سئل عمر بن عبد العزيز – رحمه الله – عما بين الصحابة، كما جرى بين علي ومعاوية – رضي الله عنهما - وما بين علي وأهل الجمل؛ فقال: أولئك قوم طهر أيدينا من دمائهم؛ فلنطهر ألسناتنا من أعراضهم، أو كما قال – رحمه الله تعالى - (71).
واقرأوا في هذا الباب كتاب (العواصم من القواصم) (72) لابن العربي القرطبي الإشبيلي المعافري أبي بكر صاحب كتاب (عارضة الأحوذي) وكتاب (أحكام القرآن) وكتاب (العواصم من القواصم) وغيرها.
فعلينا أن لا نخوض فيما جرى بينهم.
تجرأ بعض الناس على الكلام في الصحابة، ليس من الرافضة فحسب، والخوارج الذين يسبون الصحابة، بل من المنتسبين إلى أهل السنة؛ وبخاصة معاوية – رضي الله عنه – أرسل إليّ من إحدى البلاد الإسلامية، أو من إحدى الجامعات الإسلايمة رجلٌ بحثا يريد أن أقومه له، وينشر في مجلة الجامعة الإسلامية بعنوان (خدعة التحكيم) والتحكيم نسج حوله الرافضة، والكذابون من المؤرخين من الأراجيف ما لا يمكن حصره، ومن أراد التحقيق، والوقوف على حقيقة المسألة؛ فليقرأ كتابا (73) قام بجمعه أخونا الدكتور محمد بن عبد الله الغَبَّان وكيل كلية الدعوة وأصول الدين في الجامعة الإسلامية – سابقا – وهو في قسم التاريخ، بالجامعة الإسلامية، عن قصة عثمان، ثم لعله تعرض – أيضا – إلى قضية التحكيم في عهد علي – رضي الله عنه –.
هذا الرجل أرسل إليّ من إحدى البلاد الإسلامية - العنوان (خدعة التحكيم) ماذا تحت العنوان؟ لا يوجد فيه إلا سب معاوية – رضي الله عنه –، وعمرو بن العاص – رضي الله عنه – هذا كل ما خرج من التحكيم؛ لأنه صدّق الفرية التي تقول: إن عمرا قال: (إني أخلع عليا، وأثَبِّتُ معاوية). وهذا كذب، لم يقل هذا عمرو بن العاص، وليس هذا من حقيقة التاريخ، بل من أكاذيب التاريخ، من أكاذيب الكلبي، والواقدي، وغيرهم.
ومن أكاذيب صاحب (مروج الذهب) المسعودي و (تاريخ اليعقوبي) لأنها رافضيان؛ المسعودي واليعقوبي = رافضيان؛ فالتاريخ لا نأخذه من أي شخص؛ وإنما يعني يحقق في بعض القصص التي تروى، فانظر إلى هذا المسكين، يسب الصحابة، ويريد أن ننشره له في الجامعة الإسلامية! في مجلة الجامعة! طيب هذا دكتور أستاذ مشارك، أو لعله وكيل كلية في بلد ما:
أين عقله؟
أين علمه؟
ستر الصحابة من؟ الذي قال عنه أيوب السختياني (74): إنه ستر الصحابة؛ من هو؟ معاوية! فمن تكلم في معاوية فقد خرق هذا الستر - رضي الله وأرضاه، وأخزى الله من أبغضه وقلاه - معاوية خال المؤمنين، وكاتب الوحي لرسول – صلى الله عليه وسلم -؛ فانتبهوا لهذه المسألة.
كذلك من العلوم الفاسدة: الخوض في القدر؛ سواء بضرب الآيات بعضها ببعض - نفيا أو إثباتا -، أو الكلام على إنكاره بالعقل المجرد، أو إثباته – كذلك -، أو الكلام في سر القدر.
أما الأول: وهو الخوض في الآيات بغير علم، وضرب بعضها في بعض؛ فإن القدرية تمسكوا بالآيات التي فيها إثبات مشيئة العبد؛ فجعلوا له مشيئة مطلقة ثابتة تعارض مشيئة الله – تعالى -، وزعموا أن العبد هو الخالق لفعله، وفهموا من قول الله – تعالى – ? وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ ?] النساء: 79 [أن قوله (من نفسك) = فهموا من هذا أن العبد هو الخالق لفعله، ورتبوا على هذا نفي القدر.
وهؤلاء القدرية مجوس هذه الأمة كما سماهم النبي – صلى الله عليه وسلم – ونهي عن زيارتهم، إذا مرضوا فلا تعودهم، وإذا ماتوا فلا تتبعوا جنائزهم (75).
ووجه الشبه بينهم وبين المجوس = أن كلا من المجوس والقدرية أثبتوا خالقين، أثبتوا خالقين؛ فقد أثبتت المجوس النور إلها، النور خالق الخير، والظلام خالق الشر.
وقالت القدرية: الله خالق للعبد، والعبد خالق لفعله.
فتمسكت القدرية بقوله (فمن نفسك).
عاكستهم الجبرية؛ فتمسكوا بقول الله – تعالى – ? قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ?] النساء: 78 [لكن ليس تمسك أهل السنة، وإنما رتبوا على ذلك أن العبد مجبور على فعله، رتبوا على ذلك أن العبد مجبور على فعله؛ فهو كالغصن في مهب الريح؛ حيث ما تميّله يميل.
وزعموا أنه ما دام مجبورا على فعله؛ فإنه غير مؤاخذ بما يفعل.
¥