تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقد اغتر بهذا الحديث جماعة من الفقهاء كصاحب الإحياء وغيره، وكذا من المفسرين، وقد رويت صلاة في هذه الليلة؛ أعني ليلة النصف من شعبان على أنحاء مختلفة، كلها باطلة موضوعة، ولا ينافي هذا رواية الترمذي من حديث عائشة – رضي الله عنها – لذهابه – صلى الله عليه وسلم – إلى البقيع، ونزول الرب ليلة النصف إلى سماء الدنيا، وأنه يغفر لأكثر من عدة شعر غنم كلب " انظر الترمذي (739) وابن ماجة (1389) وأحمد (6/ 238)، فإن الكلام إنما هو في هذه الصلاة الموضوعة في هذه الليلة، على أن حديث عائشة – رضي الله عنها – هذا فيه ضعف وانقطاع، كما أن حديث علي – رضي الله عنه - الذي تقدم ذكره في قيام ليلها لا ينافي كون هذه الصلاة موضوعة، على ما فيه من الضعف حسبما ذكرناه، انتهى المقصود.

وقال الحافظ العراقي: حديث صلاة ليلة النصف موضوع على رسول الله – صلى الله عليه وسلم وكذب عليه وقال الإمام النووي في كتاب "المجموع" (الصلاة المعروفة بصلاة الرغائب، وهي اثنتا عشرة ركعة بين المغرب والعشاء ليلة أول جمعة من رجب، وصلاة ليلة النصف من شعبان مائة ركعة، هاتان الصلاتان بدعتان منكرتان ولا يغتر بذكرهما في كتاب (قوت القلوب) وإحياء علوم الدين، ولا بالحديث المذكور فيهما، فإن كل ذلك باطل، ولا يغتر ببعض من اشتبه عليه حكمهما من الأئمة فصنف ورقات في استحبابهما، فإنه غالط في ذلك وقد صنف الشيخ الإمام أبو محمد عبد الرحمن بن إسماعيل المقدسي كتاب نفيسا في إبطالهما، فأحسن فيه وأجاد، وكلام أهل العلم في هذه المسألة كثير جداً، ولو ذهبنا ننقل كل ما اطلعنا عليه من كل في هذه المسألة، لطال بنا الكلام، ولعل فيما ذكرنا كفاية ومقنعاً لطالب الحق، ومما تقدم من الآيات والأحاديث وكلام أهل العلم، يتضح لطالب الحق أن الاحتفال بليلة النصف من شعبان بالصلاة أو غيرها، وتخصيص يومها بالصيام، بدعة منكرة عند أكثر أهل العلم، وليس له أصل في الشرع المطهر، بل هو مما حدث في الإسلام بعد عصر الصحابة – رضي الله عنهم ويكفى طالب الحق في هذا الباب وغيره قول الله عز وجل: "اليوم أكملت لكم دينكم" [المائدة:3].

وما جاء في معناها من الآيات، وقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" (سبق تخريجه)، وما جاء في معناه من الأحاديث، وفي صحيح مسلم (1144) عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال: رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: "لا تخصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي، ولا تخصوا يومها بالصيام من بين الأيام، إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم" فلو كان تخصيص شيء من الليالي بشيء من العبادة جائزاً لكانت ليلة الجمعة أولى من غيرها، لأن يومها هو خير يوم طلعت عليه الشمس، بنص الأحاديث الصحيحة عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فلما حذر النبي – صلى الله عليه وسلم – من تخصيصها بقيام من بين الليالي، دل ذلك على أن غيرها من الليالي من باب أولى، لا يجوز تخصيص شيء منها بشيء من العبادة، إلا بدليل صحيح، يدل على التخصيص، ولما كانت ليلة القدر وليالي رمضان، يشرع قيامها والاجتهاد فيها، نبه النبي – صلى الله عليه وسلم – على ذلك، وحث الأمة على قيامها، وفعل ذلك بنفسه، كما في الصحيحين البخاري (2009)، ومسلم (759) عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: "من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنوبه" فلو كانت ليلة النصف من شعبان أو ليلة أول جمعة من رجب، أو ليلة الإسراء والمعراج، يشرع تخصيصها باحتفال أو شيء من العبادة لأرشد النبي - صلى الله عليه وسلم – الأمة إليه، أو فعله بنفسه، لو وقع شيء من ذلك لنقله الصحابة – رضي الله عنهم – إلى الأمة، ولم يكتموه عنها، وهم خير الناس، وأنصح الناس بعد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ورضي الله عن أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وأرضاهم، وقد عرفت آنفاً من كلام العلماء أنه لم يثبت عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه رضي الله عنهم شيء من فضل ليلة أول جمعة من رجب، ولا في ليلة النصف من شعبان، فعلم أن الاحتفال بهما بدعة محدثة في الإسلام، وهكذا تخصيصها بشيء من العبادة بدعة منكرة، وهكذا ليلة سبع وعشرين من رجب التي يعتقد بعض الناس

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير