تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والسلف خير مثال لذلك؛ فمن زعم أن المتأخرين أفقه من السلف نظرا لكثرة كلامهم؛ فقد أعظم على الله الفرية؛ إذ أن هذا ليس مقياسا، وإنما المقياس ما دل عليه الدليل من كتاب رب العالمين:

العلم قال الله قال رسوله // قال الصحابة ليس بالتمويه

أما من يجعجع ويطحن كطحن القرون؛ ثم في النهاية لا توجد نتيجة ملموسة؛ فإن هذا من أخطر الأمور على الناشئة، ولا سيما إذا تلقف هذا الكلام عن أولئك المنظِّرين الذين يكتبون بالصفحات، ويتكلمون بالأشرطة الكثيرة، يشققون عبارة من العبارات حتى فتنوا الأمة، وشغلوها بما لا يفيدها؛ فعلينا أن ندرس سيرة السلف في هذه المسألة، وأن نتأمل ما قالوه، وأن نسير على منوالهم في ذلك؛ حتى نصل إلى بر النجاة – بإذن الله – سبحانه وتعالى -.

الْمَتْنُ

وقد شهد النبي - صلى الله عليه وسلم - لأهل اليمن بالإيمان والفقه (134)؛ وأهل اليمن أقل الناس كلاماً وتوسعاً في العلوم، لكن علمهم علم نافع في قلوبهم، ويعبرون بألسنتهم عن القدر المحتاج إليه من ذلك؛ وهذا هو الفقه والعلم النافع؛ فأفضل العلوم في تفسير القرآن، ومعاني الحديث، والكلام في الحلال والحرام ما كان مأثوراً عن الصحابة والتابعين وتابعيهم إلى أن ينتهي إلى زمن أئمة الإسلام المشهورين المقتدى بهم الذين سميناهم فيما سبق؛ فضبط ما روي عنه في ذلك = أفضل العلوم مع تفهمه وتعقله والتفقه فيه وما حدث بعدهم من التوسع لا خير في كثير منه، إلا أن يكون شرحاً لكلام يتعلق بكلامهم وأما ما كان مخالفاً لكلامهم = فأكثره باطل، أو لا منفعة فيه، وفي كلامهم في ذلك كفاية وزيادة؛ فلا يوجد في كلام من بعدهم من حق إلا وهو في كلامهم موجود بأوجز لفظ وأخصر عبارة، ولا يوجد في كلام من بعدهم من باطل إلا وفي كلامهم ما يبين بطلانه لمن فهمه وتأمله.

ويوجد في كلامهم من المعاني البديعة والمآخذ الدقيقة مالا يهتدى إليه من بعدهم ولا يلم به.

الشَّرْحُ

ما زال المصنف يبين أن كلام السلف قليل في مبناه عظيم في معناه، وكلام الخلف كثير في مبناه، وقليلة فوائده، ليبين ما تقدم من القاعدة وهو أن كثرة الكلام ليست دليلا على أن صاحب الكلام الكثير = هو الذي على الحق، وإنما - في الغالب – صاحب كلام الحق يزن كلامه، فلا ينطق إلا بكلام قليل مفيد للأمة، ولا يكثر من الهذرمة والثرثرة التي تخرج حتى عن المالوف، وإنما كان الصحابة والتابعون فمن بعدهم كانوا أقل الناس كلاما، وهم أعمقهم علما، وأقلهم تكلفا؛ لذلك لابد من البعد عن كثرة الشقشقة التي لا طائل تحتها، فكلام السلف قليل كثير البركة، وكلام من جاء بعدهم = كثير قليل البركة (135)، يستثنى من هذا ما كان شرحا لكلام السلف، وتوضيحا، وتفريعا مفيدا للأمة، كما ستجدون بعض الشروح على بعض المتون للأمة، أو لأئمة أهل الدين، وأما الخلط وكثرة إيراد العبارات المترادفة، والإنشاءات التي ملئت بها بطون الكتب في هذه الأزمنة = فإن ذلك قد شغل الأمة، مثل ثرثرة الصحف، كثير من كلامها مكرر لا خير فيه، والبعض من أصحاب التوجهات الفاسدة الحزبية = يردد كلاما هو هو بأساليب كثيرة، يفتن بها ضعاف الإيمان؛ فيتبعونه مع أن كلامه الذي قاله في قالب هذا اليوم = هو نفس الكلام الأول الذي قاله في قالب آخر فيما مضى، وإنما هو ينوع العبارة ويشققها حتى يسمعه الناس؛ فيلتفون حوله.

وهذا ليس دليلا على أن من كثر أتباعه هو الذي على حق، بل الله – عز وجل – يقول ? وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ?] الأنعام: 116 [.

ـ[أشرف السلفي]ــــــــ[11 - 01 - 09, 06:50 م]ـ

الْمَتْنُ

فمن لم يأخذ العلم من كلامهم = فاته ذلك الخير كلُّه، مع ما يقع في كثير من الباطل متابعة لمن تأخر عنهم، ويحتاج من أراد جمع كلامهم إلى معرفة صحيحه من سقيمه وذلك بمعرفة الجرح والتعديل والعلل؛ فمن لم يعرف ذلك = فهو غير واثق بما ينقله من ذلك، ويلتبس عليه حقه بباطله، ولا يثق بما عنده من ذلك؛ كما يرى من قل علمه بذلك = لا يثق بما يروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا عن السلف لجهله بصحيحه من سقيمه؛ فهو لجهله يُجوِّز أن يكون كله باطلا؛ لعدم معرفته بما يعرف به صحيح ذلك وسقيمه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير