فالأول: ما ثبت في الصحيحين من حديث عائشة- رضي الله عنها- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)).وفي رواية لمسلم: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)).
الثاني: روى الترمذي وصححه، وابن ماجه وابن حبان في صحيحه عن العرباض بن سارية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة)).
الثالث: روى الإمام أحمد والبزار عن غضيف أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما أحدث قوم بدعة إلا رفع مثلها من السنة)) إلا أنه قال: ((ما من أمة ابتدعت بعد نبيها بدعة إلا أضاعت مثلها من السنة)).
الرابع: روى ابن ماجه وابن أبي عاصم عن أنس بن مالك-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أبي الله أن يقبل عمل صاحب بدعة حتى يدع بدعته)).ورواه الطبراني إلا أنه قال: ((إن الله حجب التوبة عن كل صاحب بدعة حتى يدع بدعته)).
وأما الاستصحاب:
فهو هنا استصحاب العدم الأصلي.
وتقرير ذلك أن العبادات توقيفية، فلا يقال: هذه العبادة مشروعة إلا بدليل من الكتاب والسنة والإجماع، ولا يقال: إن هذا جائز من باب المصلحة المرسلة، أو الاستحسان، أو القياس، أو الاجتهاد، لأن باب العقائد والعبادات والمقدرات كالمواريث والحدود لا مجال لذلك فيها.
وأما المعقول:
فتقريره أن يقال: لو كان هذا مشروعاً لكان أولى الناس بفعله محمد صلى الله عليه وسلم.
هذا إذا كان التعظيم من أجل الإسراء والمعراج، وإن كان من أجل الرسول الله صلى الله عليه وسلم وإحياء ذكره كما يفعل في مولده صلى الله عليه وسلم فأولى الناس به أبو بكر- رضي الله عنه- ثم عمر ثم عثمان ثم علي -رضي الله عنهم- ثم من بعدهم الصحابة على قدر منازلهم عند الله، ثم التابعون ومن بعدهم من أئمة الدين، ولم يعرف عن أحد منهم شيء من ذلك فيسعنا ما وسعهم) ا. هـ.
ثم ساق – رحمه الله – كلام ابن النحاس في كتابه تنبيه الغافلين حول بدعة الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج، جاء فيه: (أن الاحتفال بهذه الليلة بدعة عظيمة في الدين، ومحدثات أحدثها إخوان الشياطين).
وذكر الشيخ محمد بن إبراهيم في فتوى أخرى: (أن الاحتفال بذكرى الإسراء والمعراج أمر باطل، وشيء مبتدع، وهو تشبه باليهود والنصارى في تعظيم أيام لم يعظمها الشرع، وصاحب المقام الأسمى رسول الهدى محمد صلى الله عليه وسلم هو الذي شرع الشرائع، وهو الذي وضع ما يحل وما يحرم ثم إن خلفاءه الراشدين، وأئمة الهدى من الصحابة والتابعين لم يعرف عن أحد منهم أنه احتفل بهذه الذكرى، ثم قال: المقصود أن الاحتفال بذكرى الإسراء والمعراج بدعة، فلا يجوز ولا يجوز المشاركة فيه) ا. هـ
وأفتى-رحمه الله-: (بأن من نذر أن يذبح ذبيحة في اليوم السابع والعشرين من رجب من كل سنة فنذره لا ينعقد لاشتماله على معصية، وهي أن شهر رجب معظم عند أهل الجاهلية، وليلة السابع والعشرين منه يعتقد بعض الناس أنها ليلة الإسراء والمعراج، فجعلوها عيداً يجتمعون فيه، ويعملون أموراً بدعية، وقد نهى الرسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوفاء بالنذر في المكان الذي يفعل فيه أهل الجاهلية أعيادهم، أو يذبح فيه لغير الله فقال صلى الله عليه وسلم للذي نذر أن ينحر إبلاً ببوانة: ((هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد؟ قالوا: لا. قال: فهل كان فيها عيد من أعيادهم؟ قالوا: لا. فقال صلى الله عليه وسلم: أوف بنذرك، فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله، ولا فيما لا يملك ابن آدم)).
وقال الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز-رحمه الله -: (وهذه الليلة التي حصل فيها الإسراء والمعراج، لم يأت في الأحاديث الصحيحة تعيينها، وكل ما ورد في تعيينها فهو غير ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم عند أهل العلم بالحديث، ولله الحكمة البالغة في إنساء الناس لها، ولو ثبت تعيينها لم يجز للمسلمين أن يخصوها بشيء من العبادات ولم يجز لهم أن يحتفلوا بها لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه – رضي الله عنهم – لم يحتفلوا بها، ولم يخصوها بشيء، ولو كان الاحتفال بها أمراً مشروعاً لبينه الرسول صلى الله عليه وسلم للأمة إما بالقول أو الفعل، ولو وقع شيء من ذلك لعرف واشتهر، ولنقله الصحابة – رضي الله
¥