أحدهما: أنه يستحب إحياؤها جماعة في المساجد كان خالد بن معدان و لقمان بن عامر و غيرهما يلبسون فيها أحسن ثيابهم و يتبخرون و يكتحلون و يقومون في المسجد ليلتهم تلك و وافقهم إسحاق بن راهوية على ذلك و قال في قيامها في المساجد جماعة: ليس ببدعة نقله عنه حرب الكرماني في مسائله
و الثاني: أنه يكره الإجتماع فيها في المساجد للصلاة و القصص و الدعاء و لا يكره أن يصلي الرجل فيها لخاصة نفسه و هذا قول الأوزاعي إمام أهل الشام و فقيههم و عالمهم و هذا هو الأقرب إن شاء الله تعالى ...
و لا يعرف للإمام أحمد كلام في ليلة نصف شعبان و يتخرج في استحباب قيامها عنه روايتان من الروايتين عنه في قيام ليلتي العيد فإنه في رواية لم يستحب قيامها جماعة لأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه و سلم و أصحابه و استحبها في رواية لفعل عبد الرحمن بن يزيد بن الأسود و هو من التابعين
فكذلك قيام ليلة النصف لم يثبت فيها شيء عن النبي صلى الله عليه و سلم و لا عن أصحابه و ثبت فيها عن طائفة من التابعين من أعيان فقهاء أهل الشام) اهـ
وفي كشاف القناع للبهوتي 1/ 467: (ولا يقومه كله) لقول عائشة رضي الله عنها {ما علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم قام ليلة حتى الصباح} قال في الفروع: وظاهر كلامهم: ولا ليالي العشر , فيكون قول عائشة أنه أحيا الليل أي كثيرا منه أو أكثره ويتوجه بظاهره احتمال ويخرج من ليلة العيد ويحمل قولها الأول: على غير العشر , أو لم يكثر ذلك منه واستحبه شيخنا وقال قيام بعض الليالي كلها مما جاءت به السنة (إلا ليلة عيد) لحديث {من أحيا ليلة العيد أحيا الله قلبه يوم تموت القلوب} رواه الدارقطني في علله وفي معناها: ليلة النصف من شعبان كما ذكره ابن رجب في اللطائف) اهـ
وفي كشاف القناع أيضا 1/ 444: (وأما ليلة النصف من شعبان ففيها فضل وكان) في (السلف من يصلي فيها , لكن الاجتماع لها لإحيائها في المساجد بدعة ا هـ وفي استحباب قيامها) أي ليلة النصف من شعبان (ما في) إحياء (ليلة العيد هذا معنى كلام) عبد الرحمن بن أحمد (بن رجب) البغدادي ثم الدمشقي (في) كتابه المسمى (اللطائف) في الوظائف. ويعضده حديث {من أحيا ليلتي العيدين وليلة النصف من شعبان , أحيا الله قلبه يوم تموت القلوب} رواه المنذري في تاريخه بسنده عن ابن كردوس عن أبيه قال جماعة وليلة عاشوراء وليلة أول رجب وليلة نصف شعبان) اهـ
وفي غذاء الألباب للسفاريني 2/ 506: (في قول الناظم رحمه الله تعالى وخذ بنصيب ... إلى آخره إشارة إلى أنه لا يطلب قيام كل الليل. قال علماؤنا: ولا يقومه كله إلا ليلة عيد. هذه عبارة الإقناع.
وقال في الفروع: ولا يقوم الليل كله خلافا لمالك في رواية ذكره بعضهم قال وقل من وجدته ذكر المسألة. وقد قال الإمام أحمد رضي الله عنه: إذا نام بعد تهجده لم يبن عليه أثر السهر.
وفي الغنية: يستحب ثلثاه والأقل سدسه , ثم ذكر أن قيام الليل كله عمل الأقوياء الذين سبقت لهم العناية فجعل لهم موهبة. وقد روي أن عثمان قامه بركعة يختم فيها. قال وصح عن أربعين من التابعين , ومراده وتابعيهم
وظاهر كلامهم لا يقومه كله ولا ليالي العشر , فيكون قول عائشة رضي الله عنها {أحيا الليل} أي كثيرا منه أو أكثره. قال ويتوجه بظاهره احتمال وتخريج من ليلة العيد , ويكون قولها ما علمت {أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام ليلة حتى الصباح أي غير العشر أو لم يكثر ذلك منه}. قال واستحبه شيخنا وقال: قيام بعض الليالي كلها مما جاءت به السنة) اهـ
آثار عن السلف في ذلك إضافة إلى ما تقدم:
في التلخيص الحبير للحافظ ابن حجر: 2/ 160: (روى الخلال - في كتاب فضل رجب له - من طريق خالد بن معدان قال: خمس ليال في السنة من واظب عليهن رجاء ثوابهن وتصديقا بوعدهن أدخله الله الجنة: أول ليلة من رجب يقوم ليلها ويصوم نهارها , وليلة الفطر , وليلة الأضحى , وليلة عاشوراء , وليلة نصف شعبان.) اهـ
وفي التلخيص الحبير للحافظ ابن حجر: 2/ 160: (روى الخطيب في غنية الملتمس بإسناد إلى عمر بن عبد العزيز أنه كتب إلى عدي بن أرطاة: " عليك بأربع ليال في السنة , فإن الله يفرغ فيهن الرحمة: أول ليلة من رجب , وليلة النصف من شعبان , وليلة الفطر , وليلة النحر) اهـ
¥