تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بقي النظر في فقه الحديث، فإما أن يقال باختلاف المطالع أو الأقاليم أو بعد المسافة بين البلدان، كما ذكر ابن عبدالبر في مثل الأندلس وخراسان.

قال ابن تيمية في الاختيارات [ص 106] ((تختلف المطالع باتفاق أهل المعرفة بهذا. فإن اتفقت لزمه الصوم، وإلا فلا، وهو الأصح للشافعية وقول في مذهب أحمد)).

قال سمير: ذهب كثير من الحنابلة إلى توحيد الرؤية واختاره ابن قدامة والمرداوي وصاحب الروض وغيرهم، كما سيأتي نقله.

قال ابن قدامة في المغني [4/ 328] ((وإذا رأى الهلال أهل بلد لزم جميع البلاد الصوم. وهذا قول الليث وبعض أصحاب الشافعي.

وقال بعضهم: إن كان بين البلدين مسافة قريبة لا تختلف المطالع لأجلها، كبغداد والبصرة، لزم أهلهما الصوم برؤية الهلال في أحدهما.

وإن كان بينهما بُعْد، كالعراق والحجاز والشام، فلكل أهل بلد رؤيتهم)).

ثم استدل ابن قدامة على المذهب الذي اختاره بقوله تعالى ((فمن شهد منكم الشهر فليصمه)) وبغير ذلك، إلى أن قال ((ولأن البينة العادلة شهدت برؤية الهلال فيجب الصوم، كما لو تقاربت البلدان)) اهـ.وقال المرداوي في الإنصاف [3/ 273] [قوله ((وإذا رأى الهلال أهل بلد لزم الناس كلهم الصوم)). لا خلاف في لزوم الصوم على من رآه، وأما من لم يره، فإن كانت المطالع متفقة لزمهم الصوم أيضاً، قدَّمه في الفروع والفائق والرعاية. وهو من المفردات. وقال في الفائق: والرؤية ببلد تلزم المكلفين كافة.وقيل: تلزم من قارب مطلعهم، اختاره شيخنا – يعني به الشيخ تقي الدين - .. )).

وقال صاحب الروض المربع [ص 123] [((وإذا رآه أهل بلد)) أي: متى ثبتت رؤيته ببلد ((لزم الناس كلهم الصوم))، لقوله صلى الله عليه وسلم ((صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته))، وهو خطاب للأمة كافة .. ] اهـ.

وقال في شرح المنتهى [1/ 439] [((وإذا ثبتت رؤيته)) أي:هلال رمضان ((ببلد لزم الصوم جميع الناس)) لحديث ((صوموا لرؤيته))، وهو خطاب للأمة كافة، ولأن شهر رمضان ما بين الهلالين، وقد ثبت أن هذا اليوم منه في سائر الأحكام، كحلول دين ووقوع طلاق وعتق معلقين به ونحوه، فكذا حكم الصوم .. )) ا هـ.

ولشيخ الإسلام بحث نفيس في هذه المسألة، قال رحمه الله [قلت: أحمد اعتمد في الباب على حديث الأعرابي الذي شهد أنه أهل الهلال البارحة، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم الناس على هذه الرؤية، مع أنها كانت في غير البلد، وما يمكن أن تكون فوق مسافة القصر، ولم يستفصله، وهذا الاستدلال لا ينافي ما ذكره ابن عبدالبر، لكن ماحد ذلك؟].

قال سمير: مراد شيخ الإسلام أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسأل الأعرابي عن مكان بلده، وعليه فيمكن أن يكون الأعرابي الذي رأى الهلال، ببلد تبعد عن المدينة فوق مسافة القصر، فلما لم يستفصل النبي صلى الله عليه وسلم عن بلده، عرف أنه لا اعتبار بمسافة القصر في مسألة الرؤية، والقاعدة الأصولية تقول ((ترك الاستفصال ينزّل منزلة العموم في الأقوال)).

ثم قال ابن تيمية [والذين قالوا: لا تكون رؤية لجميعها، كأكثر أصحاب الشافعي، منهم من حدد ذلك بمسافة القصر، ومنهم من حدد ذلك بما تختلف فيه المطالع، كالحجاز مع الشام، والعراق مع خراسان، وكلاهما ضعيف، فإن مسافة القصر لا تعلق لها بالهلال. وأما الأقاليم فما حدُّ ذلك؟

ثم هذان خطأ من وجهين: أحدهما: أن الرؤية تختلف باختلاف التشريق والتغريب، فإنه متى رؤي في المشرق وجب أن يرى في المغرب، ولا ينعكس ... ]

إلى أن قال ابن تيمية [الوجه الثاني: أنه إذا اعتبرنا حداً، كمسافة القصر، أو الأقاليم، فكان رجل في آخر المسافة والإقليم فعليه أن يصوم ويفطر وينسك، وآخر بينه وبينه غلوة سهم لا يفعل شيئاً من ذلك، وهذا ليس من دين المسلمين.

والصواب في هذا – والله أعلم – ما دل عليه قوله ((صومكم يوم تصومون وفطركم يوم تفطرون وأضحاكم يوم تضحون)).

فإذا شهد شاهد ليلة الثلاثين من شعبان أنه رآه بمكان من الأمكنة قريب أو بعيد، وجب الصوم.

وكذلك إذا شهد بالرؤية نهار تلك الليلة إلى الغروب، فعليهم إمساك ما بقي، سواء كان من إقليم أو إقليمين.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير