صفحة المياه لهذا الأسبوع التقت بالمشرف على مركز الأمير سلطان لأبحاث البيئة والمياه والصحراء بجامعة الملك سعود بالرياض، رئيس مشروع الملك فهد لحصد وخزن مياه الأمطار السيول بالسعودية، الدكتور عبد الملك بن عبد الرحمن آل الشيخ الذي أجاب على العديد من الاسئلة عبر حوار مع «الشرق الأوسط» حول برامج حصد وخزن الامطار، والى أي مرحلة وصلت في تنفيذها، وابرز النجاحات والخطط المستقبلية فإلى تفاصيل الحوار ...
ـ السعودية من الدول الشحيحة بالامطار، ومع ذلك لا يوجد استغلال أمثل لكميات الأمطار التي تهطل، ما هي الوسائل المثلى للاستفادة من تلك الأمطار من وجهة نظركم؟
ـ تتصف السعودية بظروف مناخية جافة، تتخللها بعض الفترات ذات الأمطار الغزيرة، التي تسيل على اثرها الأودية والشعاب، مما يحتم ضرورة الحد من فقدانها بالتبخر والاستفادة منها، ومن منطلق الحرص على هذه المياه، قام مركز الأمير سلطان لأبحاث البيئة والمياه والصحراء بجامعة الملك سعود بدراسة العديد من الوسائل التي تتيح إمكانية الاستفادة من مياه الأمطار.
وقد باشر المركز تجاربه في هذا المجال بتنفيذ وسيلتين من تقنيات حصد وخزن مياه الأمطار، والسيول تتمثل في:
1ـ إنشاء غدران اصطناعية بحيث يتم تحويل جزء من مياه الأمطار في أوقات توفر مياه الجريان السطحي نحو الغدير لتملأها وتصبح موردا للمياه مع توفير بيئة نباتية تحيط بهذه الحفائر لتخفيف تأثير الظروف المناخية القاسية وللرعي والترفيه.
2ـ والاتجاه الآخر هو محاولة الاستفادة من المياه المحتجزة خلف السدود بحقنها من خلال آبار تغذية اصطناعية تحفر في بحيرة السد بمواصفات مناسبة لعملية التخزين مما يحد من تبخرها ويرفع مستوى الماء في آبار المناطق الزراعية المجاورة.
ـ على ضوء نشاطكم الملحوظ في تبني وتطبيق برامج حصد وخزن الأمطار بالسعودية، هل لكم أن تعطونا نبذة عن تلك البرامج؟ وما هي الصعوبات التي واجهتكم لدى تطبيق هذه البرامج بالسعودية؟ وما المراحل التي مر بها تطبيق هذه البرامج حتى هذه اللحظة؟
ـ برامج حصد وخزن مياه الأمطار والسيول التي ينفذها المركز شملت مرحلتي: الأولى تجريبية، والثانية تعميم تنفيذ المشروع في مناطق المملكة المختلفة، وذلك باستخدام أسلوبين رئيسيين من أساليب حصد وخزن مياه الأمطار والسيول، هما إنشاء غدران اصطناعية يتم فيها تحويل جزء من مياه السيول المتدفقة في الأودية نتيجة هطول الأمطار نحو الغدران. وحفر آبار التغذية الاصطناعية في أحواض السدود ومجاري الأودية لتغذية الطبقات الجوفية بمياه الأمطار والسيول.
وضمن المرحلة التجريبية تم اختيار المواقع المناسبة لتنفيذ غديرين في ضرما وعشيرة سدير، وأربعة مواقع لخزن المياه خلف السدود في العلب وحريملاء والمزيرعة والحريق وتم حتى الآن الانتهاء من الغدير الاصطناعي الأول وهو غدير ضرما وباشرنا العمل في الغدير الثاني في عشيرة سدير. كما تم إنجاز مشروع حفر آبار التغذية الاصطناعية في كل من سد العلب وسد حريملاء وسد المزيرعة ويجري العمل حاليا في إنجاز آبار سد الحريق.
