ه‍) بين العشاءين وقد قارب التسعين من العمر، ودفن بباب حرب قرب مدفن الامام أحمد بن حنبل رضي الله عنه،

وأوصى أن يكتب على قبره:

يا كثير العفو عمن كثر الذنب لديه

جاءك المذنب يرجو الصفح عن جرم يديه

أنا ضيف وجزاء الضيف إحسان إليه

شيوخه:

أما شيوخ ابن الجوزي فكثيرون ذكر منهم سبعة وثمانون شيخا، غير أن هؤلاء ليسوا كل من أخذ عنهم العلم، بل هناك آخرون استفاد منهم وأخذ العلم ومن أهم شيوخه:

1 - خاله أبو الفضل محمد بن ناصر الحافظ الثقة.

2 - أبو القاسم الهروي وقد لقنه كلمات في الوعظ.

3 - أبو الحسن - ابن الزاغوني - وقد قال عنه ابن الجوزي: كان له في كل فن من العلم حظ وافر، ووعظ مرة طويلة، وصحبته زمانا فسمعت منه الحديث، وعلقت عنه من الفقه والوعظ.

4 - أبو بكر الدينوري، وابن أبي الدنيا: وقد قرأ عليهما الفقه والخلاف والجدل والاصول.

5 - وتتبع مشايخ الحديث والفقه فأخذ عن القاضي أبي بكر الانصاري، وأبي القاسم الحريري، وأبي السعادات المتوكلي، وأبي عبد الله البارع، وأبي غالب الماوردي، وأبي القاسم السمرقندي، وعبد الوهاب الانماطي، واسماعيل بن صالح المؤذن، وعبد الجبار بن مندة. وقد قال يصف نفسه وتتبعه الحديث والمحدثين: ولم أقنع بفن واحد، بل كنت أسمع الفقه والحديث، وأتبع الزهاد، ثم قرأت اللغة، ولم أترك أحدا ممن يروي ويعظ، ولا غريبا يقدم إلا وأحضره، وأتخير الفضائل. ولقد كنت أدور على المشايخ لسماع الحديث فينقطع نفسي من العدو لئلا أسبق. وكن أصبح وليس لي مأكل، وأمسي وليس لي مأكل، وما أذلني الله لمخلوق قط.

6 - وكان من شيوخه أبو منصور الجواليقي استاذ عصره في علوم العربية، وقد قرأ عليه كتابه " المعرب " وتصانيف أخرى، وأفاد منه فائدة جلى.

علمه وفضله وثناء العلماء عليه:

لقد امتاز ابن الجوزي بميزات جعلت منه أكبر عالم في عصره، ألقت إليه العلوم مقاليدها، ومن هذه الميزات: حب العلم الذي أولع به صغيرا لم يتجاوز السادسة من العمر وبقي في فؤاده حتى لقي ربه سبحانه وتعالى، ومنها: الجد في الطلب والمثابرة عليه والاشتغال بالعلم دون سواه، ومنها ذكاء متوقد وحافظة مساعدة، وزهر في متاع الدنيا، وورع بلغ حدا لا يبلغه إلا النادر من الناس، وإيمان بالله قوي، وهمة عالية تأبى إلا الوصول إلى الغاية. يقول ابن الجوزي: إني رجل حبب إلي العلم زمن الطفولة فتشاغلت به، ثم لم يحبب إلي فن واحد بل فنونه كلها، ثم لا تقصر همتي في فنه على بعض بل أروم استقصاءه، والزمان لا يتسع، والعمر ضيق، والشوق يقوى، والعجز يظهر، فيقب وقوف بعض المطلوبات حسرات. وبهذه الميزات، وبعون الله له توصل ابن الجوزي أن يكون المحدث الفقيه العارف لصحيح الحديث من سقيمه، الاديب، الواعظ، الشاعر. وبعونه تعالى كان أيضا المؤلف الذي أغنى المكتبة الاسلامية بعدد كبيثر من المؤلفات في شتى فنون العلم، مما لا يتيسر لاحد تصنيف مثله إلا إذا أوتي الهمة العالية، والذكاء ا لفذ، والعون من الله سبحانه وتعالى.

وقد تحدث عنه علماؤنا الافذاذ بكثير من الاعجاب والاعتراف له بالفضل والتقدير،

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير