- وأما الآثار فلا حجة فيها مع وجود الأخبار المعارضة لها وكذا الآثار المعارضة لها
- وأما أنه من التشبه بأمور الجاهلية ففي فتاوى ابن حجر 2/ 53 حكاية عن الشيخ عز الدين بن عبد السلام: (ومن عظم رجبا بجهة غير ما كانت الجاهلية يعظمونه به فليس مقتديا بهم وليس كل ما فعلوه منهيا عن فعله إلا إذا نهت الشريعة عنه أو دلت القواعد على تركه ولا يترك الحق لكون أهل الباطل فعلوه والذي ينهى عن صومه جاهل معروف بالجهل ولا يحل لمسلم أن يقلده في دينه إذ لا يجوز التقليد إلا لمن اشتهر بالمعرفة بأحكام الله تعالى وبمآخذها والذي يضاف إليه ذلك بعيد عن معرفة دين الله تعالى فلا يقلد فيه ومن قلده غر بدينه ا هـ) اه
المبحث الثالث:
فوائد متممة في صوم رجب:
الأولى:
أن مذهب الزيدية في ذلك كالجمهور:
ففي البحر الزخار 3/ 272: (وندب صوم المحرم , لقوله صلى الله عليه وآله وسلم {أفضل الصيام} الخبر ونحوه ورجب , لقوله صلى الله عليه وآله وسلم {من صام يوما من رجب} الخبر ونحوه) اه
وفي الحاشية عليه: (قوله) {من صام يوما من رجب} ونحوه. تمامه {فكأنما صام سنة} وروي عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: {من صام سبعة أيام من رجب غلقت عنه أبواب جهنم} وروي عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: {شعبان شهري , ورجب شهرك يا علي , ورمضان شهر الله} حكي ذلك كله في الشفاء) اه
والثانية:
أن مذهب الشوكاني في ذلك كالجمهور:
ففي نيل الأوطار 4/ 291: (فائدة: ظاهر قوله في حديث أسامة: " إن شعبان شهر يغفل عنه الناس بين رجب ورمضان أنه يستحب صوم رجب ; لأن الظاهر أن المراد أنهم يغفلون عن تعظيم شعبان بالصوم كما يعظمون رمضان ورجبا به.
ويحتمل أن المراد غفلتهم عن تعظيم شعبان بصومه كما يعظمون رجبا بنحر النحائر فيه , فإنه كان يعظم ذلك عند الجاهلية وينحرون فيه العتيرة كما ثبت في الحديث , والظاهر الأول. والمراد بالناس: الصحابة , فإن الشارع قد كان إذ ذاك محا آثار الجاهلية , ولكن غايته التقرير لهم على صومه , وهو لا يفيد زيادة على الجواز.
وقد ورد ما يدل على مشروعية صومه على العموم والخصوص:
أما العموم: فالأحاديث الواردة في الترغيب في صوم الأشهر الحرم وهو منها بالإجماع. وكذلك الأحاديث الواردة في مشروعية مطلق الصوم.
وأما على الخصوص: فما أخرجه الطبراني عن سعيد بن أبي راشد مرفوعا بلفظ: {من صام يوما من رجب فكأنما صام سنة , ومن صام منه سبعة أيام غلقت عنه أبواب جهنم , ومن صام منه ثمانية أيام فتحت له ثمانية أبواب الجنة , ومن صام منه عشرة لم يسأل الله شيئا إلا أعطاه , ومن صام منه خمسة عشر يوما نادى مناد من السماء قد غفر لك ما مضى فاستأنف العمل , ومن زاد زاده الله} ثم ساق حديثا طويلا في فضله.
وأخرج الخطيب عن أبي ذر {من صام يوما من رجب عدل صيام شهر} وذكر. نحو حديث سعيد بن أبي راشد.وأخرج نحوه أبو نعيم وابن عساكر من حديث ابن عمر مرفوعا.وأخرج أيضا نحوه البيهقي في شعب الإيمان عن أنس مرفوعا.
وأخرج الخلال عن أبي سعيد مرفوعا {رجب من شهور الحرم , وأيامه مكتوبة على أبواب السماء السادسة فإذا صام الرجل منه يوما وجدد صومه بتقوى الله نطق الباب ونطق اليوم وقالا: يا رب اغفر له , وإذا لم يتم صومه بتقوى الله لم يستغفر له , وقيل: خدعتك نفسك}
وأخرج أبو الفتوح بن أبي الفوارس في أماليه عن الحسن مرسلا أنه قال صلى الله عليه وسلم: {رجب شهر الله , وشعبان شهري , ورمضان شهر أمتي}.
وحكى ابن السبكي عن محمد بن منصور السمعاني أنه قال: لم يرد في استحباب صوم رجب على الخصوص سنة ثابتة , والأحاديث التي تروى فيه واهية لا يفرح بها عالم ....
ولا يخفاك أن الخصوصات إذا لم تنتهض للدلالة على استحباب صومها انتهضت العمومات , ولم يرد ما يدل على الكراهة حتى يكون مخصصا لها.
وأما حديث ابن عباس عند ابن ماجه بلفظ: إن النبي صلى الله عليه وسلم {نهى عن صيام رجب} ففيه ضعيفان: زيد بن عبد الحميد , وداود بن عطاء.
(وعن رجل من باهلة ... قوله: (وصم أشهر الحرم) هي شهر القعدة والحجة ومحرم ورجب. وفيه دليل على مشروعية صومها.) اه
والثالثة:
جاء في موسوعة الفقه الكويتية 28/ 95:
(صوم الأشهر الحرم:
ذهب جمهور الفقهاء - الحنفية والمالكية والشافعية - إلى استحباب صوم الأشهر الحرم. وصرح المالكية والشافعية بأن أفضل الأشهر الحرم: المحرم , ثم رجب , ثم باقيها: ذو القعدة وذو الحجة ...
وذهب الحنابلة إلى أنه يسن صوم شهر المحرم فقط من الأشهر الحرم. وذكر بعضهم استحباب صوم الأشهر الحرم , لكن الأكثر لم يذكروا استحبابه , بل نصوا على كراهة إفراد رجب بالصوم , لما روى ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -: أن {النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام رجب}. ولأن فيه إحياء لشعار الجاهلية بتعظيمه.
وتزول الكراهة بفطره فيه ولو يوما , أو بصومه شهرا آخر من السنة وإن لم يل رجبا.) اه
هذا آخر المطاف والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه وأتباعه
عبد الفتاح بن صالح قُديَش اليافعي
اليمن – صنعاء
ذو الحجة / 1426 هـ