تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[فائدة حول كتاب «أسرار الصلاة»، للإمام ابن القيم ـ رحمه الله تعالى ـ]

ـ[محمد بن يوسف]ــــــــ[27 - 03 - 08, 02:51 م]ـ

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله ...

وبعد؛

(1) فقد طبع ـ عام 2003 م ـ كتاب نُسب للإمام المحقق ابن قيم الجوزية ـ رحمه الله تعالى ـ؛ بعنوان: «أسرار الصلاة، والفرق والموازنة بين ذوق الصلاة والسّماع»، بتحقيق: إياد القيسي، ونشرته دار ابن حزم ببيروت، في 180 صفحة.

وشكر المحقق ربّه - عز وجل - (ص 7) أن مَن عليه ووفّقه وانتدبه ـ كذا ـ «لإخراج هذا السفر الجليل بهذه الصورة، معتمدًا في إخراجه على ثلاثة نسخ خطية من بلدان ثلاث»؛ كما قال.

وقال (ص 19): «والكتاب لم ينشر سابقًا بهذه الصورة أبداً و لا هو مستلٌ من كتاب كبير»! وهذا يوهم أنّه مصنّف مستقل للإمام ابن القيم ـ رحمه الله تعالى ـ، وهذا فيه ما سيأتي ـ إن شاء الله ـ.

ثم لم يلبث أن فاجأ القارئ أنّ «حقيقة هذه الرسالة هو أنها جزء من كتاب «مسألة السَّماع»، و الذي نشر أيضًا بعنوان آخر ـ كما سيمر ـ، ولكن هذا الجزء جاء ناقصًا عن المخطوطات، وفيه تقديم وتأخير، وفيه تحريف»!!!

ثم برّر نشره لهذه الرسالة بشكل مستقل وباسم مغاير، وأنّه عمل شرعي ومشروع ـ كذا ـ بعدة أسباب، ختمها بقوله: «فهذا الكتاب لا يعتبر كتاباً مستلاً (!!!)؛ فهو لا يشبه أبداً المستلات السابقة، سواء ما استل حديثًا أو قديمًا؛ بل هو كتاب مستقل بذاته»!!!

ولا أدري ما الذي دفعه إلى هذا الزعم؟! هذا مع أنّ ما ذكره من أسباب ـ ولن أتطرق لمناقشتها ـ لا يخرج عمله عن كونه منحولًا ـ (1) حاشية ـ على مؤلّفات الإمام ابن القيم ـ رحمه الله تعالى ـ.

اللهم إلا إن سُلم له قوله ـ آخر الكلام ـ: «أن ابن القيم نفسه استل هذه الرسالة ثم نقحها أكثر من مرَّة»! والذي دفعه إلى هذا (الاحتمال): الاختلاف في النسخ بين المطبوع والمخطوط وبين نفس المخطوط. والعلم عند الله ـ تعالى ـ.

(2) ثم فوجئت أنّ دار المسلم بمصر قد أعادت طباعة الكتاب ـ عام 2007 ـ، بتحقيق: الوليد بن محمد بن سلامة بن عبد الغني، أبي عبيدة، ومعه: رسالة «الذل والانكسار» للحافظ ابن رجب الحنبلي ـ رحمه الله تعالى ـ.

وكتب على طرّة الكتاب: «يطبع لأول مرة في مصر»! كذا قيّدوه بـ (مصر)؛ لأنه طبع قبل ذلك في غيرها! مع ما في هذا من الإيهام الذي لا يخفى!

وذكر المحقق في (المقدّمة) أنّه اعتمد على المطبوعة السّابقة للكتاب، بتحقيق إياد القيسي، وأنّ الذي دفعه إلى إعادة طبعه هو عدم توفره في مصر لطلاب العلم؛ فجزاه الله خيرًا.

ولن أتعرّض (لنقد) عمله و (مبررات) إعادة طبعه.

(3) الأعجب من كلّ هذا ـ وهذه هي المفاجئة ـ: أن هذه الرسالة بعينها ـ رغم زعم المحقق لها أنها (لم تنشر سابقًا بهذه الصورة أبداً)؛ قد طبعت بتحقيق: الشيخ مجدي فتحي السيد ـ جزاه الله خيرًا ـ، بدار الصحابة بطنطا، قبل إحدى عشر عامًا (11) من طبعة القيسي ـ عام 1991م أو 1992م ـ! بعنوان: «الموازنة بين ذوق الصلاة والسماع» ـ أو عنوانًا قريبًا من هذا ـ، وذكر في (مقدّمة) التحقيق أنه اعتمد على مخطوط وحيد للكتاب وجده بدار الكتب المصرية.

ولعلّ ذلك مما لم يطّلع عليه المحقق (القيسي) ـ وفقه الله لكل خير ـ.

(4) وقد كان من الطبيعيّ أن ننظر في كلام العلامة الشيخ (بكر بن عبدالله أبو زيد) ـ تغمّده الله برحمته ـ بخصوص هذه الرسالة؛ في سفره الماتع «ابن قيم الجوزية: حياته، آثاره، موارده»؛ فلم أجده تكلّم عن هذه الرسالة بشيء!

وقد انشرح صدري ـ والله ـ لما علمتُ أنّ السبب في ذلك لعلّه يكون لأن النشرة الأولى من كتابه هذا كانت عام 1411؛ أي قبل خروج الرسالة لأول مرة إلى النور ـ بتحقيق: مجدي فتحي السيد ـ بسنتين تقريبًا.

وقد ازداد فرحي لما رأيته ـ رحمه الله تعالى ـ يقول في تقديمه لـ «آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال»: (ص هـ ـ ضمن «بدائع الفوائد»):

«جرى عمل ثبت بمخطوطات ومطبوعات مؤلفات ابن القيم ـ رحمه الله تعالى ـ؛ فلم يحصل فيها حتى التاريخ إضافة للمطبوع، وإنما حصل بعض النسخ الصحاح التي فيها زيادة على المطبوع، وأن بعض الكتب التي كان يُشار إليها بأنها من تأليفه ... وكتاب «سر الصلاة» فصل من «زاد المعاد» و «مسألة السماع»» اهـ المراد منه.

ولما بحثتُ ـ سريعًا ـ عن مظنة (الرسالة) في «زاد المعاد» لم أظفر بشيء! فاحتملتُ ـ والله أعلم ـ أنّ الشيخ ومَن معه ـ جزاهم الله خيرًا ـ قد حصلوا على نسخة خطية أخرى (أو أكثر) لـ «الزّاد» فيها تلك الرسالة كفصل من الكتاب؛ كما يفهم من كلامه السابق ـ رحمه الله تعالى ـ.

ولم يتيسّر لي مطالعة «مسألة السّماع»، وموازنة ما فيها بتلك (الرسالة) المطبوعة.

ومع كلّ هذا؛ فلا يفوتني أن أشكر المحقق؛ لقصده النفعَ ولإفادتي وغيري بتلك الرّسالة؛ فجزاه الله خيرًا.

وقد أعجبني العمل الحديثي للأخ أبي عبيدة الوليد ابن عبدالغني؛ فجزاه الله خيرًا.

ولكن لزم التنبيه على ما مرّ، والحمد لله رب العالمين.

وفقنا الله وإياكم لما يحب ويرضى.

والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.


حاشية سفلية

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير