ولم تخلو ولله الحمد اليمن من علماء منذ تلكم الفترة إلى يومنا هذا وإن كانوا لم يشتهروا خارج اليمن لعدة عوامل منها العزلة التي كانت تعيشها اليمن عن العالم، ومنها ما عُرف به علماء اليمن من التواضع والبساطة، وعدم الحرص منهم على الظهور والبروز.
وفي هذا الزمان برز منهم شيخنا القاضي العلامة وارث علم الشوكاني محمد بن إسماعيل العمراني، فهو حفيد تلميذ الإمام الشوكاني، جده محمد بن محمد العمراني تلميذ مباشر للإمام الشوكاني، وبين شيخنا القاضي العمراني وبين الشوكاني شيخه وشيخ شيخه، وجده والد والده الذي هو شيخ شيخ شيخه.
والقاضي العلامة العمراني ممن علمه في رأسه إذا سمعته وهو يسرد الأقوال، ويذكر الاختلافات، ويستحضر النكت والفوائد، الحديثيةو الفقهية والتاريخية واللغوية، قلت صدق في هذا قول القائل:
علمي معي حيثما يممت يتبعني ................... ........ قلبي وعاء له لا جوف صندوقِ
إن كنت في البيت كان العلم فيه معي ............ أو كنت في السوق كان العلم في السوقِ
ورحم الله الامام الفحل أبا محمد بن حزم لما قال:
فإن يحرقوا القرطاس لا يحرقوا الذي ...... تضمنه القرطاس بل هو في صدري
يسير معي حيث استقلت ركائبي ............ ويمكث إن أمكث ويدفن في قبري.
ثم أيضاً لا ننسى الإمام المحدث مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله تعالى، واختياره لموضوع رسالته للماجستير، في نظري يدل على تجذر روح الاجتهاد عنداليمنيين، والنفور من التقليد المطلق الذي تميز به علماء اليمن وطلاب العلم منهم عن غيرهم، فقد كانت رسالته تحقيق لـ" الإلزمات والتتبع"للدارقطني وقد سببت له بعض المضايقات من بعض المقلدة، وبعضهم حاول أن يطعن في منهجه ويرد سبب هذا الاختيار من الشيخ لهذا الكتاب بعينه، الرواسب الموجودة عند الشيخ من آثار الزيدية، كما ذكر الشيخ هذا في المقدمة، وكل هذا بسبب التقليد، والجمود.
ويوجد ثلة مباركة من تلامذته وأصحابه، خصوصاً الذين اشتغلوا بالعلم ونشره، والتأليف والتحقيق، كالشيخ المحدث عقيل بن محمد المقطري صاحب المؤلفات الكثيرة، والتحقيقات العديدة، وغيره كثر ولله الحمد.
ـ[أبو مصعب اليماني]ــــــــ[23 - 06 - 08, 01:29 م]ـ
أرجو لنا ولهم التوفيق والسداد.
وكتاب سلك اللآلئ للعمراني فعلا كتاب رائع شرحا ونظما
وقد امتاز هذا الكتاب - شرحا ونظما – بمميزات جعلته على قائمة الكتب الأصولية ذات الأهمية , وخاصة ضمن كتب شروحات الورقات.
من أهم تلك المميزات مايلي:
1 - عناية صاحب الشرح بعلم الحديث:
امتاز هذا الشرح عن غيره من الشروح بأن مؤلفه كما كان له عناية بعلم الأصول كذلك كان له عناية بعلم الحديث, كما هو مذكور في ترجمته, ومن طالع ديباجة هذا المخطوط علم ذلك؛حيث ذكر أعلام المحدثين مترجما لهم بذكر الاسم والكنية وتاريخ الوفاة كصاحبي الصحيحين و أصحاب السنن وأصحاب المعاجم وغيرهم من المحدثين.
وهذا يعني مايلي:
أ - ضبط الكتاب على نهج أهل الحديث في آداب الكتابة والضبط.
ب - إيراده الأحاديث منبها على درجتها صحة وضعفا, أو على مظانها, مما يجعل القارئ مطمئنا لما يستشهد
به.
ج – استيفاء الشارح المباحث المتعلقة بعلم الحديث, كمباحث السنة بأسهل عبارة
وأحسن مدلول.
2 - ذكر الشارح بعض المصادر التي استقى منها شرحه, ونقل عنها.
3 - المؤلف زاد في شرحه مسائل لم تذكر في الأصل, تمس الحاجة إليها وتتم بها
الفائدة.
4 - عناية المؤلف بذكر الاستشهادات اللغوية, إلى جانب المصطلحات العلمية.
5 - الشارح -رحمه الله– لم يكتف بذكر الأدلة على المسألة, بل وذكر الاعتراضات
الموجهة على الأدلة, وبيان الرد عليها.
6 - المؤلف مع ذكره للأقوال في المسألة, فأنه قد يبين محل النزاع فيها؛ حتى لايتوارد النفي والإثبات على محلين مختلفين , فلا يكون للخلاف فيها ثمرة.
7 - بيان أقوال إمام الحرمين الجويني في المسألة في الأصل – الورقات – وغيره
وهذا يعني أنه لم يقتصر في نسبة القول إليه على الأصل, بل قارنه بغيره من
مؤلفاته , فإن وجد اختلافا ذكره.
8 - هذا الشرح قد قدم له وراجعه وأثنى عليه الثناء الحسن, العلامة المحقق
محمد بن علي بن حسين العمراني? والد المؤلف كما جاء ذلك مثبتا في هامش
آخر المخطوط , ونصه:)) سمعت هذا المختصر المفيد , ورتعت في روض هذا
المختصر الذي ليس عليه في جودة التحرير مزيد, من مؤلفه الولد العزيز عبدالرحمن
سلمه الله ووقاه عبر الزمان)). ثم ثنّى بالثناء الجميل , والذكر الحسن على ولده
فقال: ((فحمدت الله على أن وهب لي هذا الولد , وجعله قرة عين , فهو
لسان الزمان بلا قيد ولا فند ... )) ا. هـ ?
9 - نظم الورقات لابن المفضل قد امتاز عن غيره بسلاسةلفظه, وقلة مبناه, موافيا
لمعنى أصله, بل ولفظه إن ساغ له ذلك كما صرح به هو نفسه حيث قال:
وإنما سَبَكْتُ ما أملاهُ * بلفظه إن ساغ أو معناهُ
جعل الله علومهم في ميزان حسناتهم
والله أعلم.