تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وذكر الطبري عن بعضهم أنه قال ذات بينكم الحال التي لبينكم كما ذات العشاء الساعة التي فيها العشاء قال القاضي أبو محمد ورجحه الطبري وهو قول بين الانتقاض وقال الزجاج البين ها هنا الوصل ومثله قوله عز وجل لقد تقطع بينكم، قال القاضي أبو محمد وفي هذا كله نظر وقوله وأطيعوا الله ورسوله لفظ عام وسببه الأمر بالوقوف عندما ينفذه رسول الله ? في الغنائم وقوله: ? إن كنتم مؤمنين ? أي كاملي الإيمان كما تقول لرجل إن كنت رجلا فافعل كذا أي إن كنت كامل الرجولة وجواب الشرط في قوله المتقدم وأطيعوا هذا عند سيبويه ومذهب أبي العباس أن الجواب محذوف متأخر يدل عليه المتقدم تقديره إن كنتم مؤمنين أطيعوا ومذهبه في هذا أن لا يتقدم الجواب الشرط " ().

قال أبو السعود: ? وأصلحوا ذات بينكم ? جعل ما بينهم من الحال لملابستها التامة لبينهم صاحبة له كما جعلت الأمور المضمرة في الصدور ذات الصدور أي أصلحوا ما بينكم من الأحوال بالمواساة والمساعدة فيما رزقكم الله تعالى وتفضل به عليكم وعن عبادة بن الصامت نزلت فينا معشر أصحاب بدر حين اختلفنا في النفل وساءت فيه أخلافنا فنزعه الله تعالى من أيدينا فجعله لرسوله فقسمه بين المسلمين على السواء وكان في ذلك تقوى الله وطاعة رسوله وإصلاح ذات البين وعن عطاء كان الإصلاح بينهم أن دعاهم وقال اقسموا غنائمكم بالعدل فقالوا قد أكلنا وأنفقنا فقال ليرد بعضكم على بعض وأطيعوا الله ورسوله بتسليم أمره ونهيه وتوسيط الأمر بإصلاح ذات البين بين الأمر بالتقوى والأمر بالطاعة لإظهار كمال العناية بالإصلاح بحسب المقام وليندرج الأمر به بعينه تحت الأمر بالطاعة إن كنتم مؤمنين متعلق بالأوامر الثلاثة والجواب محذوف ثقة بدلالة المذكور عليه أو هو الجواب على الخلاف المشهور وأيا ما كان فالمقصود تحقيق المعلق بناء على تحقق المعلق به وفيه تنشيط للمخاطبين وحث لهم على المسارعة إلى الامتثال والمراد بالإيمان كماله أي إن كنتم كاملي الإيمان فإن كمال الإيمان يدور على هذه الخصال الثلاث طاعة الأوامر واتقاء المعاصي وإصلاح ذات البين بالعدل والإحسان " ().

قال الرازي: " في قوله وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ أي وأصلحوا ذات بينكم من الأقوال ولما كانت الأقوال واقعة في البين قيل لها ذات البين كما أن الأسرار لما كانت مضمرة في الصدور قيل لها ذات الصدور ثم قال وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ والمعنى أنه تعالى نهاهم عن مخالفة حكم الرسول بقوله فَاتَّقُواْ اللَّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ ثم أكد ذلك بأن أمرهم بطاعة الرسول بقوله وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ثم بالغ في هذا التأكيد فقال إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ والمراد أن الإيمان الذي دعاكم الرسول إليه ورغبتم فيه لا يتم حصوله إلا بالتزام هذه الطاعة فاحذروا الخروج عنها واحتج من قال ترك الطاعة يوجب زوال الإيمان بهذه الآية وتقريره أن المعلق بكلمة إن على الشيء عدم عند عدم ذلك الشيء وههنا الإيمان معلق على الطاعة بكلمة ءانٍ فيلزم عدم الإيمان عند عدم الطاعة وتمام هذه المسألة مذكور في قوله تعالى إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَائِرَ مَا تُنهَوْنَ عَنْهُ النساء والله أعلم " ().

قال القرطبي: " قوله تعالى أو إصلاح بين الناس عام في الدماء والأموال والأعراض وفي كل شيء يقع التداعي والاختلاف فيه بين المسلمين وفي كل كلام يراد به وجه الله تعالى وفي الخبر كلام ابن آدم كله عليه لا له إلا ما كان من أمر بمعروف أو نهي عن منكر أو ذكر لله تعالى فأما من طلب الرياء والترؤس فلا ينال الثواب وكتب عمر إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنه رد الخصوم حتى يصطلحوا فإن فصل القضاء يورث بينهم الضغائن " ().

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير