تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

قال الرازي: " الصلح إنما يحصل في شيء يكون حقاً له وحق المرأة على الزوج إما المهر أو النفقة أو القسم فهذه الثلاثة هي التي تقدر المرأة على طلبها من الزوج شاء أم أبى أما الوطء فليس كذلك لأن الزوج لا يجبر على الوطء إذا عرفت هذا فنقول هذا الصلح عبارة عما إذا بذلت المرأة كل الصداق أو بعضه للزوج أو أسقطت عنه مؤنة النفقة أو أسقطت عنه القسم وكان غرضها من ذلك أن لا يطلقها زوجها فإذا وقعت المصالحة على ذلك كان جائزاً ثم قال تعالى وَالصُّلْحُ خَيْرٌ الصلح مفرد دخل فيه حرف التعريف والمفرد الذي دخل فيه حرف التعريف هل يفيد العموم أم لا والذي نصرناه في أصول الفقه أنه لا يفيده وذكرنا الدلائل الكثيرة فيه وأما إذا قلنا إنه يفيد العموم فهاهنا بحث وهو أنه إذا حصل هناك معهود سابق فحمله على العموم أولى أم على المعهود السابق الأصح أن حمله على المعهود السابق أولى وذلك لأنا إنما حملناه على الاستغراق ضرورة أنا لو لم نقل ذلك لصار مجملاً ويخرج عن الإفادة فإذا حصل هناك معهود سابق اندفع هذا المحذور فوجب حمله عليه إذا عرفت هذه المقدمة فنقول من الناس من حمل قوله وَالصُّلْحُ خَيْرٌ على الاستغراق ومنهم من حمله على المعهود السابق يعني الصلح بين الزوجين خير من الفرقة والأولون تمسكوا به في مسألة أن الصلح على الإنكار جائز كما هو قول أبي حنيفة وأما نحن فقد بينا أن حمل هذا اللفظ على المعهود السابق أولى فاندفع استدلالهم .. قال تعالى وَإِن تُصْلِحُواْ بالعدل في القسم وَتَتَّقُواْ الجور فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً ما حصل في القلب من الميل إلى بعضهن دون البعض وقيل المعنى وإن تصلحوا ما مضى من ميلكم وتتداركوه بالتوبة وتتقوا في المستقبل عن مثله غفر الله لكم ذلك وهذا الوجه أولى لأن التفاوت في الميل القلبي لما كان خارجاً عن الوسع لم يكن فيه حاجة إلى المغفرة " ().

قال القرطبي: " السابعة قوله تعالى فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم أمر بالتقوى والإصلاح أي كونوا مجتمعين على أمر الله في الدعاء اللهم أصلح ذات البين أي الحال التي يقع بها الاجتماع فدل هذا على التصريح بأنه شجر بينهم اختلاف أو مالت النفوس إلى التشاح كما هو منصوص في الحديث وتقدم معنى التقوى أي اتقوا الله في أقوالكم وأفعالكم وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله في الغنائم ونحوها إن كنتم مؤمنين أي إن سبيل المؤمن أن يمتثل ما ذكرنا " ().

قال الرازي: المسألة الثامنة قوله وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا أي شقاقا بين الزوجين ثم إنه وإن لم يجر ذكرهما إلا أنه جرى ذكر ما يدل عليهما وهو الرجال والنساء ثم قال تعالى إِن يُرِيدَا إِصْلَاحاً يُوَفّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا وفيه مسألتان المسألة الأولى في قوله إِن يُرِيدَا وجوه الأول إن يرد الحكمان خيرا وإصلاحا يوفق الله بين الحكمين حتى يتفقا على ما هو خير الثاني أن يرد الحكمان إصلاحاً يوفق الله بين الزوجين الثالث إن يرد الزوجان إصلاحا يوفق الله بين الزوجين الرابع إن يرد الزوجان إصلاحا يوفق الله بين الحكمين حتى يعملا بالصلاح ولا شك أن اللفظ محتمل لكل هذه الوجوه، المسألة الثانية أصل التوفيق الموافقة وهي المساواة في أمر من الأمور فالتوفيق اللطف الذي يتفق عنده فعل الطاعة والآية دالة على أنه لا يتم شيء من الأغراض والمقاصد إلا بتوفيق الله تعالى والمعنى أنه إن كانت نية الحكمين إصلاح ذات البين يوفق الله بين الزوجين ثم قال تعالى إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً والمراد منه الوعيد للزوجين وللحكمين في سلوك ما يخالف طريق الحق " ().

قال الرازي في قوله تعالى: " َأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فيه مسائل: المسألة الأولى هذا المصلح من هو الظاهر أنه هو الوصي الذي لا بد منه في الوصية وقد يدخل تحته الشاهد وقد يكون المراد منه من يتولى ذلك بعد موته من وال أو ولي أو وصي أو من يأمر بالمعروف فكل هؤلاء يدخلون تحت قوله تعالى فَمَنْ خَافَ مِن مُّوصٍ إذا ظهرت لهم أمارات الجنف والاسم في الوصية أو علموا ذلك فلا وجه للتخصيص في هذا الباب بل الوصي والشاهد أولى بالدخول تحت هذا التكليف وذلك لأن بهم تثبت الوصية فكان تعلقهم بها أشد، المسألة الثانية لقائل أن يقول الضمير في قوله فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ لا بد وأن يكون

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير