إذًا لا ننظر إلى دوران الفلك مقارَنا مع نزول الرب - سبحانه وتعالى -، نقول: الرب – تبارك وتعالى – ينزل كيف شاء، متى شاء، إذا شاء، أما لا تقسه بنزولك، ولا تقسه باختلاف الوقت؛ لأن هذا أمر ينزه الله عنه؛ فالله – تعالى - لا يشبه أحدا من خلقه، لا في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله – سبحانه وتعالى –.
ـ[أشرف السلفي]ــــــــ[11 - 01 - 09, 06:35 م]ـ
ـ[أشرف السلفي]ــــــــ[11 - 01 - 09, 06:39 م]ـ
الْمَتْنُ
وأما ما أحدث بعد الصحابة من العلوم التي توسع فيها أهلها وسموها علوما وظنوا أن من لم يكن عالماً بها فهو جاهل، أو ضال؛ فكلها بدعة وهي من محدثات الأمور المنهي عنها؛ فمن ذلك ما أحدثته المعتزلة من الكلام في القدر وضرب الأمثال للَّه، وقد ورد النهي عن الخوض في القدر، وفي صحيحي ابن حبان والحاكم عن ابن عباس مرفوعاً (لا يزال أمر هذه الأمة موافيا ومقاربا ما لم يتكلموا في الولدان والقدر) (61) وقد روي موقوفا (*)، ورجح بعضهم وقفه.
وخرج البيهقي من حديث ابن مسعود مرفوعاً (إذا ذكر أصحابي فأمسكوا وإذا ذكر النجوم فأمسكوا) (62) وقد روي من وجوه متعددة في أسانيدها مقال.
وروي عن ابن عباس أنه قال لميمون بن مهران: إياك والنظر في النجوم؛ فإنها تدعو إلى الكهانة، وإياك والقدر؛ فإنه يدعو إلى الزندقة، وإياك وشتم أحد من أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم ف-؛ َيُكِبَّكَ اللَه في النار على وجهك (63).
وخرجه أبو نعيم مرفوعاً، ولا يصح رفعه.
والنهي عن الخوض في القدر يكون على وجوه:
منها ضرب كتاب اللَه بعضه ببعض؛ فينزع المثبت للقدر بآية والنافي له بأخرى، ويقع التجادل في ذلك.
وهذا قد روي أنه وقع في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - غضب من ذلك، ونهى عنه، وهذا من جملة الاختلاف في القرآن والمراء فيه، وقد نهي عن ذلك.
ومنها الخوض في القدر إثباتاً ونفياً بالأقيسة العقلية؛ كقول القدرية: لو قدر وقضى ثم عذب؛ كان ظالماً.
وقول من خالفهم: إن اللَه جبر العبادَ على أفعالهم، ونحو ذلك.
ومنها الخوض في سر القدر؛ وقد ورد النهي عنه عن علي (64) وغيره من السلف؛ فإن العباد لا يطلعون على حقيقة ذلك.
الشَّرْحُ
بدأ - الآن - في بعض العلوم الضارة ضررا محضا؛ فهناك أمور أحدثت: مثل علم المنطق، ومثل الخوض في القدر، ومثل الجدل الذي لا طائل تحته، وتشقيق المسائل بغير طائل مما يوقع الناس في الحيرة والحرج؛ فهذه علوم مبتدَعة، لا تنفع المسلمين بشيء أبتة، بل هي ضرر محض؛ فالخوض في علم النجوم – إذا خرج عن علم التسيير – فهو علم باطل، أدى بالبعض إلى أن يقع في السحر، والكهانة، وما وقع فيه الرازي وكتابه (السر المكتوم) (65) وربط تلك الأمور بالنجوم؛ هذا في غاية من الشرك والكفر، ويبدو – والله أعلم – أنه – رحمه الله – رجع عن هذه الأمور، كما تدل عليه بعض عباراته (66).
فالخوض في علم النجوم – إذا خرج عن ما إذن الشرع فيه من كونه علامات، ورجوما للشياطين، وزينة للسماء، وعلامات على فصول العام، وعلى الزراعة، وما إلى ذلك؛ إذا خرجت الأمور عن هذا؛ فإنها تصبح علوما ضارة، لا سيما إن وصل الأمر إلى اعتقاد علاقة الكواكب والنجوم بهلاك الكون، أو حياة زيد، أو موت عمرو؛ فلا شك أن هذا من الشرك الذي نهى الله عنه.
ومن تلك الأمور: الخوض في شأن ما جرى بين الصحابة (67)؛ حيث إن السلف كانوا يكفون عما جرى بينهم، ويذكرونهم بالجميل (68)، ويحبونهم، ويوالونهم، ويترضون عنهم، ويعقدون عدالتهم جميعا، يعتقدون أنهم جميعا عدول (69)، وأنهم أفضل هذه الأمة بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم – سواء كان الخلفاء الراشدين، أو بقية العشرة، أو أهل بدر، أو المهاجرين، أو الأنصار، أو من أسلم من بعد الفتح.
وكل من رأى النبي – صلى الله عليه وسلم – مسلما، ومات على ذلك، ولو تخللت ذلك ردة في أصح أقوال أهل العلم (70).
فيجب أن لا يذكروا إلا بالجميل، كما يجب الكف عما شجر بينهم.
¥