تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

و الآية هذه مختلف في تفسيرها، و لا شك و ما اختاره الأخ عبد الرحمن، هو أحد الأوجه، و هو ما اختاره من قبل إماما التفسير ابن جرير و ابن كثير و غيرهما، فالمسألة معلوم الخلاف فيها، و لا تجد كتابا من كتب الفقه أو الحديث إلا و تطرق لها، فهي من موارد النزاع، لكن يجب تدقيق العبارة في النقد لا سيما ما ينقل من آثار، و قد كنت بحثت هذه الآية و رأيت الاختلاف فيها، و ما ذكرته هو اختيار العلمين الإمامين شيخي الاسلام ابن تيمية و ابن القيم، و هما من هما؟

لا، بل صنف ابن تيمية فيها كتابا ينصر فيه القول بأن المراد بالنكاح الزواج و العقد، لا غير.

و هذا قول إمام التفسير في زمانه مجاهد، و لعله أخذه عن ابن عباس فتكون رواية أخرى.

و بخصوص قول ابن عباس فإن ابن عباس قد قاله اجتهادا منه، و للصحابة اجتهادات خالفت النص، و قول ابن عباس هنا مخالف للنص: (فقلت يا رسول الله أنكح عناق قال فسكت عني فنزلت والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك فدعاني فقرأها على وقال لا تنكحها) وهو حديث عبد الله بن عمرو في سنن أبي داود و الترمذي على تقدير صحته، و هو دليل على المعنى الذي نزلت لأجله الآية.

بل في تفسير رسول الله لها كما عند الترمذي، ماذا قا ل؛ قال (فقلت يا رسول الله أنكح عناقا فأمسك رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يرد علي شيئا حتى نزلت الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا مرثد الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك فلا تنكحها) اهـ

فهذا برهان على أن المراد بالنكاح هو النكاح المعروف شرعا و هو الزواج، فقوله (أنكح عناقا) أيريد أزني بها؟؟!!! حاشا لله.

و قول (فأمسك فلم يرد علي شيئا حتى نزلت الزاني لا ينكح) فهذا جواب على السؤال و هو زواجها.

و قوله (فلا تنكحها) أيريد (فلا تزني بها) أيعقل هذا؟؟

و هذا فهم ابن تيمية و ابن القيم و غيرهما من الأئمة، و أصح من حديث ابن الأخنس عن عمرو بن شعيب، رواية حبيب المعلم حدثني عمرو بن شعيب عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينكح الزاني المجلود إلا مثله.

كذا أخرجه أبو داود عقب رواية ابن الأاخنس كأنه يشير إلى إعلالها و لذا قال الترمذي عن رواية ابن الأخنس: (حديث حسن غريب).

و قال البيهقي لما أخرجه من طريق يزيد بن زريع ثنا حبيب المعلم قال جاء رجل من أهل الكوفة إلى عمرو بن شعيب قال ألا تعجب أن الحسن يقول إن الزاني المجلود لا ينكح إلا مجلودة مثله فقال عمرو وما يعجبك حدثناه سعيد المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم وكان عبد الله بن عمرو رضي الله عنه ينادي بها نداء فهكذا رواه عمرو وقد روي عن أبيه عن جده في سبب نزول الآية ما دل على أن المنع وقع عن نكاح تلك البغايا وروينا عن عبد الله بن عمر ومن أوجه أخر ما دل على أن المنع وقع عن نكاحهن إما لشركهن وإما لشرطهن إرسالهن للزنا والله أعلم (السنن 7/ 156)

فابن عباس مخالف للنص و سبب التنزيل، إن لم يكن له قول آخر موافق لما ذكرنا، وهو محتمل جدا، لأن تلميذه مجاهد يقول بخلاف ما أثر عنه، فلعله آخر القولين له.

و مثل هذا ما أثر عن ابن عباس في تفسير قوله تعالى (وهم بها) فقد رده ابن تيمية و عد كل ما يذكر في الآية مع أنه لا اختلاف بين الصحابة يذكر!! في تفسيرها بأنه كان ليوسف فعل حركة في الواقعة، فرده ابن تيمية و جعله من الأخذ عن كتب بني إسرائيل.

ـ[أبو تيمية إبراهيم]ــــــــ[20 - 09 - 02, 02:37 م]ـ

بل في رواية قالله صلى الله عليه و سلم (لا تتزوجها) فدل على السبب الذي لأجله أنزلت الآية هو السؤال عن زواحه لها، و بذا زال الإشكال و الحمد لله.

ثم سبب النزول له ما يؤيده أيضا و هو ما رواه معتمر بن سليمان عن أبيه عن الحضرمي عن القاسم عن عبد الله بن عمرو قال كانت امرأة في جياد تسمى أم مهزول وكانت تسافح وكانت تشترط لمن تزوجها أن تكفيه النفقة فاستأذن رجل رسول الله في نكاحها فقرأ رسول الله الزاني لا ينكح إلا زانية الآية.

و هذا الحديث و إن كان فيه الحضرمي و قد جهل، لكن قال ابن معين (ليس به بأس وليس هو بالحضرمي بن لاحق) فهو شاهد لا بأس به، فالحضرمي هذا لا يسمى أبوه، و في بعض الروايات سمي ابن لاحق لكنه ليس الذي روى عنه يحيى بن أبي كثير، كما فصله الخطيب في (الموضح)، و قد جهل الحضرمي هذا: ابن المديني و قال فيه ابن معين ما ترى أعلاه.

فمثله في الاعتبار لا بأس به.

و يويده قول مكحول (لا يحل لرجل مسلم أن يتزوج امرأة قد حدث في الزنا ولا يحل لامرأة مسلمة أن تتزوج رجلا قد حد في الزنا وإنما أنزل الله هذه الاية الزاني لا ينكح إلا زانية في هذا) أخرجه عبد الرزاق (12809).

و للحافظ ابن حزم كلام مطول رد فيه ما جاء عن ابن عباس و غيره في تفسير النكاح بالوطء من كتابه (المحلى) (9/ 476 - 477) فلينظر فهو مهم.

هذا و الله الموفق.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير