وفي اسكوتلندا, أنزل الى البحر في شباط (فبراير) الماضي أول مولِّد تجاري للطاقة من الأمواج, أنتجته شركة "أوشن باور ديليفري" في إدنبره. وهو بطول 120 متراً وعرض 3,5 أمتار, وبقدرة 750 كيلوواط ساعي. هذا "المحوِّل البحري" قادر على إنتاج 2,7 جيغاواط (الجيغاواط 1000 كيلوواط) في السنة, ما يماثل إنتاجية توربينة رياح أرضية بقدرة ميغاواط واحد. ويؤكد علماء أن 20 - 25 في المئة من كهرباء بريطانيا يمكن إنتاجها بطاقة الأمواج, التي قدَّر مجلس الطاقة العالمي سوقها الدولية بأكثر من 900 بليون دولار. وكذلك يتم تصميم واختبار تكنولوجيات ثورية لانتاج كهرباء من تيارات المد والجزر, باعتبارها مصدراً قوياً ومضموناً للطاقة المتجددة. وهي, في اسكوتلندا وحدها, قادرة على تأمين الكهرباء لنحو 15 مليون نسمة.
وتزداد الأنظمة الحكومية على الصعيد العالمي اخضراراً. اذ وضع الاتحاد الأوروبي هدفاً لانتاج 22 في المئة من كهربائه و12 في المئة من كل طاقته من مصادر متجددة بحلول سنة 2010, كما أصدر تعميماً يسري مفعوله في نهاية 2005, يقضي بأن يعرض بناؤو ومالكو وبائعو المنازل شهادة تبين مدى الاقتصاد بالطاقة في المبنى. حتى رئيس الولايات المتحدة جورج بوش, الذي تستهلك بلاده 25 في المئة من نفط العالم, أشار الى الكلفة العالية للاعتماد على النفط. وأعلن البيت الأبيض في شباط (فبراير) 2003 مبادرة برصد 1,2 بليون دولار خلال السنوات الخمس المقبلة لتطوير تكنولوجيا خلايا الوقود الهيدروجيني.
وفي المؤتمر الدولي للطاقة المتجددة Renewables 2004 الذي عقد في مدينة بون الالمانية في حزيران (يونيو) 2004, تعهدت ألمانيا تقديم قروض ذات فائدة منخفضة بقيمة 500 مليون يورو خلال السنوات الخمس المقبلة لتنفيذ مشاريع للطاقة المتجددة في بلدان نامية. والتزم البنك الدولي زيادة قروضه لمشاريع الطاقة المتجددة بنسبة 20 في المئة على الأقل سنوياً خلال السنوات الخمس المقبلة.
لكن السؤال الكبير للمستثمرين هو: متى تصبح الطاقة البديلة مناسبة من حيث الكلفة؟ يقول سيمون بيكر مدير صندوق البيئة في مجموعة جوبيتر انترناشونال في لندن المتفرعة عن "كومرس بنك": "العالم لا يشتري فكرة خضراء إلا اذا كانت كلفتها مساوية للأفكار الأخرى".
أسعار غير واقعية
في الأسابيع الماضية, ارتفعت أسعار النفط الى مستويات قياسية تجاوزت 52 دولاراً للبرميل, فكبدت الدول المستوردة نفقات أعلى وأثارت مخاوف من صدمة اقتصادية عالمية, قبل أن تنخفض الى حدود 42 دولاراً. الصدمات التي أحدثتها أسعار النفط في سبعينات القرن الماضي دفعت الحكومات الى دعم البحوث حول أشكال بديلة للطاقة. لكن هذا الاندفاع تلاشى في الثمانينات عندما أصبح النفط رخيص الثمن من جديد. والأسعار الحالية في واقعها لا تتجاوز نصف المستوى الذي بلغه الخام العربي عام 1980 عندما بدأت الحرب الايرانية - العراقية.
إنفاق الدول الصناعية على بحوث الطاقة اتبع منحى النفط, مسجلاً أعلى ارتفاع عام 1981 عندما بلغ 16 بليون دولار, وهابطاً الى تسعة بلايين دولار بحلول 1987. وأورد تقرير لوزارة الطاقة الأميركية لسنة 2001 أن النظام الطاقوي العالمي يعتمد على الوقود الاحفوري بنسبة 86 في المئة (النفط 38,8 في المئة, الغاز الطبيعي 23,2 في المئة, الفحم 23,9 في المئة) , والطاقة النووية تشكل 6,6 في المئة, والطاقة الكهرمائية 6,7 في المئة, ولا يتعدى دور مصادر الطاقة المتجددة الأخرى (الشمس والرياح والخشب وغيرها) 0,8 في المئة. وتنتج المصادر المتجددة, بما فيها المائية, 19 في المئة من كهرباء العالم, وفق تقرير الوكالة الدولية للطاقة لسنة 2004.
وتتطلع بلدان الاتحاد الاوروبي في شكل متزايد الى طاقة الرياح والطاقة النووية لايفاء التزاماتها بخفض انبعاثات غازات الدفيئة وفق بروتوكول كيوتو. لكن خبراء يقولون ان كثيراً من الانفاق الحكومي على البحوث ما زال منصباً على الانشطار النووي وعلى خلايا الوقود الهيدروجيني, التي قد تحتاج الى عقود قبل ترسيخ جدواها الاقتصادية. ويرى البعض أن للديزل الحيوي, المصنوع من زيوت نباتية أو ايثانول, أفضل فرص النجاح في الاقتصادات المعتمدة على النفط المستورد, لكن هذا "الوقود الأخضر" ما زال أغلى ثمناً من النفط بنحو 50 في المئة.
¥