وقد واجهتنا في البداية بعض الصعوبات تمثلت في توضيح جدوى هذه الأساليب ومردودها لأهالي المناطق التي ستقام فيها، إلا أن تنفيذ كافة هذه المشاريع مر بدون صعوبات تذكر.
ـ برامج حصد وخزن مياه الأمطار مطبقة في دول عربية، ما مدى استفادة تلك الدول من هذه البرامج؟ وما هي التجارب الدولية في هذا المجال وما هي التعديلات التي أجريت لتتناسب مع طبيعة السعودية؟
ـ من التجارب العربية الرائدة في مجال حصد وخزن مياه الأمطار التجربتان السورية والتونسية. وقد قام وفد من المركز بزيارة هاتين الدولتين واطلع على الأساليب المتبعة فيهما، ففي سوريا تقوم مديرية الري العامة لحوض البادية بالإشراف وتنفيذ مهام وزارة الري من خلال حصر الموارد المائية السطحية والجوفية ووضع الخطط مع الجهات الأخرى لترشيد واستثمار هذه الموارد وتنميتها وحمايتها من التلوث والاستنزاف. تشكل البادية حوالي 55% من مساحتها وتتميز بمناخ جاف ويسود في المنطقة مظاهر التصحر. تبلغ مساحة حوض البادية التي تشرف عليه المديرية 70787 كيلومترا مربعا وقد صممت ونفذت المديرية عدة أساليب وطرق لحصاد مياه الأمطار في البادية مثل:
ـ السدود: أنشأت المديرية 37 سدا ترابيا على مجاري الأودية بهدف الري وسقاية المواشي وتغذية المياه الجوفية.
ـ الحفائر التخزينية: وهو أسلوب يهدف إلى جمع أكبر كمية من مياه الأمطار في خزانات ترابية محفورة بميول مناسبة ومبطنة بالطين لها أعماق تصل إلى 9 أمتار، وذلك لتخفيف البخر وتقليل التسرب وسهولة استخدامها من قبل أبناء البادية. وقد وصل عدد هذه الحفر إلى أكثر من 150 حفرة تتجاوز سعتها التخزينية 10 ملايين متر مكعب.
ـ سدات نشر المياه: وهو أسلوب حديث نسبيا لتحسين الغطاء النباتي وتقليل جرف التربة وتشجيع النباتات الرعوية وزيادة مساحة الغمر لرفع مستوى رطوبة التربة، وتمثل حواجز اسمنتية أو حجرية تقام على الوديان العريضة. وقد نفذت 7 مشاريع من السدات في مناطق مختلفة من البادية.
وقد أكد الخبراء في سوريا نجاح هذه الأساليب وتحقيقها للهدف الذي أقيمت لأجله.
أما التجربة التونسية فتتمثل في العديد من الأساليب التي ثبت نجاحها وأهمها:
ـ التغذية من خلال السدود: يصل مجموع السدود في تونس إلى 22 سداً، بسعة تخزين تصل إلى 1800 مليون متر مكعب. ومعظم السدود وخصوصًا الكبيرة منها من النوع الركامي (ذو التكلفة الأقل مقارنة بالخرساني).
وقد أنشأت لأغراض الري والتغذية وحماية المدن من الفيضانات. كما يوجد ما يسمى بالسدود والبحيرات الجبلية حيث يوجد أكثر من 130 سدا جبليا تستوعب أكثر من 200 مليون متر مكعب. ويعد الهدف الأساسي من السدود الجبلية تغذية الخزانات الجوفية.
ـ التغذية من خلال الآبار: تقوم التجربة التونسية على استغلال الآبار غير المستعملة والآبار الجافة في تغذية الخزانات الجوفية.
ـ التغذية من خلال حفر التنقيب: تمثل حفر التنقيب الحفر التي تترك بعد استغلالها. ـ
¥