تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

(محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ... الآية). ليس لهم في شيء من حطام هذه الدنيا الزائل مطمع ولا هدف ... لا ينتظرون ثناءً ولا أجراً إلا من خالقهم (الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى)، هؤلاء هم الذين قدموا الدعوة صافية عزيزة كريمة لا يكدرها طمع طامع، ولا جشع مستغل مكابر، ولا يعكر صفوها نعيق ناعق قد صد عن السبيل، واستغلق عن الفهم .. ولا يقف في سبيلها من تعلق بدنيا فانية أو جاه أو سلطان ... نماذج قدمت دماءها زيتا لمصباح الرسالة العظمى الخاتمة، وقدمت أموالها وحياتها رخيصة في سبيل رفع راية الإيمان والتوحيد؛ شعارُها (فاعلم أنه لا إله إلا الله) وغايتها مرضاة الله تبارك وتعالى.

لقد كانت هذه العصابة المؤمنة الحزام الناسف لكل أوهام تلك الجاهلية العاتية التي كانت تتصدى لدعوة الحق والإيمان، وكانت فوُّهة البركان التي فجرت الموقف ودكت عروش القياصرة والأكاسرة ومن شاكلهم ثم انساحت في الأرض وانساح معها ما كانت تكمنه من قوىً خيرة حملت مشعل الهداية وتابعت المسيرة لتنقل للناس كل الناس منهج الحق والعدل والإخاء في جلاء وقوة وصفاء .. فأحرقت الظلم والظالمين بنور الهداية، وحطمت الطغاة المارقين بسيف العدالة وأعلنت في الأرض شعارها لتكوي الطواغيت بحر نارها (الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفا) (الآية الكريمة: 76 / سورة النساء).

فمن أين خط البدء ونقطة التحول في مسار هذه القافلة التي تجد أنها تتغذى من (شجرة مباركة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها) ويتراءى لي فوق تلك الأغصان في العلياء نجوم سطع ضوءها ولمعت في سماء الدعوة وهي تمثل في أضوائها ونورها المبدأ والمنبع والمصدر الذي تلقت عنه فارتفعت به إلى هذا المجد السامق.

مجاهدون فقهاء علماء كادوا من فقههم أن يكونوا أنبياء أولئك الأبطال من صحابة رسول الله صلوات الله وسلامه عليه ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (العلماء ورثة الأنبياء) وصدق الله العظيم القائل: (إنما يخشى الله من عباده العلماء).

ويتراءى لي في هذه المسيرة وهذا الركب الذي أوله نبي الله نوح وآخره الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم .. يتراءى لي آل ياسر (ياسر، وسمية، وعمار).

يتراءى لي صهيب الرومي وبلال بن رباح الحبشي .. وخبيب وخباب ولبيبة جارية بني مؤمّل بن حبيب بن كعب .. ويتوج هذه القافلة ابن أم عبد (عبد الله بن مسعود) بتحديه لحلقات الكفر ورؤوسه عند الكعبة المشرفة معلنا صوته بالقرآن الكريم (بسم الله الرحمن الرحيم. الرحمن. علم القرآن. خلق الإنسان. علمه البيان .. ) فيتعالى للإيمان بنيانه، وتمتد وتقوى وترتفع أركانه .. وعندها نرى الطغيان يرغي ويزبد .. ويصول ويجول .. فلا يتجاوز كونه باطلاً مبتوراً ويكون هذا الحدث إيذانا بفجر جديد وإنذاراً للجاهلية العاتية والكفر العنيد فتتهاوى عروشه وتتحطم حصونه، وتنقلع عيونه فيهيم بعدها على وجهه .. فهذا فرعون هذه الأمة (أبو جهل) يحمل رأسه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن مسعود رضي الله عنه .. وللحديث بقية إن شاء الله يتبع =


ـ[أبو الخير صلاح كرنبه]ــــــــ[05 Sep 2007, 02:12 م]ـ
= يتبع الحلقة الرابعة:

وكعب بن الأشرف يقتله أبو نائلة وإخوانه في سرية محمد بن مسلمة رضي الله عنهم.
وتتتابع كتاب الحق والإيمان معلنة بصوتها المدوي ـ نداء الحق (الله أكبر) فتهتز له الجدران وتتجاوب معه الأركان من هذه المعمورة .. فيسقط ابن أبي الحقيق وينفق .. ويقضي أبو لهب، وتنال سيوف الحق رأس الزَبِير بن باطا القرظي؛ وبني قريظة _ المقاتلة منهم ـ ويقتل عدو الله حيي بن أخطب .. وتتوالى الانتصارات و تعلو الرايات رايات لا إله إلا الله محمد رسول الله ويُخَلِّد الكون ذكر هذا النبي ـ نبي الرحمة ـ؛ ويبتر ذكر أبي لهب وينطفئ إلا من لهب جهنم التي سيصلى نارها ويشتد عليه أوارها ثم يخلد فيها.
ـ كل ذلك بفضل من الله عز وجل ثم بفضل توجيهات الحبيب الأعظم محمد ومشاورته لأصحابه رضوان الله عليهم أجمعين وتماسكهم واتحادهم واجتماع كلمتهم على الحق المجسم بالإسلام العظيم الذي جاءنا الله عز وجل به لإنقاذ البشرية من الضلال إلى الهدى ومن الظلمات إلى النور.
ـ عن هذه المعاني أريد أن يكون لبناني شرف الخط والكتابة الذي أسأل الله تبارك وتعالى أن يوفقني إليه وأن يقبلني بفضله ومنِّه وكرمه وإحسانه لديه ... والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وبه وحده تنفرج الكربات ومنه سبحانه تأتي الانتصارات وترتفع الرايات.

ثم إلى الحلقة الخامسة وموضوعها:
الصفوة المختارة والقمة في حياة الأمة. يتبع إن شاء الله تبارك وتعالى=

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير