تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

التبرك: هو طلب البركة؛ والتي هي كثرة الخير والزيادة، والمقصود بالتبرك بالأشجار هو التمسح بالشجرة أو زيارتها أو القيام بأي فعل مخصوص نحوها للاعتقاد أن فيها منفعة، أو أنها تدفع ضرًا، أو تجلب خيرا.

وهذا الفعل قادح في عقيدة المسلم لأن الله وحده هو الذي بيده النفع والضر وهو وحده عز وجل الذي يجلب الخير ويدفع الشر.

يقول الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ: "والنصوص في القرآن والسنة دلت على أن البركة من الله -جل وعلا- وأن الله -جل وعلا- هو الذي يبارك، وأن الخلق لا أحد يبارك أحدا وإنما هو -جل وعلا- الذي يبارك قال سبحانه: تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ يعني عظم خير من نزل الفرقان على عبده وكثر ودام وثبت تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وقال سب حانه: وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وقال: وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا.

فالذي يبارك هو الله -جل وعلا- لا يجوز للمخلوق أن يقول باركت على الشيء أو أبارك فعلكم؛ لأن لفظ البركة ومعنى البركة إنما هي من الله؛ لأن الخير كثرته ولزومه وثباته إنما هو من الذي بيده الأمر، والنصوص في الكتاب والسنة دلت على أن البركة التي أعطاها الله -جل وعلا- للأشياء إما أن تكون الأشياء هذه أمكنة أو أزمنة، و إما أن تكون تلك الأشياء من بني آدم يعني مخلوقات آدمية، أما الأمكنة والأزمنة فظاهر أن الله -جل وعلا- حين بارك بعض الأماكن كبيت الله الحرام، وكما بارك حول بيت المقدس الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ والأرض المباركة، ونحو ذلك أن معنى أنها مباركة أن يكون فيها الخير الكثير اللازم الدائم لها ليكون ذلك أشجع بأن يلازمها أهلها الذين دعوا إليها، وهذا لا يعني أن يتمسح بأرضها أو أن يتمسح بحيطانها، فهذه بركة لازمة لا تنتقل في الذات".

وأكد الشيخ في شرحه لكتاب التوحيد: أن "بركة الأماكن أو بركة الأرض ونحو ذلك هي بركة لا تنتقل بالذات يعني إذا لامست الأرض أو دفنت فيها أو تبركت بها فإن البركة لا تنتقل بالذات، وإنما الأرض المباركة من جهة المعنى كذلك بيت الله الحرام هو مبارك لا من جهة ذاته يعني أن يتمسح به فتنتقل البركة وإنما هو مبارك من جهة ذاته من جهة المعنى، يعني اجتمعت فيه البركة التي جعلها الله في هذه البنية من جهة تعلق القلوب بها وكثرة الخير الذي يكون لمن أرادها وأتاها وطاف بها وتعبد عندها حتى الحجر الأسود هو حجر مبارك، ولكن بركته لأجل العبادة يعني أنه من استلمه تعبدا مطيعا للنبي r في استلامه له وفي تقبيله فإنه يناله به بركة الاتباع، وقد قال عمر -رضي الله عنه- لما قبل الحجر: إني لأعلم أنك حجر لا تنفع ولا تضر.

قوله: لا تنفع ولا تضر يعني لا ينقل لأحد شيئا من النفع ولا يدفع عن أحد شيئا من الضر، ولولا أني رأيت رسول الله r يقبلك ما قبلتك هذا من جهة الأمكنة وأما الأزمنة فمعنى كون الزمان مباركا مثل شهر رمضان أو بعض أيام الله الفاضلة، يعني أن من تعبد فيها ورام الخير فيها فإنه يناله من كثرة الثواب ما لا يناله في غير ذلك الزمان.

والقسم الثاني: البركة المنوطة ببني آدم والبركة التي جعلها الله -جل وعلا- في الناس إنما هي بركة فيمن آمن؛ لأن البركة من الله -جل وعلا- وجعل بركته للمؤمنين به وسادة المؤمنين هم الأنبياء والرسل، والأنبياء والرسل بركتهم بركة ذاتية يعني أن أجسامهم مباركة فالله -جل وعلا- جعل جسد آدم مباركا وجعل جسد إبراهيم -عليه السلام- مباركا، وجعل جسد نوح مباركا، وهكذا جسد عيسى وموسى -عليهم جميعا الصلاة والسلام- جعل أجسادهم مباركة بمعنى أنه لو تبرك أحد من أقوامهم بأجسادهم، إما بالتمسح بها أو بأخذ عرقها أو بالتبرك ببعض الشعر فهذا جائز؛ لأن الله جعل أجسادهم مباركة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير