تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

عائداً إلى مذكور سابق فما ذلك المذكور السابق وجوابه أن لا شبهة أن المراد بين أهل الوصايا لأن قوله مِن مُّوصٍ دل على من له الوصية فصار كأنهم ذكروا فصلح أن يقول تعالى: فأصلح بينهم كأنه قال فأصلح بين أهل الوصية وقال القائلون المراد فأصلح بين أهل الوصية والميراث وذلك هو أن يزيد الموصي في الوصية على قدر الثلث فالمصلح يصلح بين أهل الوصايا والورثة في ذلك وهذا القول ضعيف من وجوه أحدها أن لفظ الموصي إنما يدل على أهل الوصية لا على الورثة وثانيها أن الجنف والإثم لا يدخل في أن يوصي بأكثر من الثلث لأن ذلك لما لم يجز إلا بالرضا صار ذكره كلا ذكر ولا يحتاج في إبطاله إلى إصلاح لأنه ظاهر البطلان، المسألة الثالثة في بيان كيفية هذا الإصلاح وههنا بحثان: البحث الأول في بيان كيفية هذا الإصلاح قبل أن صارت هذه الآية منسوخة فنقول بينا أن ذلك الجنف والإثم كان إما بزيادة أو نقصان أو بعدول فإصلاحها إنما يكون بإزالة هذه الأمور الثلاثة ورد كل حق إلى مستحقه، البحث الثاني في كيفية هذا الإصلاح بعد أن صارت هذه الآية المنسوخة فنقول الجنف والإثم ههنا يقع على وجوه منها أن يظهر من المريض ما يدل على أنه يحاول منع وصول المال إلى الوارث إما بذكر إقرار أو بالتزام عقد فههنا يمنع منه ومنها أن يوصي بأكثر من الثلث ومنها أن يوصي للأباعد وفي الأقارب شدة حاجة ومنها أن يوصي مع قلة المال وكثرة العيال إلى غير ذلك من الوجوه أما قوله تعالى فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ ففيه مسألتان: المسألة الأولى لقائل أن يقول هذا المصلح قد أتي بطاعة عظيمة في هذا الإصلاح وهو يستحق الثواب عليه فكيف يليق به أن يقال فلا إثم عليه وجوابه من وجوه الأول أنه تعالى لما ذكر إثم المبدل في أول الآية وهذا أيضاً من التبديل بين مخالفته للأول وأنه لا إثم عليه لأنه رد الوصية إلى العدل والثاني لما كان المصلح ينقص الوصايا وذلك يصعب على الموصي له ويوهم فيه إثماً أزال الشبهة وقال فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ والثالث بين أن بالوصية والإشهاد لا يتحتم ذلك وأنه متى غير إلى الحق وإن كان خالف الوصية فلا إثم عليه وإن حصل فيه مخالفة لوصية الموصي وصرف لماله عمن أحب إلى من كره لأن ذلك يوهم القبح فبين الله عز وجل أن ذلك حسن لقوله فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ والرابع أن الإصلاح بين الجماعة يحتاج فيه إلى الإكثار من القول ويخاف فيه أن يتخلله بعض ما لا ينبغي من القول والفعل فبين تعالى أنه لا إثم على المصلح في هذا الجنس إذا كان قصده في الإصلاح جميلاً، المسألة الثانية دلت هذه الآية على جواز الصلح بين المتنازعين إذا خاف من يريد الصلح إفضاء تلك المنازعة إلى أمر محذور في الشرع .. وهذا الإصلاح فهو من جملة الطاعات فكيف به هذا الكلام وجوابه من وجوه أحدها أن هذا من باب تنبيه الأدنى على الأعلى كأنه قال أنا الذي أغفر الذنوب ثم أرحم المذنب فبأن أوصل رحمتي وثوابي إليك مع أنك تحملت المحن الكثيرة في إصلاح هذا المهم كان أولى وثانيها يحتمل أن يكون المراد أن ذلك الموصي الذي أقدم على الجنف والإثم متى أصلحت وصيته فإن الله غفور رحيم يغفر له ويرجحه بفضله وثالثها أن المصلح ربما احتاج في إيتاء الإصلاح إلى أقوال وأفعال كان الأولى تركها فإذا علم تعالى منه أن غرضه ليس إلا الإصلاح فإنه لا يؤاخذه بها لأنه غفور رحيم " ().

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي: " وقوله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل هذا أمر بالصلح وبالعدل في الصلح فإن الصلح قد يوجد ولكن لا يكون بالعدل بل بالظلم والحيف على أحد الخصمين فهذا ليس هو الصلح المأمور به فيجب أن لا يراعى أحدهما لقرابة أو وطن أو غير ذلك من المقاصد والأغراض التي توجب العدول عن العدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين أي العادلين في حكمهم بين الناس وفي جميع الولايات التي تولوها حتى إنه قد يدخل في ذلك عدل الرجل في أهله وعياله في أداء حقوقهم وفي الحديث الصحيح المقسطون عند الله على منابر من نور الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا إنما المؤمنون إخوة هذا عقد عقده الله بين المؤمنين أنه إذا وجد من أي شخص كان في مشرق الأرض ومغربها الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فإنه أخ للمؤمنين أخوة توجب أن يحب له المؤمنون ما يحبون لأنفسهم ويكرهوا له ما يكرهون لأنفسهم

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير